أرشيف الاستشارات
عنوان الاستشارة : أخاف من المصاعد والرهاب الاجتماعي يُعيقني عن تحقيق أهدافي!
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
د. محمد عبد العليم، أتوجه بالشكر الجزيل لك على ما تقدمه من استشارات وتوجيهات، سائلاً الله العلي القدير أن يحفظك وعائلتك من كل مكروه.
المشكلة الأولى:
عمري 31 سنة، متزوج ولدي طفل، وأعيش حياة طيبة -والحمد لله-، أرى نفسي ويراني الآخرون أنني شخص ممتاز، هادئ، متفوق تعليمياً، أحب الاختلاط بالناس (اجتماعي)، وأخطط للمناسبات منذ وقتٍ مبكر حتى يتسنى لي حضورها، ولكن -يا دكتورنا الفاضل- الشيء الوحيد الذي يقلقني دائماً، وأرى أنه يعيقني في تحقيق أهدافي سواءً التعليمية، أو العملية هو (الرهاب الاجتماعي)! أحب الحضور والمشاركة في المناسبات، ولكنني لا أستطيع التحدث أمام الناس، أو في اجتماعات العمل ..إلخ.
نعم أحضر إلى المناسبات مبكراَ كي أتجنب الدخول عند امتلاء المكان بالناس؛ لأنني لا أستطيع وأحس برجفة، وازدياد في نبضات القلب واحمرار مع حرارة في منطقة الوجه.
عندما أكون في المناسبة لا أجد حرجًا في التحدث مع من هم بجانبي، ولكن عندما يوجه أحد لي الكلام من مكان بعيد عني تأتيني الأعراض التي ذكرتها سابقًا، وأشعر بحرج شديد، أحيانًا أطلب من والدي انتظاري للدخول سوياً إلى المناسبة لتلافي الإحراج ... الخ، مع العلم أنني أعاني من هذه الأشياء منذ وقت طويل يفوق العشر سنوات.
المشكلة الثانية:
ينتابني شعور بالخوف الشديد أحيانا من (المصاعد) فلا أستطيع ركوب المصاعد الضيقة؛ لأنني أخاف أن تتعطل وأنا بداخلها! ولكن المصاعد الزجاجية التي من خلالها أستطيع أن أرى الناس كتلك التي في الأسواق، فلا أخاف منها، كنت أركب الطائرة، ولا أخاف من شيء، ولكن الآن عندما أجلس على المقعد يأتيني خوف شديد جدًا لدرجة أنني أحس أنه يجب علي النزول قبل إغلاق أبواب الطائرة!
أيضا ذات مرة سافرت إلى إحدى الدول، وفي منطقة ما للتنزة وجدت العربات المعلقة (التلفريك) فركبت واحدة، وبمجرد ما جلست على المقعد جاءتني نفس حالة الخوف التي في الطائرة فأسرعت بالنزول!
المشكلة الثالثة:
دائمًا أتخيل أن هناك أشياء قد تحصل، فمثلا عندما أرى أحد الأطفال يلعب في البيت، فإنني أتخيل أن هذا الطفل ربما يقع عليه شيء، أو ربما يحرقه شيء، أو ربما يسقط على سكين فتخترق بدنه، فدائماً تجدني حذر جدًا، وبعض من حولي يخبروني بذلك، خاصة عندما يكون هناك احتمال لوجود خطر على الأطفال، أو أحد أفراد العائلة، أيضا بمجرد أن أقف أنا وأحدهم على الشارع مثلا للذهاب إلى الجهة المقابلة، فإنني أتخيل أنه سوف تأتي سيارة وتصطدم بنا، ونموت، أو نصاب مثلاً، لا أعلم هل هذا الإحساس أو الوسواس له علاج أم لا.
أيضا أتخيل أن أحد إخواني قد طُعن في جسده بآلة حادة، وأنه أتى إلى المنزل وهو ينزف، والكثير الكثير من الوساوس التي لا يمر يوم إلا وتأخذ نصيبها من وقتي..الخ، وقس على ذلك من التخيلات التي تخيفني جداً، ولا أعلم سببها.
خلاصة الكلام: أرى أنني أعاني من رهاب اجتماعي، وخوف شديد، وبعض التخيلات، وبعض الوساوس، وأريد حلاً لها، فضلاً وليس أمراً بين لي طريقة استخدام الدواء من البداية حتى إيقافه نهائياً، فو الله إنني أعاني مما ذكرته سابقًا منذ زمن طويل، ولا أحد يعلم بي سواي، مع العلم أنني من السعودية، ولا أعلم إذا كانت الوصفات الطبية ضرورية لصرف الدواء أم لا؟
وفقكم الله لك خير.
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ S A Q حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نسأل الله تعالى لك التوفيق والسداد، ونشكرك على كلماتك الطيبة، وكل عام وأنتم بخير.
أيها الأخ الكريم: رسالتك واضحة المعالم جدًّا، وفيما ذكرته حول المشكلة الأولى فهو نوع من الرهاب الاجتماعي، والمشكلة الثانية هي مخاوف من الأماكن الضيقة، وإن كان الخوف من المصعد أيضًا أحد الأعراض التي أزعجتك، لكن أعتقد أن الخوف من الأماكن الضيقة المتحركة هي مشكلة رئيسية وأساسية، والمشكلة الثالثة هي نوع من الانغماس في الفكر الوسواسي التحليلي.
أخي الكريم: هذه الأعراض كلها متداخلة ومترابطة، فأنت تعاني من مخاوف القلق الوسواسية، والقلق يؤدي إلى الخوف، والخوف يؤدي إلى الوسواس، والوسواس يؤدي إلى القلق، ومن ثم يؤدي إلى المزيد من المخاوف، وهكذا، إذن هي كلها أضلاع متصلة مع بعضها البعض، تتحرك في بوتقة واحدة، وتؤدي إلى أعراض متباينة هنا وهناك.
أرجو أن تطمئن، فالحمد لله تعالى أنت بخير، وحياتك فيها أشياء طيبة وجميلة، وهذا يجب أن تتذكره دائمًا، وتسعى لتطوير ذاتك؛ لأن في ذلك مساهمة كبيرة في التخلص من المخاوف، والمخاوف ليست ضعفًا في الإيمان، أو اضطرابًا في شخصيتك، معظمها متعلمة ومكتسبة، قد تكون مررتَ بظروف تعرضتَ فيها لشيء من الخوف هنا وهناك، وحتى إن لم يأتِ هذا الخوف إلى مخيلتك الآن، أو لا تتذكر هذه الحوادث، إلا أنها قطعًا حدثت ودفنت في عقلك الباطني.
والحكمة تقول : إن الشيء المكتسب أو المتعلم يمكن أن يُفقد من خلال التعليم المضاد، لذا فكرة اقتحام الخوف وتحقيره وعدم الأخذ به، وتجنبه، هي المادة والمفتاح الذهبي الذي من خلاله يفتت الإنسان مخاوفه.
ويا أخي الكريم: لا تنجرَّ مع التحليلات والمشاعر التي تأتيك مع الخوف، فلن يحدث لك شيء، ولن تفقد السيطرة على الموقف، ولن تتلعثم أمام الآخرين، ولن تسقط أبدًا، هذه المفاهيم يجب أن تُصححها، وفكرة أن تصطحب والديك في بعض المواقف الاجتماعية لا أفضله ولا أحبذه أبدًا.
عرِّض نفسك في الخيال لمواقف اجتماعية تحس فيها بالخوف، ثم عليك بالتطبيق، ولا تتجنب المصاعد، هي نعمة من نعم الله، واحرص على دعاء الركوب، وكذلك في الطائرة، احرص على ذلك تمامًا، اقرأ عن هذه الطائرات العملاقة، وكيف أن الله تعالى قد أكرم الإنسان بهذه الصناعات العظيمة، وقد وجدت دعاء الركوب ومفيدًا جدًّا في مثل هذه الحالات.
تمارين الاسترخاء أيضًا مهمة وضرورية، ومن يطبقها يستفيد كثيرًا لمقاومة مخاوفه.
العلاج الدوائي مطلوب، ومهم وضروري، وأنت – أخي الكريم – تعيش في المملكة العربية السعودية وبها الكثير من المختصين، فيمكنك أن تذهب وتقابل أحدهم، هذا قد يكون أفضل، وإن لم تستطع أعتقد أن عقار (زولفت)، والذي يعرف باسم (لسترال)، واسمه العلمي (سيرترالين) هو الأفضل في حالتك، حيث إنه جيد لعلاج قلق المخاوف الوسواسي.
بالنسبة لصرف الدواء: لست متأكدًا من الموقف القانوني هناك، لكن الذي أعرفه أن هذه الأدوية سليمة، وفي كثير من الدول تصرف دون وصفة طبية.
الجرعة هي أن تبدأ بحبة واحدة، تتناولها ليلاً لمدة شهر، ثم تجعلها حبتين ليلاً لمدة ثلاثة أشهر، ثم حبة واحدة ليلاً لمدة أربعة أشهر، ثم حبة يومًا بعد يوم لمدة شهر، ثم حبة واحدة مرة واحدة كل ثلاثة أيام لمدة شهرٍ، وبعد ذلك تتوقف عن تناول الدواء.
هذه الطريقة جيدة، طريقة متدرجة تضمن -إن شاء الله تعالى - أنك لن تحدث أي آثارٍ انسحابية عند التوقف من الدواء.
نسأل الله لك العافية والتوفيق والسداد.
أسئلة متعلقة أخري | شوهد | التاريخ |
---|---|---|
حياتي أصبحت صعبة بسبب الخوف كيف أتخلص من ذلك؟ | 1107 | الأحد 10-05-2020 03:25 صـ |
ما الفرق بين الرهاب الاجتماعي وضعف الشخصية؟ | 1538 | الخميس 02-04-2020 05:06 صـ |