أرشيف الاستشارات

عنوان الاستشارة : التحذير والوعيد الشديد لمن قتل مسلماً متعمداً، وضرورة العفو والتسامح

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

تعرضت للاعتداء بالضرب قبل 3 سنوات، من قبل أفراد من العائلة، وتعرضت لمشكلة أخرى مع العائلة ضد ناس أغراب وحصل قتل فيهم ونحو 45 إصابة بالرصاص الحي، وحصل أن أقاربنا من العائلة (العشيرة) تخلو عنا وتركونا نهباً للناس الآخرين (من عشرة ثانية).
ومنذ ذلك اليوم وأنا أشعر برغبة شديدة بالقتل لمجموع هؤلاء الذين تخلوا عنا، واعتدوا علينا من أفراد العائلة، وبالمناسبة هم جيراني تماماً.
ولقد تحصلت على بندقية آلية ومسدس والعديد من الطلقات الكافية لإتمام المهمة، ولا تزال الاستفزازات تتوالى منهم، وعندما أقرر القتل أشعر بنوع من الخوف على عائلتي (زوجتي وأبنائي)، ولكن بعض الأحيان تتملكني الرغبة الشديدة بالقتل لدرجة التخطيط والبدء.
أنا لا أريد أن أقتل ولكني لا أستطيع التوقف عن التفكير بالقتل، الرجاء سرعة الإجابة؛ لأنني أشعر بالتوتر الشديد والرغبة الشديدة بالقتل وحتى التمثيل بجثثهم.

مدة قراءة الإجابة : 6 دقائق

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ معبير حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فنسأل الله أن يلهمك السداد والرشاد، وأن يبعد عنك أهل السوء والفساد، وأن يعيننا وإياك على طاعة رب العباد، وأن يلهمنا رشدنا ويعيذنا من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا.
فإن الإنسان لا يزال في فسحة من دينه ما لم يصب دماً حراماً، واعلم بأن أول ما يقضى بين الناس يوم القيامة في الدماء: ((مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا))[المائدة:32]، فاحذر من سفك الدم الحرام واعلم أن قتل الناس الآخرين لا يجوز ولا يليق بمن له دين وعقل فكيف إذا كانوا أرحاماً وجيراناً؟ فتعوذ بالله من الشيطان الذي يدفعك للشر، وسوف يتخلى عنك بعد وقوعك في هذه الكبيرة التي هي أكبر الكبائر بعد الإشراك بالله.
والمسلم لابد أن يتحمل أقرباءه وأهله ويصبر على أذاهم ولن يضيع أجرك عند الله، وأرجو أن تعلم أن العقلاء حتى من أهل الجاهلية كان يتجنبون الغدر والخيانة لأقاربهم وجيرانهم، بل كان فيهم من يسامح من يعتدي على إخوانه وعليه وهو يردد:
قومي همو قتلوا أميم أخي فإذا رميت يصيبني سهمي
ولا يخفى عليك أنه لا يستفيد من قتل أولئك الرجال إلا الأعداء، ولن يفرح بجريمتك سوى الشيطان الذي يريد أن يكثر أصحابه من أهل الجحيم، والمسلم لا يتمنى لقاء العدو ويسأل الله العافية، فإذا وجد نفسه في المواجهة فإنه يلتزم بالصبر ويستعين بالله ويوقن أن الجنة تحت ظلال السيوف، أما بالنسبة لإخوانه وجيرانه فإنه يكسر سيفه، ويلزم بيته ويتمنى أن يكون عبد الله المقتول وليس القاتل، ويردد قول الله تعالى: ((لَئِنْ بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ))[المائدة:28].
والمسلم لا ينبغي أن يشير بحديدية أو بسيفه على إخوانه خوفاً من أن ينزغ الشيطان في يده فتحصل الندامة، فكيف يمن يصمم ويخطط ويجهز؟ فتعوذ بالله من الشيطان وأبعد الأسلحة التي أعددتها للشر عن متناول يدك، وابتعد عن أماكن وجودهم وتجنب الاستجابة لكلامهم أو الغضب لتصرفاتهم، فإن الغضب من الشيطان وهو سلاح يوصل به الغافلين عن ذكر الله إلى الندامة والخسران.

وتذكر أن الأنبياء أشرف الخلق صبروا على الأذى واحتملوا الإساءة وهكذا ينبغي أن يكون العظماء والحكماء، وما أصدق ما ذكره الشاعر الحكيم حين قال عن قومه:
ولا أحمل الحقد القديم عليهمُ وليس كبير القوم من يحمل الحقدا
وهذا نبي الله يوسف رماه إخوته في الجب، وبيع بسببهم بثمن بخس دراهم ووقع في الأسر، وعمل مملوكاً ودخل السجن فلما التقى بإخوانه واحتاجوا إليه قال لهم ما قصة لنا ربنا في كتابه: ((لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ))[يوسف:92]، وهذا ما فعله رسولنا صلى الله عليه وسلم مع مشركي مكة الذين آذوه وقتلوا أصحابه فلما تمكن من رقابهم قال لهم (اذهبوا فأنتم الطلقاء).
واعلم بأن رسولنا وعد من كظم غيظاً وهو قادر على أن ينفذه بأن يدعوه الله على رؤوس الخلائق يوم القيامة حتى يخيره من الحور العين ما شاء، وليس الشديد بالصرعة ولكن الشديد هو الذي يملك نفسه عند الغضب، والمسلم يزداد بعفوه عن الذين يظلمونه رفعة، فقد قال رسولنا صلى الله عليه وسلم: (وما زاد الله عبداً بعفو إلا عزاً)، والمسلم يكون مثل الشجرة التي يرميها الناس بالحجارة وتعطيهم الثمار، وأحسن الشاعر حين قال:
وذو سفهٍ يواجهني بجهلٍ وأكره أن أكون له مجيباً
يزيد سفاهةً وأزيد حلماً كعود زاده الإحراق طيباً
وقد مدح الله عباد الرحمن فقال في صفاتهم: ((وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلامًا))[الفرقان:63]، ومدح المتقين فقال:
((وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ))[آل عمران:134].
وأرجو أن تحمد الله الذي نجاك من المشاكل السابقة، ولعل في عدم وقوفهم معك خير لأنك كنت سوف تتقوى بهم على الانتقام من الأبرياء، واحرص على أن تسامح كل من تشعر أنك ظلمته وتسارع بالتوبة والرجوع إلى الله.
ولا شك أن المسلم يعرف الناس في الشدائد، وأحسن من قال:
جزى الله الشدائد كل خير فقد علمتُ بها عدوي من صديقي
وليس صواباً أن ينصر الإنسان قريبه على الظلم والعدوان، وتلك والعياذ بالله هي العصبية المقيتة التي نهى عنها الإسلام، ولكن المسلم ينصر أخاه ظالماً أو مظلوماً، وذلك بأن يرده عن الظلم ويمنعه إذا كان ظالماً للآخرين، والشدة والقوة نعمة من الله ينبغي أن يستخدمها الإنسان في رضا الله، وقد قال ربنا في كتابه عن نبيه موسى عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام: ((رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِلْمُجْرِمِينَ))[القصص:17]، فاتق الله في نفسك وفي أهلك وجيرانك واشغل نفسك بالصلاة والذكر، وتعوذ بالله من الشيطان واعلم أن هذا العدو يئس أن يعبده المصلون، ولكن رضي بالتحريش بينهم وإشعال نيران العدوان.
ونسأل الله أن يرزقك السداد والرشاد.

أسئلة متعلقة أخري شوهد التاريخ
كيف نفرق بين الأغاني المباحة والممنوعة؟ 1291 الثلاثاء 28-04-2020 05:08 صـ
ما علاج كثرة الفزع والخوف عند دخول أي أحد علي؟ 1592 الاثنين 20-04-2020 04:41 صـ
بفضل الله ثم بفضلكم عدت لحياتي، فشكراً لكم إسلام ويب 2759 الأحد 19-04-2020 03:56 صـ
كيف أنشغل بعيوبي وأسعى لإصلاحها؟ 1014 الأربعاء 08-04-2020 04:04 صـ
كيف أصل لحب النبي صلى الله عليه وسلم؟ 920 الأربعاء 15-04-2020 02:28 صـ