أرشيف الاستشارات
عنوان الاستشارة : أعيش مع الوسواس القهري والرهاب الاجتماعي ونوبات الهلع... فما توجيهكم لي؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا فتاة أبلغ من العمر (25) سنة، بدأت حكايتي منذ الشهر الأول من ولادتي، إذ أصبت بنوبات الصرع التي ما لبثت حتى تلاشت بعد سنة، بقيت على أثرها تحت الرعاية الطبية إلى حدود السنة الخامسة من حياتي.
مرت السنوات وانتقلت من المدرسة الابتدائية إلى الإعدادية، ومنها إلى المعهد بنجاح -والحمد لله-، لكنني كنت أعاني من ضعف التركيز، وتقلب المزاج، والبكاء من غير سبب، والذهاب المستمر إلى دورة المياه، وتنتابني نوبات من الخوف والهلع لا أدري سببها، وأشعر في بعض الأحيان بأن هناك حجر جاث على صدري أو فوق معدتي يكتم أنفاسي، ويشعرني بفزع لا مثيل له، حتى أنني أحاول إخماد هذه النار بالبكاء بصوت مرتفع.
ظللت على هذه الحالة التي لم أكن أعرف لها مبرراً، وكنت أظن أن جميع من حولي يمرون بهذه الحالة، أظنها أمراً طبيعياً، وعند بلوغي سن (18) سنة، نصحني من حولي أن أبدأ بالصلاة لأنني كبرت، ويجب أن أهتم بديني وآخرتي، وفعلا بدأت أصلي ولم أكن مجتهدة في بداية الأمر، كانت الصلاة مثل الفرض وعلي أداءه حتى أرتاح منها لا بها، وبعد ثلاث سنوات أصبحت مهتمة بديني أكثر رغم أن الصلاة لم تجلب لي الراحة والطمأنينة التي كنت أتخيلها وقرأتها في كتاب الله عز وجل، لكنها عصمتني -بحول الله وقوته- من العديد من المعاصي والذنوب.
ورغم كل ما مرت به نفسيتي من ضياع وشرود منذ الصغر، إلا أنني لم أتوقع أن أصل إلى هذه المتاهة التي أعيشها اليوم، لقد دفع الله ما كان أعظم، أنا اليوم فتاة أنهت دراستها منذ أربع سنين، وحصلت على شهادتي بتميز، لكنني الآن نسيت كل ما تعلمته, فقد أصبت بالوسواس القهري إلى أبعد الحدود، تنتابي هستيريا من مرضى البهاق، وأبدأ بالصراخ و الارتعاش إذا اقترب مني أحدهم أو لامسني، فلا أستطيع النوم أو التفكير في شيء إلا أن أغتسل وأغسل كل شيء بالكلور، مصابة بالرهاب الاجتماعي، فأنا منطوية ونحيلة ومتقلبة المزاج إلى أبعد الحدود، يدي ترتعش لسبب ومن دون سبب، فقدت الثقة في نفسي، تركت عملي، وفسخت خطوبتي، فمن ذا الذي يتحمل مزاجي السيء وكل ما أعانيه؟
هذا ما أمر به ولم أستطع تجاوزه، وأصعب ما أمر به أنني لا أستطيع أن أتكلم عنه مع أحد، فلا أحد يفهم‘ فإخوتي لهمم مشاكلهم، وأبي قد تجاوز (70) سنة، ولا أريد أن أحمله ما لا يطيق، فيكفيه هو وأمي أن يريا ابنتها الصغرى وأملهم الأخير في الحياة وهي تمضي منطوية في غرفتها لا تفارقها
ولا تجالسهما ولا تغادر المنزل إلا لظروف قاهرة.
سادتي الكرام: إن كان ما أمر به ابتلاء من الله سبحانه وتعالى فسأصبر حتى يمل الصبر من صبري،
وإن كان تكفيراً عن ذنوب فعلتها وظننتها هينة وهي عند الله عظيمة فسأصبر، وليغفر لي الله ما عملت عن جهل وعلم، (اللهم إني عصيتك جهرا فسترتني، وعصيتك سرا فسترتني، وتهاونت في عبادتك
وقصرت فأمهلتني، اللهم إني أعوذ بنور وجهك وعظيم سلطانك أن ينزل علي غضبك وعقابك، اللهم أنت ربي نجني من الظلمات إلى النور، اللهم ارحمني برحمة أبي، اللهم ارحمني برحمة أبي، اللهم ارحمني برحمة أبي، اللهم لا ترهم في بأسا يبكيهم، اللهم لم يبقى لهم غيري، اللهم لا تجعلني سبب شقاء والدي، اللهم رضهم عني، اللهم ارحمني اللهم، ارحمني، اللهم ارحمني، اللهم ارحمني، اللهم إن لم يكن عليك غضب علي فلا أبالي، اللهم ارحمني بما ترحم به عبادك المقصرين المذنبين التائبين الراجين رحمتك، المتذللين لك، الباسطين أيديهم، الطالبين العفو والعافية)، اللهم آمين، والصلاة والسلام على سيد الأولين والآخرين.
أرجو أن تنصحوني و ادعوا لي الله أن يخرجني من حلق الضيق إلى أوسع الطريق.
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ حسيبة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نرحب بك في رحاب الشبكة الإسلامية، ونحن على أعتاب شهر رمضان المبارك، نسأل الله تعالى أن يجعله شهر رحمة ومغفرة وعتق من النار، وأن يجعلنا من الصائمين القائمين.
أنا قرأتُ رسالتك بدبُّرٍ وبتمعُّنٍ، وأستطيع أن أقول لك –أيتها الفاضلة الكريمة–: أن الذي بك هو نوع من العلة النفسية البسيطة، حتى وإن سببت لك ألمًا وتأزمًا نفسيًا عبَّرتِ عنه بوجدانٍ شديد، أقول لك أن الذي بك هو حالة قلق، يتسم بوجود المخاوف والوساوس، وهذا جعلك تعيشين نوعًا من المزاج المتعسِّر والسلبي.
أيتها الفاضلة الكريمة: الأمر في غاية البساطة، هو مرض، هو علة، وكل المطلوب هو أن تتقدمي نحو العلاج، وما جعل الله من داءٍ إلا جعل له دواء، فتداووا عباد الله، لا أريدك أبدًا أن تؤوِّلي ما أصابك تأويلات قد لا تكون صحيحة، وأحد المشايخ الكرام في إسلام ويب -إن شاء الله تعالى- سوف يقوم بالردِّ على استفساراتك حول ما أصابك، وذلك من المنظور الشرعي.
وأنا من ناحيتي أقول لك: أن هذه علة وعلة يمكن أن تُعالج، وتُعالج بصورة فاعلة جدًّا، أريدك أن تذهبي إلى الطبيب النفسي، وأنت تحتاجين للمسارات العلاجية المعروفة، وهي: المسار الدوائي، والنفسي، والاجتماعي، والديني.
المسار الديني -الحمد لله تعالى– أنا مطمئن عليك تمامًا، فسيري على منهجك الإسلامي هذا.
أما المنهج الاجتماعي، وهو يجب أن تصرفي انتباهك عن الخوف والوسواس من خلال الانخراط في المزيد من الأنشطة الاجتماعية، على المستوى الأسري، على المستوى المجتمعي، وأن تُحسني إدارة وقتك.
أما المسار النفسي للعلاج فهو طريقة التفكير ونمطه، الوسواس والمخاوف تُحقَّر، ولا تُناقش، ولا يسترسل الإنسان في تفسيرها، وكل فكرة سلبية يجب أن تستبدل بفكرة إيجابية، وآليات التغيير وهبها الله تعالى لنا، ومتى استفدنا منها سوف تتبدَّل أحوالنا، وتنتعش أفكارنا وتزداد آمالنا.
كوني على هذا المنهج -أيتها الفاضلة الكريمة–، أنت صاحبة إنجازات، الحمدُ لله تعالى لديك الأسرة، في بدايات سن الشباب، فيجب ألا يكون هنالك ضجر وكدر، لا، بل انشراحًا وأملاً ورجاءً.
المسار الأخير، هو المسار الدوائي، وقطعًا مثل (باروكستين Paroxetine) والذي يسمى تجاريًا (ديروكسات Deroxat) في تونس، سيكون مُفَرِّجًا -إن شاء الله تعالى- للكثير من آلامك النفسية خاصة في مجال الوسواس والخوف الاجتماعي، فلا تحرمي نفسك أبدًا من العلاج، تقدَّمي للطبيب ليصف لك الدواء، الديروكسات أو أي عقار آخر يراه، وأنا على ثقة عظيمة بالله تعالى أنه سيكتب لك الشفاء والتعافي.
باركَ الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.
أسئلة متعلقة أخري | شوهد | التاريخ |
---|---|---|
عدم قدرتي على حل المشاكل يصيبني بالإحباط الشديد | 1006 | الأربعاء 12-08-2020 04:12 صـ |
أنا خجول وأفضل الصمت فهل ذلك يعد مشكلة؟ | 614 | الخميس 16-07-2020 03:09 صـ |
لدي بعض الانطواء والعزلة .. أريد حلا | 511 | الأحد 12-07-2020 01:02 صـ |
كيف أصبح شخصية طبيعية اجتماعية؟ | 1402 | الأربعاء 29-04-2020 06:59 صـ |
هل تصيب الأمراض النفسية شابا في عمر 14 سنة؟ | 1456 | الأربعاء 29-04-2020 04:48 صـ |