أرشيف الاستشارات
عنوان الاستشارة : فقدان لذة العبادة.. وارتباطه بشؤم المعصية
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا عمري 15 سنة، تعرضت لأشياء كثيرة في هذا السن لم أكن أعرفها كالعادة السرية التي ابتليت بها، لكن الحمد لله تقريباً امتنعت عنها وأحس أن ربنا يعاقبني لما أحتلم، لكن المشكلة أنى كنت أتفرج على الأفلام الإباحية وأنا لا أحبها لكن لست أعرف لماذا أتفرج عليها؟ وأحاول أبتعد عنها والحمد لله منذ عدة أيام امتنعت عنها.
المشكلة الآن أني أحس أن ربنا غير راض عني بعد كل المعاصي التي أنا عملتها، ولما أصلي لا أشعر بلذة العبادة فأخاف تكون النتيجة أن أمتنع عن الصلاة.
أنا أحب ربنا جداً لكن لست أعرف أعمل ماذا؟ أحس أن قلبي غير موجود، لا أحس بخشوع في أثناء العبادة وأحس أني منافق جداً، حتى وأنا أبعث الاستشارة هذه أحس أني منافق، وأنا متعود على الكذب، أحس أني أعمل معصية عندما أكذب وأحب الأغاني والأفلام، لكن لا أعرف هي كل حاجة في حياتي، أنا كنت إنساناً جيداً جداً، لكن لما وصلت لهذا السن لا أعرف ماذا حصل لي، حتى أصحابي الذين أنا أحبهم كلهم ابتعدوا عن طريق الله في هذا السن، أنا كنت من المتفوقين في الدراسة لكن نزلت قليلاً عن مستواي، والحمد لله أرجع خطوة خطوة لمستواي من بعد ما امتنعت عن العادة السرية.
مشكلتي أكيد واضحة .. آسف للإطالة.
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ هشام حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك، وكم يسعدنا تواصلك معنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأله تبارك وتعالى أن يبارك فيك وأن يغفر لك وأن يتوب عليك، وأن يشرح صدرك للخير، وأن يثبتك على الحق، وأن يصرف عنك كيد الشيطان، وأن يوفقك في دراستك، وأن يجعلك من الشباب الصالح المستقيم الذي يرفع راية الإسلام في مشارق الأرض ومغاربها..
وبخصوص ما ورد برسالتك -ابني الكريم هشام- فأنا حقيقة سعيد باتصالك بنا وفخور بك جدّاً؛ لأنك كونك في هذا السن وتشعر بالخطر الذي يحدق بك وتستشعر أيضاً حجم المعصية أو المعاصي التي وقعت فيها وتتصل بإخوانك في الشبكة لتبحث عن حلٍ، هذا يدل على أنك إنسان رائع وأنك إنسان فاضل وأنك إنسان محترم وأن فيك خيراً كثيراً.. الشيطان – لعنه الله – هو الذي يريد أن يشوه صورتك أمام نفسك؛ لأنه لو أفقدك ثقتك في الله أو أفقدك الثقة في نفسك فسيستحوذ عليك ويجعلك تقع في المعاصي التي تركتها من أجل الله بل وتقع في معاصي أكبر منها.
ولذلك هذا الكلام الذي تقوله أنا حزين جدّاً أنك تقوله، تشعر بأنك منافق وتشعر بأنك كذاب، هذه -يا ابني هشام- بارك الله فيك هي أسلحة الشيطان لتدميرك، إشعارك بأنه لا خير فيك ولا أمل يُرجى منك وأنك تنافق ودجال وأنك كذاب ومحتال، هذه أسلحة يريد الشيطان أن يستعملها ضدك ليحول بينك وبين تذوق حلاوة الإيمان.
أنت الآن تقول: لا تشعر بلذة العبادة، وأنا معك في هذا، بسبب شؤم المعصية -يا ولدي- فشؤم المعصية تفقدك لذة العبادة والأنس بلقاء الله تعالى، ولكن إلى متى يا ولدي؟ عندما تتخلص من هذه المعاصي -بإذن الله تعالى- بالكلية وتصبر على ذلك فترة وتواصل الطاعة والعبادة والاستقامة، سوف تشعر بحلاوة ما شعرت بها في حياتك كلها.
أما قرأت قول الله تعالى: (( إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ ))[البقرة:222]؟! إذن ما معنى ذلك -يا ولدي-؟ معنى ذلك أن الله يحبك، أنت أيضاً تحب الله تعالى، فأنت قلت: (أنا أحب ربي جدّاً، مش عارف أعمل إيه، حاسس أن قلبي غير موجود)، نعم غير موجود لسبب واحد هو أثر المعاصي، هذه المعاصي -يا ولدي- مثل الصباغ -الدهان- الذي عندما تأتي إلى جدار لونه أحمر تدهنه مثلاً بصبغة بيضاء يُصبح أبيض، وعندما تدهنه بلون أسود يصبح أسود، فالمعاصي -كما تعلم- ظلمات بعضها فوق بعض، فالآن قلبك -بارك الله فيك- فيه هذه الكمية من الأصباغ الضارة السامة، عندما تتخلص منها سوف تأتيك لذة العبادة وحلاوة الإيمان قطعاً - يا ولدي - .. الله يحبك ولذلك الله أكرمك بأن أدركت الخطر مبكراً، كان من الممكن - يا ولدي - إذا كان الله لا يحبك ألا تنتبه لهذه المعاصي أبداً...صدقني، وألا تفكر فيها وتقول أنا أحسن من غيري، خاصة غالب الشباب في هذا السن، لماذا؟ لأن هذا السن لا يستمع لكلام أحد من الناصحين، وأحياناً الآباء قد لا يعطون أولادهم الجرعة الكافية من التوعية ومن الإيمان، لأنهم قد يكون لا يوجد لديهم من العلم الشرعي الكافي.
أيضاً الشاب في هذه المرحلة قد لا يواظب على حضور مجالس العلم والمحاضرات، فأين يزيد إيمانه يا ولدي هشام؟ ومعروف أن الإيمان يزيد بعوامل زيادة الإيمان، ومنها المحافظة على الطاعة وقراءة القرآن بانتظام والمحافظة على طلب العلم الشرعي إلى غير ذلك من الأمور التي تقوي الإيمان، فهذا الشباب المسكين لا يجد فرصة ولا يقف معه أحد ولا يتكلم معه أحد فيستحوذ عليه الشيطان، ولذلك أقول -يا ولدي- أنت إنسان رائع، وأنا سعيد جدّاً أني أتكلم معك اليوم لأني شاعر بأن فيك خيراً لأنك تشعر بحجم المعصية التي وقعت فيها، والحمد لله فقد أكرمك ربك وتخلصت من العادة السرية ومنذ فترة الآن تخلصت من مشاهدة الأشياء الإباحية، وعمَّا قريب ستتخلص من كل الذنوب - بإذن الله تعالى - ولكن المطلوب منك - يا ولدي - أن تواصل الرحلة في طاعة الله وألا تستسلم لهذه الأفكار التي يلقيها الشيطان في عقلك بأنك كذاب أو منافق أو غير ذلك.. أبداً.
وفوق ذلك كونك بدأت تتحسن دراسياً خطوة خطوة، هذه أيضاً من عوامل التوفيق من الله تعالى، فأنت رجل عندك عزيمة قوية - رغم أنك لازلت شاباً صغيراً - تخلصت من المعاصي، ثم بعد ذلك بدأت تحسن مستواك العلمي، وأنا واثق من أنك ستكون رائعاً وتكون من قمة الطلبة وستكون متفوقاً؛ لأن الله لا يضيع أهله.
فالذي أريده ألا تستسلم لهذه الأفكار، كلما جاءتك - يا ولدي – تبصق على يسارك وتستعيذ بالله من الشيطان الرجيم، وتواصل المحافظة على الطاعة حتى وإن كنت لا تشعر بلذة العبادة الآن، لأنك مع الأيام سوف تشعر بها؛ لأن المعاصي - يا ولدي – كما قال الشافعي -عليه رحمة الله تعالى-:
شكوت إلى وكيعٍ سوء حفظي *** فأرشدني إلى ترك المعاصي
وأخبرني بأن العلم نـــورٌ *** ونـور الله لا يهدى لعاصي
فأنا أبشرك بأن توبتك من هذه المعاصي هي بداية الخير، وسوف يعود إليك مستواك العلمي المتميز، وسوف يعود إليك مستواك الإيماني المتميز، وسوف تشعر عما قريب بحلاوة الإيمان ولذة الطاعة والعبادة، المهم لا تلتفت لهذا الشيطان اللعين، وواصل الطاعة والعبادة حتى وإن كنت تشعر بأنك لم تستفد منها الآن، فصدقني - يا ولدي – سوف تستفيد منها في المستقبل القريب - بإذن الله تعالى – ولكن – كما ذكرت لك – المعاصي لها شؤمٌ والمعاصي لها لون أسود صبغ الشيطان قلبك به، ولذلك عندما تأتي الطاعة الآن لا تستطيع هذه الطاعة أن تثبت على هذا السواد فنحتاج إلى الاستغفار - يا ولدي – ونحتاج إلى التوبة، أنت تقول (ربنا عاقبني بالاحتلام) الاحتلام ليس عقاباً - يا ولدي – الاحتلام رحمة من الله تعالى؛ لأنه تصريف للطاقة الزائدة في جسدك وهذه من فضل الله تعالى، المهم أنك لا تعبث بنفسك ولا تستعمل العادة السرية، هذا هو المحظور والممنوع، أما الاحتلام فهو دليل على أن صحتك طيبة وأنك شخص طبيعي - يا ولدي – فلا تشغل بالك بهذه المسألة.
أهم شيء أن تحافظ على العبادة وتحافظ على الطاعة وتكثر من العبادات والنوافل، على قدر استطاعتك، وتجتهد إذا كان عندك محاضرات أو دروس قريبة من المنزل تحضرها وتربط نفسك بالشباب الصالح - بإذن الله تعالى – وتحاول أن تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر وسط زملائك وأن تردهم إلى الله تعالى وأن ترتب أوقات مذاكرتك، وأن تجعل برنامج المذاكرة هذا دائماً كل يوم، لا تجعله حسب الظروف وإنما كما أن الأكل له موعد والصلاة لها موعد اجعل للمذاكرة موعداً ولا تفرط في هذا الموعد أبداً، وأنا واثق أنك ستكون - إن شاء الله تعالى – متميزاً وستكون رائعاً أكثر وأكثر، وستكون متفوقاً، وأطمع - إن شاء الله تعالى – أن تبشرنا برسالة قريبة حتى نطمئن عليك - يا ولدي - .
مع تمنياتنا لك بالتوفيق والسداد والهداية والرشاد.
والله الموفق.
أسئلة متعلقة أخري | شوهد | التاريخ |
---|---|---|
لا اخشع في اَي عباده، أرجو المساعدة. | 1423 | الاثنين 06-04-2020 06:07 صـ |
لم أعد أكثر القيام والصيام كما كنت في السابق، وهذا يجعلني أشعر بعدم الراحة! | 1271 | الاثنين 05-08-2019 02:21 صـ |