عنوان الفتوى : حكم لبس البلاتين للرجال
ما حكم لبس البلاتين للرجال؟
بسم الله ، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله ، وبعد:
فالبلاتين معدن من المعادن الكريمة ، ولا يجري عليه ما يجري على الذهب من أحكام ، فيجوز لبسه ، ولكن لابد من التفرقة بين البلاتين وبين الذهب الأبيض الذي هو نوع من أنواع الذهب ،فالذهب الأبيض لا يجوز لبسه ، ويجري عليه أحكام الذهب ، لأنه نوع منه .
وإن كان الإسلام ينهى عن الإسراف والتباهي ، فإن غلا سعر البلاتين ، وأصبح أعلى قيمة من الذهب ، واستعمل على نوع من الإسراف ، فينهى عنه ، وذلك بالنظر إلى علة تحريم الذهب، كما أن الإسراف في لبس الذهب والبلاتين خروج عن مظاهر الرجولة وكمالها ، وتشويها لصورة المسلم التي أرادها الإسلام له.
يقول الدكتور أحمد الحجي الكردي خبير الموسوعة الفقهية الكويتية :
فلا مانع من أن يلبس الرجل خاتما من البلاتين أو الفضة، ولكن لا يجوز له لبس الخاتم من الذهب الأحمر أو الذهب الأبيض. أ.هـ
ويقول الشيخ الشيرازي من فقهاء الشيعة :
أما (البلاتين) فإنه يجوز لبسه للرجال، لأنه ليس بذهب أصلاً، والذهب الطبيعي الذي يبيّض بالوسائل والذي يسمى بالذهب الأبيض محكوم بأحكام بالذهب .أ.هـ
و جاء في مجموعة فتاوى الهيئة الشرعية شركة الراجحي المصرفية للاستثمار:
معدن البلاتين هو نوع من المعادن الثمينة، ولا يلحق حكمه بالذهب والفضة، وإن سماه بعض الناس بالذهب الأبيض.أ.هـ
وإن كان الذهب محرما بإجماع الأمة على الرجال ، ولكن الذهب المشوب بغيره اختلف الفقهاء في حكمه ، فأباحه البعض وخاصة إن كان قليلا ، ولا يمكن انتزاع الذهب مما اختلط به.
يقول الشيخ محمد صالح المنجد من علماء المملكة العربية السعودية :
لبس الذهب للرجال حرام لحديث عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى خَاتَمًا مِنْ ذَهَبٍ فِي يَدِ رَجُلٍ فَنَزَعَهُ فَطَرَحَهُ ، وَقَالَ : يَعْمِدُ أَحَدُكُمْ إِلَى جَمْرَةٍ مِنْ نَارٍ فَيَجْعَلُهَا فِي يَدِهِ فَقِيلَ لِلرَّجُلِ بَعْدَ مَا ذَهَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خُذْ خَاتِمَكَ انْتَفِعْ بِهِ قَالَ: لا وَاللَّهِ لا آخُذُهُ أَبَدًا وَقَدْ طَرَحَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ “رواه مسلم .
وروى عَبْد اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أن رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: مَنْ لَبِسَ الذَّهَبَ مِنْ أُمَّتِي فَمَاتَ وَهُوَ يَلْبَسُهُ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ ذَهَبَ الْجَنَّةِ . وَمَنْ لَبِسَ الْحَرِيرَ مِنْ أُمَّتِي فَمَاتَ وَهُوَ يَلْبَسُهُ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ حَرِيرَ الْجَنَّةِ رواه الإمام أحمد
وهذا التحريم خاص بالرجال دون النساء كما روى عَلِيّ رضي الله عنه أنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَذَ حَرِيرًا فَجَعَلَهُ فِي يَمِينِهِ وَأَخَذَ ذَهَبًا فَجَعَلَهُ فِي شِمَالِهِ ثُمَّ قَالَ إِنَّ هَذَيْنِ حَرَامٌ عَلَى ذُكُورِ أُمَّتِي ” رواه النسائي وأبو داود
وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم : ” أُحِلَّ لُبْسُ الْحَرِيرِ وَالذَّهَبِ لِنِسَاءِ أُمَّتِي وَحُرِّمَ عَلَى ذُكُورِهَا ” . رواه الإمام أحمد
وإباحة الذهب للنساء مناسب لضعفهنّ ورقتهنّ وحاجتهنّ إلى الزينة ، قال الله تعالى : ( أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ)
أمّا الرجال فمن الميوعة ومنافاة الرجولة أن يتحلّوا بالذّهب ، والشريعة تريد إظهار الفرق بين الجنسين وتمييز خصائص كلّ منهما لما في تشبّه الفريقين ببعضهما من الفساد .
وتحريم الذهب على الرّجال يشمل الذهب النقي والمخلوط والمقطّع والمتّصل والمُطعّم ونحوها ، أمّا المموّه والمطلي فقد ذهب بعض العلماء إلى تحريمه على الرّجال إذا أمكن استخلاص شيء منه ( بقَشره مثلا ) وإذا لم يمكن استخلاص شيء منه فيجوز .
وقال بعضهم : إن كان الطلاء عاما أو كثيرا فلا يجوز لبسه ، وإن كان قليلا ( كعقارب الساعة أو أرقامها أو الحبّات الدقيقة فيها ) فيجوز لبسه حينئذ ، وقالوا : إنّ العبرة بما يظهر وليست بالقيمة فإذا كان طلاء الذّهب ظاهرا كثيرا أو عامّا فلا يجوز ثمّ إنّ فيه تهمة للشخص لأنّ كثيرا من النّاس لا يميّزون بين كونه طلاء أو معدنا وقد يقتدون بهذا الشخص فيلبسون الذّهب الخالص .
والله أعلم