عنوان الفتوى : ولد الزنا لا يتزوج من بنات (أبيه) الزاني
في فتوى لكم عن نسب ولد الزنا ، اعتبرتم أنه ينسب لأمه ، ولا يثبت نسبه لأبيه ، وهذا أيضا ما ورد في إجابة فتوى باللغة الإنجليزية في هذا الموقع .ولكن في هذه الحالة يكون الولد من الزنا لا يعتبر من المحارم بالنسبة لبنات أبيه من امرأة أخرى ، وهذا يترتب عليه أنه يجوز له الزواج من بنات أبيه ، وهذا ما لا يحل شرعا ، وأنا أرى والله أعلم أن ما ذهبتم إليه يحتاج إلى مراجعة ، خاصة إذا كان الأب متقينا أن الولد هو ابنه وأنها ( التي زنا بها لم تعاشر غيره قبل الحمل) وأرجو منكم الاطلاع على ما ورد في هذا الأمر في كتاب نيل الاوطار للشوكاني . وجزاكم الله خيرا.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن ابن الزنا لا ينسب إلى الزاني ، ولا يلزم من ذلك إباحة أن يتزوج من محارمه من جهة أبيه من الزنا، فولد الزنا عند جماهير العلماء ولد في التحريم، وإن لم يكن ولداً في الميراث والمحرمية، وغير ذلك من أحكام النسب الأخرى، لأن أحكام النسب تتبعض في العين الواحدة، فمثلاً الرضاعة يثبت لها من أحكام النسب الحرمة والمحرمية، ولا يثبت لها وارث ولا عقل ولا دية ولا نفقة، ولا غير ذلك من أحكام النسب، وكأمهات المؤمنين فهن أمهات في الحرمة لا في المحرمية وغيرها، وكما أمر النبي صلى الله عليه وسلم سودة رضي الله عنها بالاحتجاب عن ولد زمعة عملاً بشبهه بعتبة بن أبي وقاص، وجعله أخاً لها من الميراث عملاً بموجب الولد للفراش.
قال ابن تيمية - بعد أن ذكر حرمة التزوج من البنت من الزنا-: (وأما قول القائل: إنه لا يثبت في حقها الميراث ونحوه، فجوابه أن النسب تتبعض أحكامه، فقد يثبت بعض أحكام النسب دون بعض، كما وافق أكثر المنازعين في ولد الملاعنة على أنه يحرم على الملاعن ولا يرثه). انتهى.
وأما الشوكاني رحمه الله فلم نطلع له في نيل الأوطار على قول يخالف فيه الجمهور في هذه المسألة، سواء في كتاب الطلاق باب: أن الولد للفراش دون الزاني، أو في كتاب الفرائض باب: ميراث ابن الملاعنة والزانية منهما، وميراثهما منه، وانقطاعه من الأب.
والله أعلم.