عنوان الفتوى : تهافت الزعم بأن القرآن لم يرد فيه الأمر بالحجاب

مدة قراءة السؤال : 3 دقائق

لقد قرأت المقالة التالية. الرجاء الرد عليها ردا كاملا وشافيا لكي أبعث بها كرد على المرسل. المقالة: الحجاب غير مطلوب في الإسلام. الحديث عن الزواج والنساء يقودنا للحديث عن الحجاب.. فثمة اختلاف بين الفقهاء حوله وحول تفاصيله وتفسير الآيات التي تشير إليه.. كيف ترى أنت للحجاب؟ كلمة الحجاب في القرآن الكريم تعني ستارا أو سورا.. وجعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة حجابا مستورا.. وفي سورة الأحزاب: إذا سألتموهن متاعا فأسلوهن من وراء حجاب.. إذن الحجاب هنا أيضا هو الحاجز المعنوي آو الستارة المادية. وفيما يخص اللباس؟ فيما يخص اللباس ربنا سماه شيئا آخر (الخمار) وليضربن بخمرهن على جيوبهن.. إذن علينا أن نتحدث عن موضوع الخمار وليس الحجاب. ربنا قال: وليضربن بخمرهن..ألم ترد في القرآن كلمة الحجاب اقترانا مع جسم المرأة؟ لا، ربنا أوردها بالخمر لذلك فالقرآن في اختياره للألفاظ يظهر الإعجاز.. فالخمر من الخمرة وتعني غطاء.. أي يغطي العقل.. فهل قال القرآن فليضربن بخمرهن على رؤوسهن؟ قال على جيوبهن والجيب هو الصدر.. إذن الرأس مكشوف. فالقرآن حين يتحدث عن الوضوء يقول: فامسحوا رؤوسكم إذن.. إذن القرآن في كلام عن الطهارة يشير للأعضاء المكشوفة وعليه تستوي المرأة مع الرجل في ذلك. أما كلام القرآن للنبي قل لأزواجك .......يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين.. هو إضافة لطيفة لتغطية أسفل القدمين.. ولو كان الحجاب يعني باللباس لما جاء أمر غض النظر على الرجال والنساء فاذا كان الحجاب مفروضا لماذا يأتي تشريع بغض النظر..نعم هذا صحيح.. ثم يأتي الفقه السلفي ليركز فقط على الأمر التشريعي ويتطرف فيه ويتحول من خمار إلى حجاب ثم يتحول الحجاب إلى نقاب.. وبالنهاية يؤدي إلى نتيجة معكوسة وهي أن تحت هذا النقاب أو الخمار المفروض تحترف المرأة الزنا.. ونفس الأمر في الجهاد حين يتم التركيز على قاتلوا فيتحول الأمر لاعتداء.

مدة قراءة الإجابة : 5 دقائق

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فمن يقول بأن القرآن لم يؤمر فيه النساء بالحجاب، وأن أمرهن بالإدناء عليهن من جلابيبهن معناه تغطية أسفل القدمين... إلى غير ذلك من الهراء الذي ورد في تلك المقالة...

نقول: إن مثل هذا الكلام لا يصدر عمن له أقل قدر من المعرفة، ذلك أن الصحابة -رضي الله عنهم- قد سموا الآيات التي فيها أمر النساء بالتستر، سموها بآيات الحجاب.

 روى البخاري قال عمر: وافقت ربي في ثلاث، فقلت: يا رسول الله؛ لو اتخذنا من مقام إبراهيم مصلى. فنزلت: وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى، وآية الحجاب، قلت: يا رسول الله؛ لو أمرت نساءك أن يحتجبن فإنه يكلمهن البر والفاجر. فنزلت آية الحجاب... الحديث.

وآيات الحجاب هي قول الله تعالى: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا. {الأحزاب: 59}.

وقوله تعالى: وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آَبَائِهِنَّ أَوْ آَبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ. {النور: 31}.

ومعلوم عند أهل اللغة أن الخُمر جمع خمار وهو ما يخمَر به أي يغطى به الرأس، وذلك ما فهمه الصحابيات -رضي الله عنهن- فقد جاء في تفسير القرطبي: روى البخاري عن عائشة أنها قالت: رحم الله نساء المهاجرات الأول، لما نزل: وليضربن بخمرهن على جيوبهن.. شققن أزرهن فاختمرن بها. ودخلت على عائشة حفصة بنت أخيها عبد الرحمن رضي الله عنهم وقد اختمرت بشيء يشف عن عنقها وما هنالك، فشقته عليها وقالت: إنما يضرب بالكثيف الذي يستر.

وقال الحافظ ابن حجر في فتح الباري بشرح صحيح البخاري: (فاختمرن بها) أي: فغطين وجوههن. اهـ

ثم كيف يطالب النساء بضرب الخمر على الصدور، ويسمح لهن مع ذلك بكشف الرأس؟ وقد عُلم أن الخمر هي أغطية الرؤوس؟

ثم ما العلاقة التي يريد صاحب المقال أن يبرزها بين قول الله تعالى: فامسحوا برؤوسكم [وقد أخطأ في نقلها] وبين الأعضاء المكشوفة.. ليستنتج من ذلك مساواة المرأة للرجل؟

ثم هو أيضا يقول: إن الحجاب لو كان يعنى به اللباس لما جاء أمر الرجال والنساء بغض البصر.

فنقول له: إنه لو كان له قدر من الفهم لعلم أن الأمر بغض البصر دليل على وجوب ستر البدن؛ لأن المأمور بالستر قد لا يمتثل، كما هو حال الكفرة والفساق، فيرد ضرورة أمر الناظر بغض بصره. كما أنه -حتى مع امتثال المأمور- فإن انكشاف جزء من البدن يبقى دائما محتملا، وبالتالي يكون من الوارد الأمر بغض البصر.

علما بأن الفتنة وتعلق هذا الجنس أو ذاك بالجنس الآخر قد تحصل مع التستر، وبالتالي فمن الوارد الأمر بغض البصر.

ثم هو يقول: إن القرآن في الكلام عن الطهارة [الوضوء] يشير إلى الأعضاء المكشوفة، ومعلوم أن هذا أبعد ما يكون عن الصحة، لأن الرجل لم يؤمر في الوضوء بغسل ساقيه ولا عنقه أو عضده، وهي أعضاء مكشوفة منه في الغالب، ولم يُقَل بوجوب سترها...

وصفوة القول -إذاً- أن هذه المقالة لا تستحق الرد، لأنها لم تصدر عمن له إلمام بأمر الدين أو اللغة، وإنما رددنا عليها استجابة لطلبك أنت ونزولا عند رغبتك.

والله أعلم.