أرشيف الاستشارات
عنوان الاستشارة : نوبات الهرع والرهاب وما ينتج عنها من الخوف الشديد من الموت
بسم الله الرحمن الرحيم
أنا شاب أبلغ من العمر 24 سنة، ومتزوج منذ عامين، أشعر بالخوف الشديد من الموت، وقد تحدث لي أعراض غريبة لا أستطيع التحكم في أعصابي معها، كنت في يوم من الأيام ذاهباً ليلاً إلى مكان العمل، وفجأة حدث لي وسواس يقول لي: إذا ركبت السيارة فسوف تموت أو تعمل حادثة.
وترددت ولكن استمريت في طريقي، وركبت السيارة؛ فزاد علي الوسواس وقال لي: السيارة سوف تعمل حادثة، أو أنك ستموت حالياً، فارتعبت جداً، وخفت جداً، وأحسست باختناق وجفاف في الحلق، ورعشة شديدة في يدي ورجلي.
فرجعت من نصف الطريق مسرعاً إلى المنزل، وقد ازداد الخوف عندي مرة بعد مرة، وجلست في المنزل خمسة أشهر من الخوف، ولا أستطيع النوم من الخوف؛ لأني لو نمت أظن أني سوف أموت، ولو نمت بعد لحظات أقوم فزعاً من النوم، ولا أستطيع التنفس، وضربات قلبي تكون سريعة، وأحس بخوف شديد لأني سأموت!
وتحدث لي أحياناً تهيؤات، ورأيت ذات مرة أن شخصاً يلبس الأبيض، ويقول لي: أنا ملك الموت، وسوف أقبض روحك! فخفت جداً وظللت في الغرفة أتنقل من مكان إلى مكان، ولكن لا أستطيع النوم!
وعندما أنام يأتيني فزع، فأقوم فزعاً من النوم، ولا أستطيع الأكل ولا الشرب، ولا أتعامل مع أهلي برفق، وأكون في أشد حالاتي العصبية! ولا أستطيع الصلاة في المسجد؛ لأني عندما أذهب إلى المسجد تأتيني وساوس أني لو ذهبت للمسجد فسوف أموت هناك.
وعندما أضغط على نفسي وأذهب إلى صلاة الجماعة تحدث لي تهيؤات فأقطع الصلاة وأعود إلى المنزل مسرعاً من الخوف، وأحس أني أموت حالياً، وأكون مرعوباً، كما أحس بخوف شديد عندما أقرأ القرآن، وأشعر باختناق خاصة عند سماع الرقية.
وأشعر بأنني حزين ومهموم، وأشعر باليأس التام من حياتي! وأترك دائماً شغلي، حتى أوشكت على الفصل من العمل، وعندما أعمل عمل خير أخاف جداً، ويقول لي وسواس: عملت خيراً لأنك ستموت، والناس تتحدث عن فعلك، وعندما أرى أي إنسان عجوز أخاف منه جداً وأظن أنه ملك الموت، وأهرب من أمامه، حتى لو كان طلب مني نجدة.
ولي طفل صغير أضربه دائماً بدون سبب وأقسو على زوجتي، وأظل اليوم كله ساهراً، وكل تفكيري في الموت! وعندما أعمل مشروع شغل، يأتيني وسواس ويقول لي: عملته؟ الآن ستموت، مما يجعلني أطلب الانسحاب منه.
وحياتي كلها كآبة، وأشعر باليأس! وغير مهتم بمظهري الشخصي، وغير مهتم بشغلي، ومهمل في جميع حياتي، ومقصر في حق ربي، ورغم ذلك أحب ربي وأحب الصلاة، وأنظر إلى الناس وأحس كأني ضعيف جداً ومنعدم الشخصية.
لا أستطيع الفرح ولا الكلام مع أحد، وأعيش وكأني معدوم في الحياة ليس لي وجود! واليأس والخوف والتفكير والتهيؤات والوساوس لا يفارقونني لحظة، وعندما يقوم أحد بتهدئتي أهدأ للحظات ثم أعود كما كنت، وخاصة عندما أسمع بشخص مات وأسأل عنه، هل كان يحس بالموت أم لا؟ وأتخيل هذا في نفسي.
مع العلم أنني ذهبت إلى أطباء نفسيين كثيراً جداً، وللأسف لم تحصل لي أي نتيجة! وأخذت جميع أنوع الحبوب، وبدون نتيجة! وبعد وقت متأخر ذهبت إلى دكتور نفسي، وصف لي حبوب الزولام.
بارك الله فيكم، وأتمنى من الله أن تكونوا سبباً في شفائي بإذن الله، وأنا آسف على كثرة الكلام.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخ الفاضل/ علاء حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فهذا الذي ينتابك هو نوع من المخاوف المركبة، التي أدت إلى ما يعرف بالهرع، أو نوبات الهرع والرهاب، والتي أدت إلى الخوف من الموت.
الهرع والرهاب والمخاوف جميعاً تعالج عن طريق بناء قناعات شخصية داخلية، أن هذه المخاوف لا أساس لها، وهي ليست صحيحة مطلقاً.
والشيء الثاني: لابد للإنسان أن يواجه المخاوف، التجنب والابتعاد عن المخاوف ومصدرها، يؤدي إلى تعقيدها وزيادتها، وربما إلى تكوين مخاوف من نوع آخر.
وعليه أرجو أن تقوم بتطبيق الآتي:
• عليك أن تقرأ عن الموت، اقرأ عن الموت في الكتب الشرعية المعتمدة.
• وعليك أن تقيم الجنائز وأن تذهب إلى الجنائز وأن تذهب إلى أماكن العزاء.
أنا أعرف أنك تعلم تماماً أن الموت حقيقة، والموت هو الحقيقة الأبدية التي لا شك فيها، وهو واقع لا محالة في ذلك، الإنسان يسأل الله تعالى أن يحفظه وأن يحسن خاتمته، وأن يكتب له الحياة الهنية والميتة السوية، هذا هو الشيء المطلوب، لم أجد شيئاً مطمئناً أكثر مما ورد في عقيدة الإسلام، كل ما ورد عن الحياة وعن الموت وعن حياة البرزخ ويوم القيامة؛ حقيقة أرى أنه أمراً عظيماً ومطمئناً للإنسان إذا تأمل فيه واتبعه، وسوف يزيل هذا إن شاء الله.
• عليك أيضاً بأن تركز على ذكر الله؛ لأنه بذكر الله تطمئن القلوب، أنا لا أقول أنك ناقص الإيمان أو ضعيف الشخصية، ولكن عليك أن تعيش هذه الحياة، الموت من حقائق الحياة، والموت هو الشيء الذي سوف يقع ولا محالة لذلك، أرجو أن تعرض نفسك على مظاهر الموت أو الأشياء المتعلقة بالموت، وهي كما ذكرت لك الجنائز وبيوت العزاء، هذا إن شاء الله سوف يبعد عنك هذا الخوف الغير مبرر.
أنت أيضاً لديك بعض أعراض الكآبة، وهذه الكآبة في نظري ثانوية وليست أولية، والكآبة الثانوية دائماً إن شاء الله بسيطة، وهي ثانوية نسبة للرهاب والمخاوف والوساوس التي تعاني منها.
أرجو أن تكون فاعلاً في حياتك، أرجو أن تكون لديك برامج، ولديك خطط للحاضر وللمستقبل، وأن تبحث عن التفوق وآليات التفوق، وأن تكون متميزاً، وأن تستفيد من وقتك، هذا إن شاء الله يصرفك كثيراً عن هذه الأفكار الوسواسية، والتي تتميز بوجود الرهاب والهرع والمخاوف.
أنت فعلاً سوف تستفيد كثيراً من العلاج الدوائي، ومع احترامي الشديد لطبيبك؛ فالزولام من الأدوية الجيدة ولكنه ليس من أفضل الأدوية؛ خاصة أنه ربما يؤدي إلى نوع من التعود، وهو علاج يستعمل فقط لفترة قصيرة وفي أوقات الأزمات الشديدة.
الدواء الأفضل والأحسن بالنسبة لك هو العقار الذي يعرف باسم سبرلكس، أرجو أن تبدأ تناوله بجرعة 10 مليجرام ليلاً بعد الأكل لمدة أسبوعين، ثم ارفع الجرعة إلى 20 مليجراماً في اليوم، يجب أن تلتزم التزاماً قاطعاً بالجرعة وتأخذها بصفة يومية، أما مدة العلاج فهي سبعة إلى ثمانية أشهر على جرعة الـ 20 مليجرام، ثم بعد ذلك خفضها مرة أخرى إلى 10 مليجرام لمدة ثلاثة أشهر.
إذا لم تتمكن من الحصول على السبرلكس فالدواء البديل هو زولفت، والذي يسمى في مصر لاسترال Lustral، الجرعة في مثل حالتك هي حبة واحدة من فئة 50 مليجرام ليلاً بعد الأكل لمدة شهر، ثم ترفع إلى حبتين في اليوم – حبة صباحاً ومساء – لمدة سبعة إلى ثمانية أشهر، ثم تخفضها إلى حبة واحدة لمدة ثلاثة أشهر، ثم تتوقف عنها.
أرجو أن تتوقف عن تناول الزولام وذلك بالتدريج؛ إذا كنت تتناول حبتين مثلاً خفضها إلى حبة واحدة لمدة أسبوعين، وإذا كنت تتناول حبة واحدة خذ نصف حبة لمدة أسبوعين، ثم توقف عنها.
أرجو يا أخي أيضاً أن تحاول أن تتواصل اجتماعياً، وأن تمارس الرياضة – أي نوع من الرياضة – فهي إن شاء الله تهيئ الطاقات النفسية الصحيحة، وتقلل من الطاقات النفسية الغير مرغوب فيها.
إن شاء الله الأمر بسيط، عليك فقط بالاجتهاد، عليك بالتفكير الإيجابي، وعليك أن تطبق الإرشادات السلوكية التي وصفتها لك، وذلك بجانب العلاج الدوائي.
وبالله التوفيق.
أسئلة متعلقة أخري | شوهد | التاريخ |
---|---|---|
وسواس الموت سبب لي العديد من الأمراض، فكيف أتخلص منه؟ | 2863 | الثلاثاء 21-07-2020 03:16 صـ |
الخوف من الموت، كيف أتخلص منه؟ | 2789 | الأحد 19-07-2020 07:11 صـ |
كرهت حياتي والناس كرهوني بسبب تبلد مشاعري.. أريد حلا | 1083 | الخميس 16-07-2020 02:42 صـ |
فكرة الموت وذكريات طفولتي لا تفارقني، أرجو المساعدة. | 2125 | الثلاثاء 14-07-2020 02:54 صـ |
أشعر بعدة أعراض ولا أعرف هل هي نفسية أم جسدية أو روحية؟ | 1569 | الأربعاء 15-07-2020 03:36 صـ |