عنوان الفتوى : تفسير آية ( إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم...) وواقع المسلمين المعاصر
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاتهوبعد .. عند تصفحي للفتوى المتعلقة بالهجرة - رقم 2007 - أود استفسارا و توضيحا أكثر في هذا الموضوع :* ما تفسيسر قوله تعالى " ألم تكن أرضي واسعة فتهاجروا فيها..."؟* إذا علمنا أن أغلب الدول العربية والإسلامية حكوماتها تظطهد مواطنيها وتسلب حقوقهم المادية والمعنوية و حتى التضييق في الشعائر الدينية ، و أن الدول الغربية - الكافرة - تصبح منبرا حرا للتعبير والمساواة . ماتعليقكم على هذا و جازاكم الله خيرا.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد جاء في تفسير الآية المذكورة ما رواه البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما أن ناساً من المسلمين كانوا مع المشركين يكثرون سواد المشركين على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فيأتي السهم فيرمى به، فيصيب أحدهم فيقتله أو يضرب فيقتل، فأنزل الله ( إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم) انتهى.
وقال ابن كثير في تفسيره نقلاً عن الضحاك -: هذه الآية الكريمة عامة في كل من أقام بين ظهراني المشركين وهو قادر على الهجرة وليس متمكناً من إقامة الدين، فهو ظالم لنفسه مرتكب حراماً بالإجماع وبنص الآية، حيث يقول الله تعالى: ( إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم ) أي بترك الهجرة: (قالوا فيم كنتم) أي لما مكثتم هاهنا وتركتم الهجرة (قالوا كنا مستضعفين في الأرض) أي لا نقدر على الخروج من البلد ولا الذهاب في الأرض ( قالوا ألم تكن أرض الله واسعة…الآية) انتهى. قال القرطبي: يفيد هذا السؤال والجواب أنهم كانوا مسلمين ظالمين لأنفسهم في تركهم الهجرة، وإلا فلو ماتوا كافرين لم يقل لهم شيء من هذا.
هذا وإن كانت الآية فيمن لم يتمكن من إظهار دينه بين الكفار، إلا أن فيها دلالة على أنه ينبغي الهجرة من البلد الذي يغلب عليه الكفر والمعاصي إلى غيره مما لا يوجد به ذلك. قال القرطبي: ( وفي هذه الآية دليل على هجران الأرض التي يعمل فيها بالمعاصي، وقال سعيد بن جبير إذا عمل بالمعاصي في أرض فاخرج منها وتلا ( ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها) انتهى. وقال الشوكاني ( وقد استدل بهذه الآية على أن الهجرة واجبة على كل من كان بدار الشرك أو دار يعمل فيها بمعاصي الله جهاراً، إذا كان قادراً على الهجرة، ولم يكن من المستضعفين) انتهى.
أما إذا اضطهد المسلم في بلده وخاف على دينه فعليه أن يهاجر منه إلى بلد يأمن فيه على نفسه ودينه، فإن وجد من بلاد الإسلام فذاك، وإلا جازت له الهجرة إلى بلاد الكفر بشرط أن يأمن فيها على دينه ونفسه.
والله أعلم.