عنوان الفتوى : التحاكم إلى القوانين الوضعية عند الضرورة
بسم الله الرحمن الرحيمالموضوع باختصار، نحن نعيش فى بلد أوروبي وقد قامت منذ أسبوعين مرشحة الحزب الجمهورى بسبب الانتخابات بسب الرسول الكريم والطعن فى شرفه الشريف، وأردنا أن نفعل شيئا للرد على هذه المرأة وكان من ضمن الاقتراحات من أحد أفراد الجالية الإسلامية من الذين يعرفون قانون البلد ويفهمونه جيداً وهو بأن نرفع دعوى قضائية ضد هذه المرأة لدى النائب العام كل شخص باسمه وصفته وتشجع كثير من المسلمين لهذه الفكرة وأبدوا تحمسهم واستعدادهم لهذا الأمر لأنهم يريدون أن يفعلوا شيئاً للدفاع عن رسولهم ونبيهم، وعرضنا هذه الفكرة على إمام المسجد وطلبنا منه أن يبلغ المصلين يعد صلاة الجمعة بهذا الأمر، وما إن قام الإمام بتبليغ هذا الأمر إلا أن قام بعض الأشخاص بإنكار هذا الأمر على الإمام واعتبروه من مسائل التحاكم إلى الطاغوت وسارت هناك مشادات ومناقشات حتى إنهم حكموا على الإمام أنه مشرك ومن يصلي خلفه مشرك أيضا، ونحن منذ ذلك الوقت نعيش داخل المسجد فى فرقة وفتنة، و
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا شك أن الأصل أنه لا يجوز التحاكم إلى القوانين الوضعية، لما فيها من مخالفة واضحة ومنابذة شديدة لأحكام الله تعالى التي أنزلها في كتابه وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم وأوجب التحاكم إليها، هذا هو الأصل. ولكن إذا لم يتمكن المرء من الحصول على حقه إلا بهذا الطريق فقد أفتى بعض العلماء في العصر الحاضر، ومنهم الشيخ ابن العثيمين رحمه الله تعالى بجواز التحاكم إلى هذه القوانين للضرورة، وإذا كان هذا في حق مالي، فأولى إن كان الأمر متعلقاً بعرض رسول الله صلى الله عليه وسلم والدفاع عنه.
وبناء على هذا فلا نرى مانعاً من التحاكم إلى هذه القوانين (في مثل هذه الحالة) إن كان من الممكن أن توقف هذه المرأة أو غيرها عند حدها وتحول بينها وبين التطاول على رسول الله صلى الله عليه وسلم والنيل منه، وننبه إلى أن هذه المسألة -نعني مسألة التحاكم إلى القوانين الوضعية في مثل هذه الظروف الخاصة- لا تعدو أن تكون من مسائل الاجتهاد فلا يجوز أن يكفر فيها المسلم أخاه المسلم.
والله أعلم.