أرشيف الاستشارات

عنوان الاستشارة : صعوبة النظر إلى المتحدث إليهم والانشغال بأشياء أخرى

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

أعاني عندما أتكلم مع أحد لا أستطيع النظر إلى عينيه مباشرة مما أضطر إلى فعل شيء آخر كأن أربط حذائي أو أنظر إلى المحمول، وفي الدراسة لا أستطيع الجلوس في الصفوف الأولى لتجنب الموقف، فأرجو المساعدة.
وشكراً.
ملاحظة: أنا طالب في كلية الهندسة.

مدة قراءة الإجابة : 8 دقائق

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ فتحي الكيش حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،،،

جزاك الله خيراً وبارك الله فيك..

فإن هذه الحالة التي تعاني منها وهي تجنب النظر في وجوه الناس حين تتحدث إليهم هي عادة مكتسبة بُنيت في أغلب الظن على درجة بسيطة من القلق الاجتماعي أو ما يسمى بالرهاب الاجتماعي، ولكنها فيما أتصور حالة بسيطة جدّاً لأنك لا تعاني من السمات الأساسية الأخرى خاصة الأعراض الجسدية للخوف، وكل الذي لديك هو التجنب، والتجنب يتمثل في تجنب النظر في وجوه الآخرين وكذلك عدم استطاعتك الجلوس في الصفوف الأولى.

من أهم طرق علاج الرهاب الاجتماعي – أيّاً كانت درجته – هو أن تعرض نفسك لمواقف الخوف والرهبة وتمنع الاستجابة السلبية، ومنع الاستجابة السلبية هي - بعد أن تعرض نفسك لهذا الموقف - يجب أن تظل ولا تهرب أو لا تنسحب من المواجهة، هذا هو العلاج الرئيسي والعلاج الأساسي، وهذا العلاج يسبقه ما نسميه بتغيير المفاهيم وهو نوع من العلاج المعرفي، أي العلاج الذي من خلاله يغير الإنسان أفكاره السالبة حول مهاراته الاجتماعية، لذا أرجوك أن تتأمل وتتفكر في أن الآخرين الذين يستطيعون أن يواجهون وينظرون إلى الناس في وجوههم ويخاطبون التجمعات ليسوا بأقوى منك ولا يميزهم أي شيء عليك.

عش مع هذا النوع من التفكير وتأمل فيه بجدية، والمقصود هو أن تقيم نفسك ومقدراتك على أسس جديدة هي أكثر منطقية وأقرب إلى الواقع.

ثانياً: الأشخاص الآخرين الذين تواجههم لا يقومون بمراقبة حركاتك أو ما يبدر منك، وفي نفس الوقت لا توجد أعراض حقيقة يلاحظها الآخرين.

الكثير من الذين يعانون من الخوف والرهاب الاجتماعي هذه مشكلتهم الأساسية وهو مفهومهم الخاطئ بأن الآخرين يراقبونهم وأنهم سوف يفشلون في المواقف الاجتماعية حين يختلطون ببقية الناس، ويعتقد البعض أنه يتلعثم حين يتحدث أو يرتجف أو أنه سوف يسقط أو يغمى عليه ما دام هو في حضور الآخرين.. هذه المفاهيم يجب أن تغير لأنها ليست صحيحة.

أنت محتاج إلى برنامج خاص وهو أن تتصور وتتخيل في خيالك أنك تنظر إلى وجوه الناس، تصور شخصاً ما صاحب منصب أو مما يعرفوا بالوجهاء يقف أمامك، تأمل أنك تنظر إليه وفي نفس الوقت ذكر نفسك أنه من الذوق أن ينظر الإنسان إلى الإنسان حين يتحدث إليه، وأن الذي أمامك هو بشر وليس أكثر من ذلك، عش هذا الخيال لمدة خمس دقائق على الأقل وعشه بقوة.

بعد ذلك انتقل إلى خيال آخر: تصور أنك تخاطب الأستاذ الجامعي في كلية الهندسة أو أنك تقوم بإبداء الامتحان الشفهي - إذا كانت هنالك امتحانات شفهية – ولابد أن تنظر إلى الدكتور أو المعلم في وجهه؛ لأن ذلك من المهارات الاجتماعية التخاطبية المطلوبة.

أرجو أن تتوقف من الآن عن الروابط الانصرافية – هذه نسميها بالروابط الانصرافية – فأنت قلت أنك تقوم بربط حذائك أو النظر إلى المحمول - وهكذا – وهذا تجنب للنظر في وجوه الناس. لا، تذكر أن هذه الروابط التي تقوم بها ليست صحيحة وليست سليمة، وهي التي ربما تضعف موقفك أمام محدثك، قد يقول أنك لا تقدره أو لا تحترمه أو أن انتباهك ليس معه، فأوقف هذه الروابط وقل أنا الآن لن أقوم بها.

يكون من الجيد أيضاً أن تطبق هذه التمارين السلوكية مع أهل بيتك أو مع أصدقائك المقربين، لاشك أنه لا توجد أي موانع أو حواجز تجعلك لا تنظر في وجوه المقربين إليك.

انظر إلى هؤلاء المقربين إليك في وجوههم وتبسم في وجوههم، وحين تقابل إنساناً آخر من الغرباء تصور وتذكر أنك قمت بتطبيق تمرين المواجهة بالنظر مع صديقك أو قريبك أو أحد أهل بيتك فما الذي يمنعك من تطبيقك ذلك مع هذا الشخص .. مارس هذه التمارين ومارسها بجدية.

أما بالنسبة للجلوس في الصفوف الأولى، فلابد أن تجلس في الصف الأول وليس هنالك ما يمنعك، وحين تحس بالقلق أو بالخوف أو بالرهبة قم بأخذ نفس عميق وبطيء عن طريق الأنف - ولن يلاحظ أحد – ثم بعد ذلك أخرج الهواء عن طريق الفم، وكرر هذا التمرين مرتين أو ثلاثة وسوف تجد أن الضيق والرهبة والخوف قد ذهبت - بإذن الله تعالى -.

بالطبع أفضل الصفوف لأن تجلس فيه هو الصف الأول في المسجد، فابدأ بذلك وليكن لك الإصرار على ذلك، وكن خلف الإمام وكن دائماً في الصف الأول، وتذكر الذين يكونون في الصف الأول ينظر إليهم بقية المصلين بتقدير أكثر، فهذا في حد ذاته نوع من الاعتبار، وذلك بجانب الفضل والأجر الذي - إن شاء الله تعالى – سوف تجنيه من هذا.

إذن أنت مقدر حتى في نظر الذين هم من خلفك في الصفوف، فلا شيء يجعلك أن تخاف أو تضطرب.

تذكر أنك طالب في كلية الهندسة وهذه إحدى الكليات الجيدة وتذكر أن مهنتك سوف تتطلب التفاعل والتمازج مع الآخرين، والمهارات الاجتماعية هي من أفضل وسائل النجاح المهنية، فكن حريصاً على ذلك.

سأصف لك أحد الأدوية البسيطة جدّاً وهو دواء في الأصل مضاد للاكتئاب وللقلق، وقد وجد أنه جيد في إزالة التوتر المرتبط بما يعرف بالقلق أو الرهاب الاجتماعي.

الدواء يعرف تجارياً باسم (فافرين Faverin) ويعرف علمياً باسم (فلوفكسمين Fluvoxamine) وهو متوفر والحمد لله في ليبيا، أرجو أن تتناوله بجرعة خمسين مليجراماً لمدة أسبوعين، ثم بعد ذلك ارفع الجرعة إلى مائة مليجرام واستمر عليها لمدة ستة أشهر، ثم خفضها إلى خمسين مليجراماً ليلاً لمدة ثلاثة أشهر، ثم توقف عن تناول الدواء.

هذا الدواء من الأدوية السليمة والفعالة جدّاً، فأرجو أن تطبق الإرشادات السلوكية السابقة، وأرجو أن تتفهم حالتك أنها حالة بسيطة، وعليك بتناول العلاج بصورة منتظمة، وأرجو ألا تجد لنفسك أي نوع من المبررات أو المساومات مع النفس أو النكران الذي يجعلك تتجنب المواقف الاجتماعية، فالعلاج يقوم على الفهم الصحيح للحالة وعلى المواجهة التي أساسها التعريض للموقف وعلى تناول الدواء الذي وصفناه لك، وعليك أن تتذكر الإيجابيات الكثيرة والجميلة في حياتك.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيراً، ونسأل الله لك التوفيق والسداد.

ويمكنك الاستفادة من الاستشارات التالية حول العلاج السلوكي للرهاب: ( 259576 - 261344 - 263699 - 264538 ).
وبالله التوفيق.


أسئلة متعلقة أخري شوهد التاريخ
كيف أتخلص من الخجل والخوف عند لقاء أشخاص غرباء؟ 1667 الاثنين 10-08-2020 05:26 صـ
لدي خوف وصعوبة عند الحديث مع الناس.. أريد حلا 1233 الأحد 09-08-2020 02:09 صـ
أعاني من مشكلة الرهاب الاجتماعي، ما الحل؟ 2326 الخميس 23-07-2020 06:16 صـ
كيف أتخلص من أعراض الرهاب الاجتماعي؟ 1649 الأربعاء 22-07-2020 04:28 صـ
أريد دواء يخلصني من الرهاب، فبماذا تنصحونني؟ 3525 الأحد 19-07-2020 09:33 مـ