أرشيف الاستشارات
عنوان الاستشارة : هل أعمل عملية ميلان الفك إذا كان ذلك سيجمل شكلي الذي أستقبحه؟
السلام عليكم
أنا فتاة لدي ميلان في الفك الأسفل، وهذا الشيء أثر على نفسيتي بشكل كبير، خصوصاً أني لست جميلة أبداً، وعندما أقوم بأخذ صورة مع صديقاتي أظهر في الصورة بشكل قبيح جداً، ولا أبالغ لدرجة أن أختي أخبرتني بأنني أبدو في الصورة مثل المصابين بمتلازمة داون.
أنا الوحيدة من بين أخواتي ولدت سمراء ولست جميلة، وقد حاولت أن أظهر بشكل أجمل من خلال وضع مساحيق التجميل، وللأسف أن ذلك يزيدني سوءا.
سؤالي: هل يجوز لي عمل عملية ميلان الفك؟ وهل سيحسن ذلك من شكلي قليلاً؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Mana حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
الجمال صفة لا تقاس بالمظهر وحسب، ولكنها مثل الروح لها مظهر وجوهر، والقبح أيضا صفة لها مظهر وجوهر، ولقد أوصى الرسول -صلى الله عليه وسلم- بالزواج من ذات الدين حين قال -صلى الله عليه وسلم-: (تنكح المرأة لأربع، لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك) صدق رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
وهناك الكثير من النماذج الناجحة في الحياة، ومنها سيدنا بلال بن رباح الصحابي الجليل –رضي الله عنه-ومؤذن النبي –صلى الله عليه وسلم-، ومن المعاصرين المذيعة الأمريكية ذائعة الصيت السمراء أوبرا التي تحوز إعجاب الملايين حول العالم، وذلك بحضورها وقوة شخصيتها والمليارات التي جمعتها من عملها في برنامجها الشهير، وليس الرئيس أوباما وزوجته ببعيد عن المشهد، وبالتالي يجب الاقتناع بما رزقنا الله من شكل، والأهم من الشكل؛ الثقافة والحضور والعلم والإيمان والتقوى لله عز وجل.
ومن الخطأ أن نعتقد أن للجمال مقاييسه الحسية وحدها، تلك التي تقع عليها العين، أو تسمعها الأذن، أو يشمها الأنف، أو يتذوقها اللسان، أو تتحرك لها لمسات الأطراف العصبية، فالجمال مادة وروح، وإحساس وشعور، وعقل ووجدان، فإذا التقى فلاسفة الجمال في بعض الجوانب أو العناصر، فستظل هناك في عالم الجمال مناطق يعجز الفكر الفلسفي عن إدراك كنهها، والوصول إلى أبعادها، فليس العقل وحده هو القوة القادرة على استكناه كل أسرار الوجود وما خفي فيه، ولحكمة يقول الله في كتابه العزيز: {فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور}.
"والجمال ليس قيمة سلبية لمجرد الزينة، كما أنه ـكما أسلفناـ ليس تشكلاً مادياً فحسب، ولكنه بالمعنى الصحيح حقيقة مركبة في مداخلها وعناصرها وتأثيراتها، ومحصلة ذلك كله ما يتحقق للإنسان من سعادة ومتعة، وما ينبثق عن ذلك من منفعة تتجلى فيما يأتي أو يدع من أفعال وأقوال، وفيما يحتدم داخله من انفعالات ومشاعر.
والجمال بداهة لا يرتبط بالمظاهر الحسية وحدها، وهذه قضية هامة من وجهة النظر الإسلامية، فجمال الطبيعة وما فيها من ورود وزهور وأنهار وجبال وطيور ليس مجرد جمال سطحي، لكنه ينبع من قوة قادرة، خلقت فأحسنت، وصنعت فخلبت الألباب والأبصار، وأثارت الفكر والتأمل، وفتحت أبواب الإيمان واليقين بهذه القدرة المعجزة الخالقة، وإذا كان الاستمتاع بالجمال مباحاً في الأصول الإسلامية، فإنه مدخل إلى ارتقاء الروح والذوق، وسمو النفس وخلاصها من التردي والسقوط، ومحرك للفكر كي يجول إلى ما هو أبعد من المظاهر الحسية التي قد كتب عليها الزوال، فالجمال سبب من أسباب الإيمان، وعنصر من عناصره، والقيم الجمالية الفنية تحمل على جناحها ما يعمق هذا الإيمان ويقويه، ويجعله وسيلة للسعادة والخير في هذه الحياة." (هذا الجزء والذي قبله مقتطع من مقالة في المكتبة الإسلامية في موقع إسلام ويب).
أما اعوجاج الفك: فهو حالة طبية يمكن التعامل معها، وتصحيحها بعد عرض الحالة على استشاري جراحة الفم والأسنان، وهي حالة طبية، وليس في ذلك تغيير لخلق الله بل علاج عضوي ونفسي في ذات الوقت، مع الصلاة وبر الوالدين، وحب الناس والثقة بالنفس، والابتسامة المليئة بالبشر والحب؛ هي ما يمكنك وضعها على وجهك ليزداد بهاء وجمالا.
وفقك الله لما فيه الخير.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
انتهت إجابة الدكتور عطية إبراهيم محمد، استشاري طب عام وجراحة وأطفال.
وتليها إجابة الشيخ أحمد الفودعي، مستشار الشؤون الأسرية والتربوية.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مرحبًا بك -ابنتنا الكريمة- في استشارات إسلام ويب، ونسأل الله بأسمائه وصفاته أن يُقدر لك كل خير، وأن يُسعدك في دنياك وفي آخرتك.
لقد أحسن الدكتور محمد – جزاه الله خيرًا – فيما قدَّمه لك من نصائح، ونحن نؤكد لك ما قاله في موضوع الجمال، فإن الجمال أمر نسبي، والناس يتفاوتون في تقديره، وكل ما صنعه الله تعالى حسن جميل، فقد قال سبحانه وتعالى: {لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم}.
وأنت إذا نظرت إلى الجوانب الإيجابية في حياتك وما أعطاك الله تعالى من النعم ستجدين أنك تعيشين في نعم كثيرة يفقدها خلقٌ كثير لا يُحصيهم إلا الله تعالى، فلا تنسي هذا، فإن كثيرًا من الناس يتمنون أن يكونوا مثلك، وأن يمتعهم الله بما متعك، وأن يعطيهم ما أعطاك.
ولقد كانت وصية النبي -صلى الله عليه وسلم- دواءً يُزيل به الله تعالى الداء عن النفوس حين قال -عليه الصلاة والسلام-: (انظروا إلى من دونكم ولا تنظروا إلى من فوقكم فإنه أجدر ألا تزدروا نعمة الله عليكم) أو كما قال -صلى الله عليه وسلم-، وفي رواية أخرى يقول -عليه الصلاة والسلام-: (إذا نظر أحدكم إلى ما فُضِّل عليه في المال والخلق فلينظر إلى من هو أسفل منه) رواه البخاري ومسلم.
وهذه الوصية النبوية نافعة – أيتهَا الأخت والبنت العزيزة – نافعة لك بلا شك، فإنها تُذكّرك بنعم الله تعالى الوفيرة عليك، وستعلمين أنك تتمتعين بقدر كبير من الجمال يتمناه خلقٌ كثير.
ومع هذا نقول – أيتهَا البنت العزيزة –: إن العمليات الجراحية إذا كانت لإزالة عيب ظاهر فإنه لا حرج فيها، وليست من تغيير خلق الله المحرم، فإذا كنت بتلك المرتبة فلا حرج عليك من إجراء هذه العملية.
نسأل الله بأسمائه وصفاته أن يقدر لك كل خير.
أسئلة متعلقة أخري | شوهد | التاريخ |
---|---|---|
عادة مصافحة النساء... بين التوبة والمواقف المحرجة | 5814 | الخميس 16-01-2014 04:32 صـ |