أرشيف الاستشارات
عنوان الاستشارة : التفاعلات النفسية والمخاوف الناتجة عن السماع عن وجود حالة وفاة لشخص ما
أختي تبلغ من العمر 23 عاماً، وقد تلقت خبر موت قريب لنا وهي بعيدة فأصيبت بصدمة، وأصبحت كلما تسمع خبر موت أي شخص يصيبها نوع من الخوف ومغص في المعدة وأحياناً حالة قيء، فما سبب هذه الحالة؟!
وجزاكم الله كل خير.
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Rahma حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
فلا نستطيع أن نقول أن هذه الأخت مريضة نفسياً، وإنما لديها شخصية حساسة، شخصية ربما تكون عاطفية ووجدانية وسريعة التأثر، ولا شك أن الموت مصيبة كما قال تعالى: (( فَأَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ ))[المائدة:106]، وهذه المصيبة حين تقع فإنها تؤدي إلى أحزان وتؤدي إلى تفاعلات نفسية داخلية، وذلك حسب شخصية الإنسان، وكذلك حسب ما هو سائد في بيئته ومجتمعه من عادات تتعلق بالتعبير عن الأحزان، ولا شك أن درجة الإيمان والصبر هي المحك الأساسي الذي يحدد تفاعل الإنسان مع مصيبة الموت.
فهي محتاجة أن تتذكر هذه الأسس الضرورية، وهي معرفة أن الموت حق وأن الموت مصيبة والإنسان يمكنه أن يعبر عن أحزانه بصورة معقولة ولائقة كما علمنا نبينا محمد صلى الله عليه وسلم حينما مات ابنه إبراهيم حيث قال: (
وعلينا أن نتذكر دائماً أن الأمل والنسيان هي من النعم العظيمة التي حبانا بها الله تعالى، وعليها أن تتذكر قول الله تعالى: (( وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الأَمْوَالِ وَالأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ ))[البقرة:155-157].
ويجب أن تتخذ قدوة في الصبر وعدم الجزع وتعلم أن جزاء الصابرين لا يعدل جزاء غيره من الأعمال، فإن الله تعالى قال: (( إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ ))[الزمر:10]، وفي هذه المواقف تحتاج إلى الإيمان والصبر على قضاء الله وقدره، ولا أريد أن أقول أنها ضعيفة الإيمان لأن هذا ليس حكماً منصفاً عليها، ولكن الذي أطالبها به هو أن تقوي من إيمانها وأن تكون حريصة على صلواتها في وقتها وأن تكون حريصة على أذكارها وتلاوة القرآن وتستمع إلى الدروس الإسلامية القيمة، ولابد أن تكون لها القناعات الداخلية بمفهوم القضاء والقدر، فإن هذا كله إن شاء الله تعالى يجعلها تقبل مثل هذه المصائب التي تحدث.
ولا شك أن الأعراض الجسدية من مغص في المعدة هي نوع من التعبير الجسدي عن القلق وهو انعكاس لحالة التوتر النفسي الداخلي، ويعرف أن الانقباضات النفسية الداخلية تؤثر أيضاً على بعض العضلات الموجودة في الجسم وتؤدي إلى انقباضها، ومن أكثر العضلات التي تتأثر هي عضلات المعدة وكذلك عضلات القولون.
وسيكون من المفيد لهذه الأخت أيضاً لو تدربت على بعض تمارين الاسترخاء، فإن هذا سوف يفيدها كثيراً، وهناك بعض الأشرطة والكتيبات التي توضح كيفية القيام بهذه التمارين، وبصورة مختصرة عليها أن تقوم بالآتي:
(1) الاستلقاء في مكان هادئ والتفكير في شيء جميل، أو الاستماع إلى شريط من القرآن الكريم من مقرئها المفضل وبصوت منخفض.
(2) تغميض العينين وفتح الفم قليلاً.
(3) أخذ نفس عميق وبطيء عن طريق الفم، وهذا هو الشهيق.
(4) امتلاء الصدر بالهواء وارتفاع البطن قليلاً.
(5) إمساك الهواء قليلاً في الصدر لمدة قصيرة.
(6) إخراج الهواء عن طريق الأنف بنفس القوة والبطء، وهذا هو الزفير.
(7) تكرار هذا التمرين لمدة أربع إلى خمس مرات بمعدل مرتين في اليوم.
وسوف تجد في هذه التمارين فائدة كبيرة إن شاء الله تعالى، وسوف ينتهي هذا القلق وهذا التوتر وهذا المغص والحالات التي تأتيها من وقت لآخر، وهناك بعض الأطباء ينصح بتناول الأدوية المضادة للقلق في مثل هذه الحالات، فهنالك عقار يعرف تجاريّاً باسم (فلونكسول Flunaxol) ويعرف علمياً باسم (فلوبنتكسول Flupenthixol)، أرى أنه يمكن استعماله عند اللزوم فلا مانع من ذلك، ويمكن لهذه الأخت أن تتناوله بجرعة حبة صباحاً ومساءً، وقوة هذه الحبة هي نصف مليجرام، فيمكنها أن تتناوله لمدة أسبوع، وبعد ذلك تتوقف عنه، وإذا مرت بها هذه الأعراض يمكنها أن تتناوله مرة أخرى.
وهناك من يستعمل أيضاً عقار يعرف تجارياً باسم (زاناكس Xanax) ويعرف علمياً باسم (البرازولام Alprazolam) وهو من الأدوية المهدئة القوية، ولكني لا أفضله لأنه يعطي الإنسان شعوراً زائداً – في بعض الأحيان – بالاسترخاء وقد يدخل الإنسان في النوم، ولكن بعد ذلك يستيقظ ويواجه مصيبته.
فالأدوية التي تزيل القلق وليست لديها صفات استرخائية شديدة هي الأفضل مثل عقار (فلونكسول Flunaxol)، وإذا لم يكن متوفراً فسوف يكون العقار الذي يعرف تجارياً وعلمياً باسم (موتيفال Motival) بديلاً جيداً، وجرعته هي أيضاً حبة صباحاً ومساءً لمدة أسبوع، ثم بعد ذلك يمكنها أن تتوقف عنه ويمكنها أن تتناوله عند اللزوم إذا احتاجت لذلك.
وعليها أن تتعود على الصبر وأن تقرأ كثيراً في أبواب الصبر، فهناك بفضل الله تعالى الكثير من المصادر الإسلامية المتوفرة في المكتبات الإسلامية، وهذا إن شاء الله تعالى سوف يفيدها كثيراً، وهناك أشرطة أيضاً تتحدث عن الصبر وعن جزاء الصابرين، فإن هذا سوف يقوي من ثباتها ومواجهتها لمثل هذه المواقف؛ لأن الموت هو حقيقة أبدية، نسأل الله تعالى لنا ولكم الصبر على كل بلاء ومصيبة، ونسأله لنا ولكم العفو والعافية والمعافاة الدائمة في الدين والدنيا والآخرة.
وبالله التوفيق.
أسئلة متعلقة أخري | شوهد | التاريخ |
---|---|---|
وسواس الموت سبب لي العديد من الأمراض، فكيف أتخلص منه؟ | 2863 | الثلاثاء 21-07-2020 03:16 صـ |
الخوف من الموت، كيف أتخلص منه؟ | 2789 | الأحد 19-07-2020 07:11 صـ |
كرهت حياتي والناس كرهوني بسبب تبلد مشاعري.. أريد حلا | 1083 | الخميس 16-07-2020 02:42 صـ |
فكرة الموت وذكريات طفولتي لا تفارقني، أرجو المساعدة. | 2125 | الثلاثاء 14-07-2020 02:54 صـ |
أشعر بعدة أعراض ولا أعرف هل هي نفسية أم جسدية أو روحية؟ | 1569 | الأربعاء 15-07-2020 03:36 صـ |