عنوان الفتوى : حكم قضاء الفوائت بالتيمم
هل يجوز قضاء الدين من الصلوات بالتيمم؟ أرجو الإجابة حسب قول كل مذهب من المذاهب الأربعة. جزاكم الله خيرا.
خلاصة الفتوى: إذا كان الشخص في ذمته بعض الصلوات الفائتة حال قدرته على الوضوء أو عجزه عنه فعجز عنه لمرض أو عدم ماء مثلا عند إرادته لقضائها أجزأه قضاء تلك الفوائت بالتيمم عند أصحاب المذاهب الأربعة، والذي عليه أكثر العلم اشتراط التيمم لكل فريضة فائتة على حدة فلا يصلى بالتيمم الواحد أكثر من فريضة واحدة.
فالذي عليه أصحاب المذاهب الأربعة أن الصلوات التي فاتت في حال القدرة على الوضوء يجزئ قضاؤها بالتيمم عند مشروعيته لمرض أو عدم الماء مثلا.
ففي حاشية الدسوقي المالكي: ومن فاتته صلاة حال قدرته على القيام أو الماء ثم عجز عنه قضاها بما قدر عليه من الجلوس والتيمم. انتهى
وفي الدر المختار الحنفي: صلى في مرضه بالتيمم والإيماء ما فاته في صحته صح ولا يعيد لو صح. انتهى
وفي كشاف القناع ممزوجا بمتن الإقناع الحنبلي: ويصح التيمم لفائتة إذا ذكرها وأراد فعلها لصحة فعلها كل وقت لا قبله. انتهى.
وفي نهاية المحتاج للرملي الشافعي:
ولا فرق في الفرض بين الأداء والقضاء فوقت الفائتة بتذكرها، ولو تذكر فائتة فتيمم لها ثم صلى به حاضرة أو عكسه جاز. انتهى.
وأكثر أهل العلم على أن التيمم الواحد لا يصلى به أكثر من فريضة فائتة واحدة.
وعليه فيتعين عند الشروع في قضاء تلك الفوائت التيمم لكل فريضة على حدة
قال النووي في المجموع:
فرع في مذاهب العلماء فيما يباح بالتيمم الواحد من فرائض الأعيان. مذهبنا: أنه لا يباح إلا فريضة واحدة، وبه قال أكثر العلماء. وحكاه ابن المنذر عن علي بن أبي طالب وابن العباس وابن عمر والشعبي والنخعي وقتادة وربيعة ويحيى الأنصاري ومالك والليث وأحمد وإسحاق. وحكي عن ابن المسيب والحسن والزهري وأبي حنيفة ويزيد بن هارون أنه يصلي به فرائض ما لم يحدث، قال: وروي هذا أيضا عن ابن عباس وأبي جعفر، وقال أبو ثور: يجوز أن يجمع فوائت بتيمم ولا يصلي به بعد خروج الوقت فريضة أخرى هذا ما حكاه ابن المنذر. وقال المزني وداود: يجوز فرائض بتيمم واحد كما قال أبو حنيفة وموافقوه، قال الروياني في الحلية: وهو الاختيار وهو الأشهر من مذهب أحمد خلاف ما نقله عنه ابن المنذر، واحتج لمن جوز فرائض بتيمم واحد، بقوله صلى الله عليه وسلم: الصعيد الطيب وضوء المسلم ما لم يجد الماء وهو حديث صحيح سبق بيانه، وبالقياس على الوضوء وعلى الجمع بين نوافل بتيمم وعلى مسح الخف ; ولأن الحدث الواحد لا يجب له طهران. واحتج أصحابنا بقوله تعالى:(إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ)إلى قوله تعالى( فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا) فاقتضى وجوب الطهارة عند كل صلاة، فدلت السنة على جواز صلوات بوضوء فبقي التيمم على مقتضاه، واحتجوا بحديث ابن عباس المذكور في الكتاب، ولكنه ضعيف رواه الدارقطني والبيهقي وضعفاه ; فإنه من رواية الحسن بن عمارة، وهو ضعيف، واحتج البيهقي بما رواه عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: " يتيمم لكل صلاة وإن لم يحدث ". قال البيهقي: إسناده صحيح قال: وروي عن علي وابن عباس وعمرو بن العاص، ولأنهما مكتوبتان فلا تباحان بطهارة ضرورة كصلاتي وقتين في حق المستحاضة ; ولأنها طهارة ضرورة فلا يباح بها إلا قدر الضرورة. والجواب عن احتجاجهم بالحديث: أن معناه يستبيح بالتيمم صلاة بعد صلاة بتيممات، وإن استمر ذلك عشر سنين حتى يجد الماء. هذا معناه عند جميع العلماء، وعن قياسهم على الوضوء: أنه طهارة رفاهية يرفع الحدث، والتيمم طهارة ضرورة فقصرت على الضرورة. وعن النوافل أنها تكثر ويلحق المشقة الشديدة في إعادة التيمم لها فخفف أمرها لذلك، كما خفف بترك القيام فيها مع القدرة وبترك القبلة في السفر، ولا مشقة في الفرائض، ولهذا المعنى فرق الشرع بين قضاء الصوم والصلاة في الحائض، وعن مسح الخف بأنه طهارة قوية، يرفع الحدث عن معظم الأعضاء بالاتفاق، وكذا عن الرجل على الأصح، والتيمم بخلافه، ولأن مسح الخف تخفيف ولهذا يجوز مع إمكان غسل الرجل، والتيمم ضرورة لا يباح إلا عند العجز، فقصر على الضرورة، وعن قولهم: الحدث الواحد لا يوجب طهارتين أن الطهارة هنا ليست للحدث بل لإباحة الصلاة، فالتيمم الأول أباح الصلاة الأولى والثاني الثانية والله أعلم. انتهى
والله تعالى أعلم.