أرشيف الاستشارات

عنوان الاستشارة : تقوية النوازع الدينية في وجداني.. وتهذيب أخلاقي

مدة قراءة السؤال : دقيقتان

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أرجو توجيهي إلى الطريق المثلى للتركيز على الأشياء المهمة في الحياة مثل تقوية النوازع الدينية وتهذيب الأخلاق والشعور بالقوة وعدم الخوف من الخلق واستشعار معية الله في كل أمر، حيث أشعر أنني أملك بعض السلبيات الخطيرة، مثل: أريد أكون أكثر قوة في مواجهة الغريزة الجنسية أو النساء بشكل عام، أريد أن أحب الخير للخلق، وأن أساعدهم وألا أحسد أحداً وأفرح لما يصيبهم من خير، وأن أكون صادقاً في نصائحي لهم وتوجيهي لهم.

أنا أحب العطاء، فأنا أشعر بأنني بحاجة إلى مثل تلك المثل في حياتي حتى أقدر أن أقدم شيئاً لنفسي ولآخرتي وللآخرين، فما نصائحكم في هذه الحالات النفسية التي تأخذني بين شد وجذب؟ لا أريد أن أسبب الأذى لأحد، وكيف أكفر عن إساءتي لمن أسأت لهم، وكيف أسامح من أساء إلي؟ كيف أوجد في نفسي تلك الخصال منها حب التسامح وحب الخير ونبذ الحسد وعدم النظر لما أعطى الله الآخرين وما فشلت فيه في حياتي لا أعلقه على غيري؟


مدة قراءة الإجابة : 5 دقائق

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ ساليم حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فنسأل الله أن يقدر لك الخير ويسدد خطاك ويلهمنا جميعاً رشدنا ويعيذنا من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا!

فإن الإنسان مثل السوق تحمل إليه البضائع الرائجة فإن راج عنك الصدق والخير حملهما الناس إليك، فاعرف الحق تعرف أهله، وأعلم أن الإنسان ما أعطي بعد الإسلام أفضل من صديق صالح يذكره بالله إذا نسي ويعينه على طاعة الله إن ذكر، وقل لي من تصاحب أقل لك من أنت.
ومن خاف الله أخاف الله منه كل شيء، ومن خاف غير الله أخافه الله من كل شيء، واعلم أن الإنسان يستمد قوته من لزوم الحق، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك وإن اجتمعوا وتآمروا وخططوا ليضروك فإنهم لن يستطيعوا إلا بشيء قد كتبه الله عليك، وإذا علم المؤمن وأيقن أن مقاليد الأمور بيد الله وحده فإنه يتحرر من كل أسباب الضعف ويشعر أن الله ناظر إليه مطلع عليه لا تخفى عليه خافية، واعلم أن الكون ملك لله ولن يحدث في كون الله إلا ما أراده سبحانه.

ورحم الله إبراهيم بن أدهم الذي لقي رجلاً مهموماً، فقال له: رزقك هذا، هل يأكله غيرك؟ قال: لا، فقال ابن أدهم: الكون هذا ملك لله فهل يحدث في كون الله ما لا يريده؟ قال: لا، فقال ابن أدهم: ففيم الهم إذن!؟ فضحك الرجل ومضى في سبيله، وتذكر أن كل صفة خبيثة سوف تختفي عندما تكتسب صفة حسنة، وجالس أصحاب الأخلاق الفاضلة لتتأثر بهم، واعلم أن الحلم بالتحلم والعلم بالتعلم، ومن يتصبر يصبره الله، فإن عجزت عن تغيير الصفات السيئة فغير مجاريها لتكون في الخير والطاعة.

ولا شك أن مراقبة الله والخوف من عقابه مع غض البصر والبعد عن مواطن وجود النساء والاشتغال بالمفيد وتجنب الوحدة والابتعاد عن المثيرات مما يعين على ضعف الشهوة، وكذلك لا يخفى عليك أثر الصيام فإنه يضيق مجاري الشيطان ويقوي روح المراقبة لله، وأرجو أن تتذكر أن الجزاء من جنس العمل فلا تفعل ما لا ترضاه لأخواتك وبناتك، واعلم أن حفاظنا لأعراضنا تبدأ بعفتنا عن أعراض الآخرين.
وأنت -ولله الحمد- فيك الخير والدليل على ذلك هو هذا الاهتمام والسؤال فاحرص على تنمية جوانب الخير في نفسك، واعلم أن الحسد لا ينفعك ولا يضر المحسودين، وإذا رأيت نعمة تنزل على عباد الله فافرح وتوجه إلى الله بحاجتك، كما فعل نبي الله زكريا عندما دخل على مريم ووجد عندها رزقاً فتوجه لمن أعطى مريم وأكرمها ورفع إليه حاجته فجاءته الإجابة على وجه السرعة، وهكذا يفعل المؤمن: يفرح للنعم وهي تنزل ويرفع حاجته للمنعم الوهاب سبحانه.

والمؤمن السعيد ينظر إلى من هم دونه في العافية والمال والولد تصديقاً وإيماناً بتوجيه الرسول صلى الله عليه وسلم (انظروا إلى من هو أسفل منكم ولا تنظروا إلى من فوقكم كي لا تزدورا نعمة الله عليكم )، والقرآن أيضاً أدبنا فقال ربنا تبارك وتعالى: (( وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنيَا... ))[طه:131]، فالموفق هو الذي يعرف مقدار نعم الله عليه فيؤدي شكرها.

وأرجو أن تتصدق بكل مظلمة ظُلمتها من إخوانك، وتجتهد في كف أذاك عن الناس فإن ذلك صدقة منك على نفسك وأتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن، وعلم نفسك الرضا بقضاء الله وقدره وقسمته بين عباده فإنه سبحانه لا يسأل عن ما يفعل وهم يسألون، ولا تلومن أحداً على ما لم يعطك الله، ولا تقل لو أني فعلت كذا لكان كذا ولكن قل بلسان أهل الإيمان قدر الله وما شاء الله فعل.

وتدرج في علاج نفسك واعلم أن إحساسك بهذه الأشياء هو أهم خطوات العلاج، وعليك باللجوء إلى من يجيب المضطر إذا دعاه فإنه لا خاذل لمن وفقه.
ونسأل الله لك السداد والرشاد.

أسئلة متعلقة أخري شوهد التاريخ
خائف من أذية الناس لي فكيف أحصن نفسي؟ 3478 الخميس 23-07-2020 05:29 صـ
أتوب من المعصية ثم أرجع لها، فهل سيحرمني الله من النعم؟ 3580 الأحد 19-07-2020 02:55 صـ
أعاني من القلق ونقص العاطفة والحنان من والدي! 1991 الأربعاء 15-07-2020 06:09 صـ
أشعر وكأن الإيمان دخل إلى أعمالي وعقلي، ولم يدخل قلبي! 1630 الثلاثاء 14-07-2020 04:30 صـ
كيف أتخلص من الخوف والاكتئاب؟ 4144 الاثنين 13-07-2020 04:12 صـ