أرشيف الاستشارات
عنوان الاستشارة : خاطب لا يرغب في الزواج إلا لأجل والديه
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تقدم لخطبتي شاب يعتبر بكل المقاييس جيد جداً، ليس ملتزما بالدرجة المطلوبة، غير أنه مواظب على الصلاة - بالمنزل - وغير مدخن، ودمث الخلق.
تكمن المشكلة في أنه غير راغب في الزواج بالمرة، إنما هو مهتم بعمله جداً، ويفضل أن يستغل النقود التي سوف يتكلفها والده لتزويجه في توسيع عمله، وقد أعلن والده هذه الحقيقة غير مرة، السبب الوحيد الذي دفعه للتقدم هو إلحاح والديه عليه ليتزوج، وما دفعه للتقدم لي هو أن أمه وأخته زميلتان لي في العمل، وتريان أني مناسبة تماماً له.
يوم أتى مع والديه لرؤيتي كان عليه من أمارات الضيق ما أصاب الجميع بالإحراج، حتى أنه لم ينظر لي، ولم يتحدث تقريباً، بعد ربع ساعة من التعذيب استأذنت من المجلس، وقمت وفي نيتي أن ألغي التفكير في هذا الموضوع، خاصة وقد كان تفكيري في خاطب آخر، إلا أن الموضوع لم يتم، وبعد أسبوع تقريباً اعتذروا هم أيضاً، ونسيت الموضوع، إلا أننا بعد فترة سمعنا أنهم يقومون بالسؤال عنا، ثم فوجئنا بوالده يعيد التقدم، ويلح فيه، ويبعث الكثير من الناس كي يقنعوا والدي، وعندما تحدث مع أبي سأله والدي عن هذا الموقف الغريب، فكيف لا يريد ابنه الزواج واعتذرتم عن التقدم ثم تعيدون التقدم مرة أخرى؟ فأجاب أن ابنه كان يريد أن يتوسع في عمله ثم يتزوج، إلا أنه اقتنع الآن أن يتزوج ثم يتوسع في عمله، وهم لن يجدوا نسبا أفضل من هذا، غير أنا سمعنا من أحد الناس أن والده وعده بمساعدته في التوسع بعمله إذا تزوج.
أنا في حيرة عظيمة، لم أر الشاب ثانية، ولم يظهر في الموقف بأي شكل، حتى أنه عندما يحادث والده أبي في الهاتف، ويسأل عنه أبي يقال له هو في العمل، غير أن والده يطارد أبي، وأمه وأخته تطاردانني، وهم متمسكون بهذا النسب جداً.
أرجو المشورة.
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أمة الله حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك، وكم يسعدنا تواصلك معنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأله تبارك وتعالى أن يتفضل عليك بزوج صالح طيب مبارك يُقبل عليك رغبة من داخل نفسه ويحرص على أن يعاملك بالمعروف، وأن تكونين له نعم الزوجة وأن يكون لك نعم الزوج، وأن ترزقا معاً بذرية طيبة مباركة تكون عوناً لكما على طاعة الله وامتداداً لأعمالكما الصالحة بعد رحيلكما عن الحياة.
وبخصوص ما ورد برسالتك، فإنه لأمر محير حقّاً أن تكون هذه هي رغبة الوالدين، أما صاحب الشأن فلم يبد شيئاً، وأرى أن هذا الأمر ليس صواباً لأنك – واسمحي لي أن أقول لك – أنت لن تتزوجي أمه ولن تتزوجي أخته ولن تتزوجي والده، إذا كان الرجل قد أصبح مغرماً بالدنيا وجمع المال إلى هذه الحد حتى وإن تزوجك فلعلّه لن يكون لديه الوقت ليعاملك المعاملة الشرعية اللائقة أو يعطيك الحنان أو الرقة أو المودة الكافية؛ لأنه مشغول بأمر آخر، ونحن نعلم أن الإنسان قد يُشغل فعلاً بأشياء، فهناك من الناس من يُشغل بوالديه عن كل شيء، وهناك من يُشغل بنفسه عن كل شيء، وهناك من يُشغل بزوجته وأولاده عن كل شيء، وهناك من يشغله ماله عن كل شيء، فأخونا هذا - الخاطب الكريم – الذي جاءك بعد ضغط والديه أرى أنه قد زُين إليه حب المال، وأنه متعلق به أكثر من تعلقه بأي شيء آخر، ولعله أن يقدم جمع المال على الزواج، ولعله أن يفكر مستقبلاً في أن يتزوج، أما الآن ما دام لم يبد أي شيء ولم يتكلم في أي شيء، فأرى أنه حقيقة ليس براغب ولكن نتيجة للوعد الذي قطعه والده على نفسه أن يساعده كأنك أصبحت جزءا من صفقة تجارية، وهذا لا يليق بمثلك أصلاً؛ لأنك - أختي الكريمة – كما ذكرت هل ستتزوجين بنكاً من البنوك - كبنك القاهرة أو بنك مصر–؟ هل تتزوجين مليارات أو ملايين؟ المرأة تريد زوجاً يحبها وتحبه، ويحنو عليها وتحنو عليه، ويحترمها وتحترمه، ويبادلها المشاعر والعطف والحنان، أما زوجاً جمَّاعاً للمال همه كله ليلاً ونهاراً أن يصبح أكثر الناس مالاً ومن أعظم الناس ثراءً حتى وإن كان على حساب نفسه.
إن الذي أخشاه أنه سيشغل بجمع المال أيضاً عنك وأنت في عصمته؛ لأنه إذا كان قد شُغل الآن فمَنْ يدرينا ومن يضمن لنا أنه لن يُشغل بعد ذلك، مهما كانت قدراتك فقد يكون محبته وعشقه للمال أعظم من أي شيء آخر؛ ولذلك أرى أن هذه مجازفة وأنها غير منطقية أو مقبولة، واعتذري للجماعة بطريقة مهذبة هادئة، وقولي لهم: إنا صرفنا النظر عن هذا الموضوع، واعلمي أن الله تبارك وتعالى لا يضيع أهله ولن يضيع أهله، فأنت لك عند الله زوجٌ سواء كان هذا الأخ أو غيره، أما بهذه المواصفات - أختي الكريمة – فهو لا يصلح زوجاً، لماذا؟ لأنه كما ذكرت إذا كان يزهد إلى هذا الحد رغم أن والده ألح عليه ولكنه لم يقبل إلا نظير أن تكوني جزءاً من صفقة تتوسع به أمواله، هبي أن أمواله أصبحت واسعة فأين الوقت الذي هو لك والذي لأولاده؟ فأنا أرى أنه حتى وإن كان غنياً وحتى إن كان خلوقاً قد يكون ذلك كله على حسابك أنت وعلى حسابك مستقبلاً؛ ولذلك أرى الاعتذار لهم اعتذاراً هادئاً لطيفاً، واتركوا الأمور لله تعالى، واسألي الله عز وجل أن يرزقك زوجاً صالحاً؛ لأن الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل.
ونبيك صلى الله عليه وسلم أخبرنا أنه لا يرد القضاء إلا الدعاء، وأخبرنا أن الله يحب الملحين في الدعاء، وأخبرنا أن من لم يسأل الله يغضب عليه، فاجتهدي في الدعاء وألحّي على الله أن يمنَّ عليك بزوج صالح يكون عوناً لك على طاعته ويعاملك معاملة حسنة وإسلامية طيبة؛ لأن المرأة ما رزقت بعد الإيمان والتقوى خير وأحب وأنفع لها من زوج صالح يحبها وتحبه ويكرمها ويعاشرها بالمعروف ويتحمل أذاها ويكون خير الناس لها، كما كانت صفات النبي صلى الله عليه وسلم في الرجل الذي تحتفي به المرأة المؤمنة، وكذلك المرأة المؤمنة مع زوجها، فما رزق المؤمن بعد التقوى من زوجة صالحة.
فأنا أقول: لا تتعجلي لأن هذا الوضع حقيقة مخيف، وهو لا يجعل الإنسان يطمئن، لماذا؟ لأن التعلق واضح من هذا الشاب بأمور الحياة وتوسيع أمواله وتجارته، وهذا الأمر قد يستمر معه حتى بعد الزواج، فلنبحث عن إنسان طبيعي - وبإذن الله - بالدعاء والأخذ بالأسباب سيرزقك الله تبارك وتعالى خيراً منه.
مع تمنياتنا لك بالتوفيق والزواج العاجل، إنه جواد كريم.
وبالله التوفيق.
أسئلة متعلقة أخري | شوهد | التاريخ |
---|---|---|
هل الارتياح بعد النظرة الشرعية بشارة خير؟ | 2198 | الأربعاء 12-08-2020 02:47 صـ |
محتارة هل أقبل الخطبة من ابن خالتي أم لا؟ | 1912 | الأربعاء 29-07-2020 02:08 صـ |
تقدم لي شاب أقصر مني وأنا مترددة.. هل أقبله؟ | 1264 | الثلاثاء 30-06-2020 02:05 صـ |
رفضت الخاطب لأني لم أرض دينه، ولكني ندمت! | 2261 | الثلاثاء 09-06-2020 09:09 مـ |
خطبني شاب ميسور ولكني لم أتقبله وأهلي يجبرونني عليه | 1197 | الثلاثاء 16-06-2020 05:51 صـ |