أرشيف الاستشارات

عنوان الاستشارة : الغضب واتخاذ القرار في إدارة البيت .. الأسباب والعلاج

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

أنا شاب عمري 26 عاماً وملتزم، وأنا أكبر أخواتي، ومقبل على الزواج بعد شهور قليلة، ووالدي متوفى منذ فترة، وأنا متحمل مسئولية البيت، والرأي لي في كل شيء مكان أبي - رحمه الله - ولكن عندي مشاكل كثيرة.

منها أنني سريع الغضب، ومنها أنني لا أقدر أن أتحكم برأيي لحالي، ولكن عندما آخذ رأيا يقال لي هذا لا، وافعل كذا أنفذ، وغيره يقول العكس فأسمع كلامه، ودائماً في حيرة من أمري وسريع الرأي، وبعد أن آخذ الرأي أرجع أندم عليه مرة أخرى.

أريد أنا أكون صاحب رأي سديد ومرة واحدة، ويكون الرأي من تفكيري أنا ممكن الرجوع إلي أي شخص، ولكن يكون للاستشارة فقط ولا يكون لشيء آخر، فماذا أفعل وبما تنصحوني؟

كما أنني دائماً سريع النسيان.

مدة قراءة الإجابة : 9 دقائق

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأله تبارك وتعالى أن يبارك فيك، وأن ييسر أمرك، وأن يشرح صدرك، وأن يكرمك بحسن الخلق والقدرة على حزم الأمور، وأن يمنَّ عليك بحياة زوجية سعيدة طيبة مباركة، وأن يجعلك باراً بأهلك محسناً إلى إخوانك معيناً لهم على السعادة والأمن والأمان.

أولاً: وبخصوص ما ورد برسالتك - أخي الكريم الفاضل – من أنك سريع الغضب وأنك لا تقدر على أن تتحكم برأيك، وأنك كثير التردد وأنك سريع النسيان، هذه كلها عوامل من الممكن علاجها - بإذن الله تعالى – ولكن تحتاج منك أولاً إلى صبر جميل، لأنك تعلم أن تغير أنماط السلوك ليس بالأمر الهين، فإنك عشت فترة طويلة مع هذه السلوكيات التي أنت لست براضٍ عنها؛ لأنها قطعاً مزعجة، والتخلص منها لن يكون بين عشية وضحاها، وإنما يحتاج منك إلى نوع من الصبر الجميل، وبالصبر - كما تعلم – تتحقق الكثير من الإنجازات، ولذلك قال النبي عليه الصلاة والسلام: (واعلم أن النصر مع الصبر)، فالصبر ليس هروباً من المشكلة وليس هزيمة، وإنما الصبر استعمال سلاح قوي لمواجهة المشكلة ولكن مع نفس طويل، فالصبر سلاح عظيم، ولذلك أمرنا الله تبارك وتعالى به وأثنى على الصابرين.

ثانياً: أن تأخذ قراراً بضرورة تغيير نفسك، وأن هذه السلبيات لابد أن تنتهي إلى غير رجعة، لابد أن تكون جاداً فعلاً، وأنا أعتقد أنك جاد لمجرد أنك كتبت إلى إخوانك في هذا الموقع، معناه أنك تعاني من مشكلة فعلاً وأنك جاد في حلها.

ثالثاً: أن تُلزم نفسك بما سيقال لك من توجيهات، وأن تكون حازماً في تنفيذها، حتى تستطيع أن تخرج من هذا الوضع الذي أنت فيه إلى الوضع الذي ينبغي أن تكون عليه.

رابعاً: هذا التغيير ليس صعباً ولا مستحيلاً، وإنما يحتاج – كما ذكرتُ – إلى صبر وحلم، وإلى التسلح بالعلم؛ لأن هذه المسائل علاجها في تعلم بعض المهارات الجديدة التي تساعدك على التخلص من ذلك كله.

أبدأ معك بالغضب، فالغضب - كما تعلم – صفة ذميمة الشيطان يستغلها ليقتل الإنسان نفسه، كما يحدث في حالات الانتحار، وقد يسب أمه وقد يسب أباه وقد يضرب إنساناً ضربة فيقتله أو يسبب له عاهة مستديمة أو غير ذلك، وقد يحدث الطلاق عادة في حالات الغضب والألفاظ البذيئة والعبارات القاسية لا تخرج غالباً إلا في حالات الغضب، ولذلك لابد لك من علاج الغضب.

النبي عليه الصلاة والسلام وضع لنا علاجاً، وهو الاستعاذة من الشيطان الرجيم، فعندما تبدأ الغضب تستعيذ بالله من الشيطان الرجيم، ومما ورد في السنة سواء أكان ذلك من كلام النبي عليه الصلاة والسلام أو غيره، أن الإنسان إذا كان غاضباً فليتوضأ، وهذا أيضاً من سنة النبي عليه الصلاة والسلام، لأن الغضب من الشيطان والوضوء من فضل الله تعالى ورحمته سبب في إطفاء نار الشيطان.

وإذا لم أتوضأ وكنتُ في مكان لا يسمح أن أغير الوضع الجسدي الذي أنا عليه، فإذا كنتُ قائماً أجلس، وإذا كنتُ جالساً من الممكن أن أنام على جنب – أضطجع – أو أنام على ظهري، أترك المكان الذي فيه الطرف الآخر الذي يثيرني، يعني إذا كنا مثلاً في غرفة واحدة أو في مكتب واحد أو في مكان واحد وأسمعني إنسان كلمة تغضبني، أترك المكان وأنصرف دون أن أتكلم ولا كلمة؛ لأنك لو تكلمت الشيطان سيخرج منك عبارات أنت لا تريدها، ولذلك لو شعرت بأنك بدأت تختلف مع إنسان، وبدأت نظرة الغضب عندك ونبرة الصوت عندك ترتفع، وبدأت تشعر ببدايات الغضب، فأترك المكان وانصرف وأنت تقول: (أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم).

هذا بإذن الله تعالى علاج لو استعملته سوف تصل إلى نتيجة طيبة.

من الممكن - بارك الله فيك – أن تزور مكتبة جرير، وأعتقد أن مكتبة جرير عندكم لها فروع كثيرة في المملكة، أو أي مكتبة من المكتبات الإسلامية، وأن تأتي بكتاب عن الغضب، توجد كتب كثيرة لعلماء مسلمين تبيِّن كيفية اكتساب مهارات القضاء على الغضب، وأيضاً توجد كتب لغير المسلمين مترجمة، وهي كتب رائعة أيضاً ولا تتعارض مع الشرع، فأتمنى أن تقرأ كتابا في علاج الغضب، وستجد عشرات الكتب، ولذلك لم نحدد لك كتاباً لأنه حسب ظروفك وحسب وضعك ستجد كتبا كثيرة تبدأ تقرؤها - بإذن الله تعالى – وأنا واثق أنك ستستفيد منها مهارات رائعة، ومن بعدها سوف تتخلص من الغضب نهائياً.

أما فيما يتعلق بالتردد؛ فأنت تعاني من عدم القدرة على اتخاذ قرار، وهذا أيضاً نوع من الضعف في الشخصية، نتيجة قد يكون والدك – رحمه الله تعالى – توفي من فترة، وأنت بدأت تتحمل المسئولية قبل أن تنضج، فترتب عليه أنك لم تشعر بالاحتواء، وأنك شعرت بأن هناك مسئولية على رأسك، وخوفك من المسئولية جعلك تتردد في اتخاذ القرارات، لأنك تعلم أنك لست مسئولاً عن نفسك وحدك مما ترتب عليه هذا التردد الذي تعانيه، ولكن أقول لك:

هذا أيضاً يحتاج إلى علاج، وعلاجه - بارك الله فيك – كما ذكرتُ: أولاً الصبر؛ لأن الصبر في كل شيء.

ثانياً: قراءة بعض الكتب التي تعطيك مهارات القدرة على اتخاذ القرار وعدم التردد؛ لأن هذه مهارات تُكتسب، وهي خصال تُكتسب، وليست شيئاً مستحيلاً، من الممكن أن تتعلم مهارة القدرة على اتخاذ القرار وعدم الرجوع فيه بعد دراسته من جميع الجهات، ولا ترجع فيه إلا إذا كان لأمر شرعي أو لرأي أقوى منه.

فهناك أيضاً كتب مثل كتاب (استراتيجيات إدارة الذات) للدكتورة (هيا السبيعي) من جامعة قطر.
أيضاً لنفس الكاتبة كتاب (إدارة تغيير الذات) تكملة للجزء الأول.
أيضاً يوجد كتاب (كيف تبني ثقتك بنفسك) للدكتور عمرو أحمد بدران، وهو موجود عندك في المملكة.
وهناك كتاب بعنوان (كيف تكون مبدعاً) للدكتور إبراهيم محمد المغازي، وهذا تجده عندك في المملكة بإذن الله تعالى.
وأيضاً هناك كتاب بعنوان (كيف تزرع الثقة في نفسك وفي من حولك) للدكتورة هيا السبيعي.

وقد تذهب إلى المكتبة فتجد هناك عناوين أخرى، المهم أن تركز على الكتب التي تعين على اتخاذ القرارات وعدم التردد، وبذلك سوف تكون رائعاً، وسوف تنتهي من هذا كله بإذن الله تعالى، وصدقني لو أنك صبرت وفعلاً أخذت الأمر مأخذ الجد قبل أن تتزوج ستكون إنساناً مختلفاً تماماً في قراراتك وفي غير ذلك.

أما علاج النسيان فتستطيع أن تستعمل أي جهاز أو أي آلة من آلات التذكير، أو يكون عندك نوتة صغيرة تضعها في يدك لتكتب فيها المواعيد أولاً بأول حتى يتعود عقلك الترتيب، ودائماً تكثر من ذكر الله تعالى، ومن الصلاة على النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وإذا كانت الوالدة موجودة فسلها أن تدعو لك، وأنا واثق أنك سوف تتغلب على ذلك كله، وسوف تكون ما دام عندك الصبر وما دام عندك الدعاء منك ومن أمك، وما دام عندك الاستعداد والرغبة، ثم بعد ذلك اقتناء الكتب التي ذكرتها لك حتى تعينك على تغيير هذا الواقع؛ سوف تنتهي من هذه المشاكل نهائياً بإذن الله تعالى، وستكون شخصاً آخر وخلقاً جديداً، وستسعد سعادة ما بعدها سعادة بإذن الله تعالى؛ خاصة وأنك رجلٌ ملتزم، يعني أنت على طاعة الله، والله تبارك وتعالى لا يضيع أهله، كما أخبرنا الحبيب المعصوم صلى الله عليه وسلم.

أسأل الله لك التوفيق والسداد، وأسأل الله تعالى أن يكرمك بزواج قريب، وأن يكون زواجاً سعيداً طيباً مباركاً، وأن يعينك على قيادة سفينة الأسرة، وأن تعبر بها إلى بر النجاة، إنه جواد كريم.

ويمكنك الاستفادة من الاستشارات التالية عن علاج الغضب والعصبية سلوكياً: 276143 - 268830 - 226699 - 268701.

هذا وبالله التوفيق.

أسئلة متعلقة أخري شوهد التاريخ
أخاف من الإصابة بالأمراض وهذا الأمر أتعبني فهل من نصيحة؟ 2236 الاثنين 20-07-2020 03:27 صـ
مشكلتي الضحك ثم البكاء مباشرة، فهل هو مرض نفسي؟ 774 الأحد 28-06-2020 03:21 مـ
أعاني من ارتجاف وتوتر، فهل هذا مرض نفسي خطير؟ 1072 الأحد 28-06-2020 03:17 مـ
أعاني من قوة ضربات القلب لدرجة سماعها، فما علاج ذلك؟ 1089 الأحد 28-06-2020 09:34 مـ
كيف أتخلص من ضغوط الحياة ومنغصاتها النفسية؟ 1627 الأحد 07-06-2020 01:35 صـ