عنوان الفتوى : هل الأفضل أن تصلى التراويح في المسجد أم البيت
الموطأ - رواية يحيى الليثي [ جزء 1 - صفحة 114 ] 250 - حدثني مالك عن بن شهاب عن عروة بن الزبير عن عبد الرحمن بن عبد القارئ أنه قال :خرجت مع عمر بن الخطاب في رمضان إلى المسجد فإذا الناس أوزاع متفرقون يصلى الرجل لنفسه ويصلى الرجل فيصلي بصلاته الرهط فقال عمر والله إني لأراني لو جمعت هؤلاء على قارئ واحد لكان أمثل فجمعهم على أبي بن كعب قال ثم خرجت معه ليلة أخرى والناس يصلون بصلاة قارئهم فقال عمر نعمت البدعة هذه والتي تنامون عنها أفضل من التي تقومون يعني آخر الليل وكان الناس يقومون أوله تنوير الحوالك [ جزء 1 - صفحة 105 ] 250 - أوزاع بسكون الواو بعدها زاي أي جماعة متفرقون فقوله في الرواية متفرقون تأكيد لفظي وقوله يصلي الرجل إلى آخره بيان لما أجمله أولا فقال عمر إلى آخره قال بن التين وغيره استنبط عمر ذلك من تقرير النبي صلى الله عليه وسلم من صلى معه في تلك الليالي وإن كان كره ذلك لهم فإنما كره خشية أن يفرض عليهم فلما مات صلى الله عليه وسلم حصل الأمن من ذلك ورأى عمر ذلك لما في الاختلاف من افتراق الكلمة ولآن الاجتماع على واحد أنشط لكثير من المصلين فجمعهم على أبي بن كعب أي جعله لهم إماما قال الحافظ بن حجر وكأنه اختاره عملا بقوله صلى الله عليه وسلم يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله وقد قال عمر أقرؤنا أبي وروى سعيد بن منصور من طريق عروة أن عمر جمع الناس على أبي بن كعب فكان يصلي بالرجال وكان تميم الداري يصلي بالنساء ورواه محمد بن نصر في كتاب قيام الليل له مه هذا الوجه فقال سليمان بن أبي حثمة بدل تميم قال بن حجر ولعل ذلك كان في وقتين ثم خرجت معه ليلة أخرى والناس يصلون بصلاة قارئهم أي إمامهم المذكور وهو صريح في أن عمر كان لا يصلي معهم لأنه كان يرى أن الصلاة في بيته ولا سيما في آخر الليل أفضل وقد روى محمد بن نصر في قيام الليل من طريق طاوس عن بن عباس قال جئت عمر في السحر فسمع هيعة الناس فقال ما هذا قيل خرجوا من المسجد وذلك في رمضان فقال ما بقي من الليل أحب مما مضى فقال عمر نعمت البدعة هذه أصل البدعة ما على غير مثال سابق وتطلق في الشرع على ما يقابل السنة أي ما لم يكن في عهده صلى الله عليه وسلم ثم تنقسم إلى الأحكام الخمسة والتي تنامون عنها أفضل قال بن حجر هذا تصريح منه بأن الصلاة في آخر الليل أفضل من أوله. صحيح البخاري [ جزء 2 - صفحة 707 ] 1906 - وعن ابن شهاب عن عروة بن الزبير عن عبد الرحمن بن عبد القاري أنه قال : خرجت مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه ليلة في رمضان إلى المسجد فإذا الناس أوزاع متفرقون يصلي الرجل لنفسه ويصلي الرجل فيصلي بصلاته الرهط فقال عمر إني أرى لو جمعت هؤلاء على قارئ واحد لكان أمثل ثم عزم فجمعهم على أبي بن كعب ثم خرجت معه ليلة أخرى والناس يصلون بصلاة قارئهم قال عمر نعم البدعة هذه والتي ينامون عنها أفضل من التي يقومون يريد آخر الليل وكان الناس يقومون أوله فتح الباري - ابن حجر [ جزء 4 - صفحة 252 ] 1906 - قوله اوزاع بسكون الواو بعدها زاي أي جماعة متفرقون وقوله في الرواية متفرقون تأكيد لفظي وقوله يصلي الرجل لنفسه بيان لما أجمل أولا وحاصله أن بعضهم كان يصلي منفردا وبعضهم يصلي جماعة قيل يؤخذ منه جواز الائتمام بالمصلى وأن لم ينو الإمامة قوله أمثل قال بن التين وغيره استنبط عمر ذلك من تقرير النبي صلى الله عليه وسلم من صلى معه في تلك الليالي وأن كان كره ذلك لهم فإنما كرهه خشية أن يفرض عليهم وكأن هذا هو السر في إيراد البخاري لحديث عائشة عقب حديث عمر فلما مات النبي صلى الله عليه وسلم حصل الأمن من ذلك ورجح عند عمر ذلك لما في الاختلاف من افتراق الكلمة ولان الاجتماع على واحد انشط لكثير من المصلين وإلى قول عمر جنح الجمهور وعن مالك في إحدى الروايتين وأبي يوسف وبعض الشافعية الصلاة في البيوت أفضل عملا بعموم قوله صلى الله عليه وسلم أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة وهو حديث صحيح أخرجه مسلم من حديث أبي هريرة وبالغ الطحاوي فقال أن صلاة التراويح في الجماعة واجبة على الكفاية وقال بن بطال قيام رمضان سنة لأن عمر إنما أخذه من فعل النبي صلى الله عليه وسلم وإنما تركه النبي صلى الله عليه وسلم خشية الافتراض وعند الشافعية في أصل المسألة ثلاثة أوجه ثالثها من كان يحفظ القرآن ولا يخاف من الكسل ولا تختل الجماعة في المسجد بتخلفه فصلاته في الجماعة والبيت سواء فمن فقد بعض ذلك فصلاته في الجماعة أفضل قوله فجمعهم على أبي بن كعب أي جعله لهم إماما وكأنه اختاره عملا بقوله صلى الله عليه وسلم يؤمهم أقرؤهم لكتاب الله وسيأتي في تفسير البقرة قول عمر اقرؤنا أبي وروى سعيد بن منصور من طريق عروة أن عمر جمع الناس على أبي بن كعب فكان يصلي بالرجال وكان تميم الداري يصلي بالنساء ورواه محمد بن نصر في كتاب قيام الليل له من هذا الوجه فقال سليمان بن أبي حثمة بدل تميم الداري ولعل ذلك كان في وقتين قوله فخرج ليلة والناس يصلون بصلاة قارئهم أي إمامهم المذكور وفيه إشعار بان عمر كان لا يواظب على الصلاة معهم وكأنه كان يرى أن الصلاة في بيته ولاسيما في آخر الليل أفضل وقد روى محمد بن نصر في قيام الليل من طريق طاوس عن بن عباس قال كنت عند عمر في المسجد فسمع هيعة الناس فقال ما هذا قيل خرجوا من المسجد وذلك في رمضان فقال ما بقي من الليل أحب إلى مما مضى ومن طريق عكرمة عن بن عباس نحوه من قوله قوله قال عمر نعم البدعة في بعض الروايات نعمت البدعة بزياة تاء والبدعة أصلها ما أحدث على غير مثال سابق وتطلق في الشرع في مقابل السنة فتكون مذمومة والتحقيق أنها أن كانت مما تندرج تحت مستحسن في الشرع فهي حسنة وأن كانت مما تندرج تحت مستقبح في الشرع فهي مستقبحة وإلا فهي من قسم المباح وقد تنقسم إلى الأحكام الخمسة قوله والتي ينامون عنها أفضل هذا تصريح منه بان الصلاة في آخر الليل أفضل من أوله لكن ليس فيه أن الصلاة في قيام الليل فرادى أفضل من التجميع. فما تعليقكم على فعل عمر وهل نقول بأفضلية الصلاة في البيت كما ذهب إلى ذلك عمر ؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فما قام به عمر رضي الله عنه من جمع الناس في صلاة التراويح على إمام واحد سنة لأنه أخذه من فعل النبي صلى الله عليه وسلم كما ذكر الحافظ ابن حجر في فتح الباري نقلا عن ابن بطال. وصلاة عمر للتراويح في بيته اجتهاد منه بأفضلية ذلك فكان يقوى عليه، وقد ثبت هذا عن بعض السلف ففي كتاب الأم للإمام الشافعي:
في قيام رمضان قال: وسألت مالكا عن قيام الرجل في رمضان أمع الناس أحب إليك أم في بيته ؟ فقال: إن كان يقوى في بيته فهو أحب إلي، وليس كل الناس يقوى على ذلك، وقد كان ابن هرمز ينصرف فيقوم بأهله، وكان ربيعة وعدد غير واحد من علمائهم ينصرف ولا يقوم مع الناس، قال مالك: وأنا أفعل مثل ذلك. انتهى
كما قد جاء عن عمر أيضا أنه كان يصلى مع الجماعة، والجمهور على أفضلية ذلك.
قال ابن قدامة في المغنى وهو حنبلى:
والمختار عند أبي عبد الله، فعلها في الجماعة، قال، في رواية يوسف بن موسى: الجماعة في التراويح أفضل، وإن كان رجل يقتدى به، فصلاها في بيته، خفت أن يقتدي الناس به. وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم: اقتدوا بالخلفاء. وقد جاء عن عمر أنه كان يصلي في الجماعة. وبهذا قال المزني، وابن عبد الحكم، وجماعة من أصحاب أبي حنيفة، قال أحمد: كان جابر، وعلي وعبد الله يصلونها في جماعة. قال الطحاوي: كل من اختار التفرد ينبغي أن يكون ذلك على أن لا يقطع معه القيام في المساجد، فأما التفرد الذي يقطع معه القيام في المساجد فلا. وروي نحو هذا عن الليث بن سعد. وقال مالك، والشافعي: قيام رمضان لمن قوي في البيت أحب إلينا. انتهى
وقال النووي في المجموع وهو شافعي:
فصلاة التراويح سنة بإجماع العلماء، ومذهبنا أنها عشرون ركعة بعشر تسليمات وتجوز منفردا وجماعة، وأيهما أفضل ؟ فيه وجهان مشهوران كما ذكر المصنف، وحكاهما جماعة قولين ( الصحيح ) باتفاق الأصحاب أن الجماعة أفضل، وهو المنصوص في البويطي، وبه قال أكثر أصحابنا المتقدمين. انتهى
وفي مجمع الأنهر الحنفي:
(بجماعة ) أي إقامتها بالجماعة سنة، فمن ترك التراويح بالجماعة وصلاها في البيت فقد أساء عند بعضهم، فالصحيح أن إقامتها بالجماعة سنة على وجه الكفاية حتى لو ترك أهل المسجد كلهم الجماعة أساءوا وأثموا، ولو أقامها البعض فالمتخلف عنها تارك الفضيلة، وإن صلاها بالجماعة في البيت فقد حاز إحدى الفضيلتين وهي فضيلة الجماعة دون فضيلة الجماعة في المسجد. انتهى
وفي شرح الخرشي على مختصر خليل المالكي:
والجماعة فيها مستحبة لاستمرار العمل على الجمع من زمن عمر، والانفراد فيها طلبا للسلامة من الرياء أفضل، والمراد بالانفراد فيها فعلها في البيوت ولو جماعة هذا إن لم تعطل المساجد فإن خيف من الانفراد في التراويح التعطيل فالمساجد أفضل. انتهى.
والله أعلم.