عنوان الفتوى : مذهب عمر رضي الله عنه في التيمم
السلام عليكم يرجى شرح حديث التيمم الذي دار بين عمر وعمار، وهل صحيح أن عمر خالف ظاهر القرآّن؟
الحمد لله وصلى الله وسلم على محمد وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد كان مشهوراً من مذهب عمر بن الخطاب وعبد الله بن مسعود رضي الله عنهما أن الجنب لا يطهره إلا الماء ، ولا يستبيح بالتيمم صلاة.
قال أبو عمر:" هذا معروف مشهور عند أهل العلم عن ابن مسعود وعمر ، لا يجهله إلا من لا عناية له بالآثار ، وبأقاويل السلف.".
روى الإمام البخاري في صحيحه عن عبد الرحمن بن أبزى قال: جاء رجل إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال : إني أجنبت فلم أصب الماء ، فقال عمار بن ياسر لعمر بن الخطاب رضي الله عنه: أما تذكر أنا كنا في سفر أنا وأنت ، فأما أنت فلم تصل ، وأما أنا فتمعكت فصليت. فذكرت للنبي صلى الله عليه وسلم ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : "إنما كان يكفيك هكذا ، فضرب النبي صلى الله عليه وسلم بكفيه الأرض ونفخ فيهما ثم مسح بهما وجهه وكفيه"
وفي رواية مسلم فقال عمر: اتق الله يا عمار. قال : إن شئت لم أحدث به. قال الإمام النووي :" معناه قال عمر لعمار: اتق الله فيما ترويه وتثبت ، فلعلك نسيت أو اشتبه عليك الأمر. وأما قول عمار إن شئت لم أحدث به ، فمعناه -والله أعلم- إن رأيت المصلحة في إمساكي عن التحديث راجحة على مصلحة تحديثي به أمسكت. فإن طاعتك واجبة علي في غير المعصية ، وأصل تبليغ هذه السنة وأداء العلم قد حصل ، فإذا أمسك بعد هذا لا يكون داخلاً فيمن كتم العلم" ا.هـ
أما القول إن عمر خالف بهذا المذهب ظاهر القرآن ، فالجواب أنه كان متأولاً في ذلك ، إذ كان يعتقد أن الجنب لا يدخل في المعنى المراد بقوله تعالى (وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماءً فتيمموا صعيداً طيباً) فكان يذهب إلى أن الملامسة ما دون الجماع ، وكان مجتهداً في ذلك ، ولم تبلغه الأحاديث الخاصة في ذلك السالمة من المعارضة ، مثل حديث أبي ذر. وفي ذلك كما يقول ابن كثير :" ما يدلك على أن أخبار الآحاد العدول من علم الخاصة قد يخفى على الجليل من العلماء منها الشيء)
فليس فيما ذهب إليه عمر ما يحط من قدره ، طالما أنه قال على سبيل الاجتهاد ، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول:" إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران ، وإذا اجتهد وأخطأ فله أجر" متفق عليه.
والله أعلم.