أرشيف الاستشارات

عنوان الاستشارة : أشعر أن الله في مقدمة رأسي!!

مدة قراءة السؤال : دقيقتان

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

رغم علمي أنّ الله بائن عن خلقه غير حالّ فيهم، فإنّي أعيش وأعبد الله على أساس أنّه حالّ في مقدمة رأسي و متحد معي يراقب أفكاري وخواطري، لا أعبده كغيب بل كحقيقة وشعور داخلي.

أرجو عونكم..
أنا متأكد أنّ ما أشعر به خلقته بنفسي، إذ كنت أبحث عن اليقين التام بالبعث ووجود الخالق، كنت أبحث على أن يقذف الإيمان إلي، إذ مررت بمرحلة شك طويلة فقلت مع نفسي أنّه بالصلاة والاستغفار ربمّا أجد اليقين، وفجأة جاءني شعور وإحساس أنّ الله حلّ في مقدمة رأسي.

للأسف كل محاولاتي للتخلص من هذا الوهم عن الله في مقدمة رأسي تبوء بالفشل، لست أدري ما علي فعله إذ أعرف أنّي متوهم، ولكنّي لا أستطيع دفع هذا الإحساس عنّي.
أكتب لكم رسالتي وأنا في أمس الحاجة للحصول على الجواب الشافي.

زيارة الطبيب أو شراء أي دواء متعذر قطعيّا بالنسبة لحالتي المادية، أملي بعد الله فيكم.

مدة قراءة الإجابة : 9 دقائق

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ مصطفى حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يصرف عنك كل سوء، وأن يعافيك من كل بلاء، وأن يرد عنك كيد شياطين الإنس والجن، وأن يحفظك بما يحفظ به عباده الصالحين، إنه جواد كريم.

وبخصوص ما ورد برسالتك - أخي الكريم الفاضل – من أن الله تبارك وتعالى قد منّ عليك بعقيدة صحيحة سليمة عنه جل جلاله، وعن صفاته وأسمائه، ومن هذه العقيدة أن الله تبارك وتعالى قد أكرمك بأن علمت بأنه بائن عن خلقه غير حالٍ فيهم، وهذه من فضل الله تعالى من علامات سلامة المعتقد، تنزيه الله تبارك وتعالى من الاتحاد والحلول، ورغم ذلك تقول بأنك تعيش وتعبده سبحانه وتعالى على أساس أنه سبحانه وتعالى وتقدست أسماؤه في مقدمة رأسك ومتحد معك يراقب أفكارك وخواطرك، ولا تعبده كغيب بل حقيقة وشعور داخلي، وتطلب مساعدة للخروج من هذه المتاهة التي أنت فيها.

أقول لك: إنه مما لا شك فيه أن الأمر بفضل الله تعالى ورحمته يدور حول محورين: الأول أن الله قد منَّ عليك بالعقيدة الصحيحة السليمة، وهي التي على أساسها يُسهل العبد، فما اعتقدته يقينًا فهو الذي تُسأل عنه، أما الأمر الثاني وهو مسألة أنك تعيش وتعبد الله أنه حال في مقدمة رأسك، فهذه – أتصور – من نزغات الشيطان، وأنها من تلبيس إبليس، وهي تمثل نوعًا من أنواع الأمراض النفسية حتى وإن كانت في صورة مخففة، فإن هذا يأتي من باب التوهمات السلبية التي تحدث للإنسان نتيجة عوامل كثيرة متعددة، وحقيقة لم يجزم الأطباء بأنها وراثية، وإنما لا يستبعدون وجود خلل في مرحلة الطفولة المبكرة أو مرحلة الحمل أو غير ذلك، ترتب عليه حدوث مثل هذه التوهمات حول ذات الله تعالى جل جلاله وتقدست أسماؤه.

وأرى أن الأمر بسيط من حيث أنه ما دامت العقيدة صحيحة وسليمة فهذه مسألة جانبية، إلا أن إزعاجها فعلاً أنك تعيشها بقوة وفي حاجة إلى أن تتخلص منها، لأنك تعلم أنها تتعارض مع ما ينبغي أن يكون عليه اعتقاد المسلم تجاه ربه ومولاه جل جلاله.

ولذلك فإني أنصحك بداية - أخي الكريم الفاضل – بعمل رقية شرعية لنفسك إن استطعت، أو أن يقوم أحد الرقاة الثقات برقيتك رقية شرعية، لاحتمال أن يكون هذا نوع من أنواع تلبيس الشيطان الذي يلبس به عليك، لعلمه أنك حريص على أن تصف الله تبارك وتعالى بما يليق به، وأن تنزهه سبحانه وتعالى عما لا يليق به. هذه هي المسألة الأولى.

وأما الثانية فإنه ستحول استشارتك هذه للأخ المستشار النفساني الدكتور محمد عبد العليم ليعرض عليك بعض العلاج السلوكي الذي به تستطيع أن تتخلص - إن شاء الله تعالى – من هذه التوهمات، وأن تعود إنسانًا طبيعيًا، لأن هذه المسألة – مسألة التوهم – له أنواع وله صور وأحوال كثيرة ذكرها علماء النفس، إلا أن كلها ولله الحمد والمنة أصبحت الآن خاضعة للعلاج، في مقدور الإنسان بفضل الله تعالى أن يحصل على علاج دوائي وعلاجي سلوكي جيد، وأن يتخلص منها خلاف فترة بسيطة من الزمن.

ولذا فإني أقول لك بارك الله فيكَ - أخي الكريم الفاضل مصطفى -: فعلاً الأمر هذا يحتاج إلى علاج. أنت تقول بأن هذا الأمر ليس سهلاً بالنسبة لك، وإن شاء الله تعالى سيقوم الدكتور بوصف علاج سلوكي لك، لعله - بإذن الله تعالى – أن يكون نافعًا وأن يدفع الله تبارك وتعالى به هذا التوهم السلبي الذي يجعلك تعيش في وضع غير مستقر وغير راضٍ عن نفسك، لسوء هذا المعتقد، ولبُعده عما ينبغي أن يكون عليه اعتقاد المسلم تجاه مولاه سبحانه وتعالى الذي استوى على عرشه وبان عن جميع خلقه سبحانه وتعالى، ولا يحيط به شيء، بل هو جل جلاله وتقدست أسماؤه بكل شيء محيط.

أسأل الله تبارك وتعالى أن يصرف عنك كل سوء، وأن يعافيك من كل بلاء، وأن يحفظك بما يحفظ به عباده الصالحين، إنه جواد كريم. هذا وبالله التوفيق والسداد.
----------------------------

انتهت إجابة الشيخ موافي عزب يليها إجابة د. محمد عبدالعليم:


فبارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونشكرك على تواصلك مع إسلام ويب.

أرجو أن تتطلع بكل دقة على ما ذكره لك الشيخ موافي عزب – جزاه الله خيرًا – في إجابته على استشارتك هذه، ويجب أن تتطلع على ما كُتب أكثر من مرة وتستوعبه استيعابًا كاملاً.

من الناحية النفسية أنا أقول لك أن هذه أفكار توهمية، أفكار خاطئة، ونحن نسميها بالأفكار الاضطهادية الضلالية الظنونية واللاواقعية، فهذه سمات لمثل هذا الفكر، وأنت تعرف أنه قد سبقك لمثل هذا الفكر أناس آخرون وقد ضل طريقهم عن العقيدة السليمة والعقيدة الصحيحة.

فاستيعابك أن الله تعالى قد تقدس في عليائه من مثل هذه الأفكار، وأن فكر الحلول والاتحاد هو أمر مرفوض تمامًا، هو نوع من الهرطقة ولا شك في ذلك، وأنت تُشكر شكرًا جزيلاً حقيقة على تواصلك معنا لتتحدث عن هذه الأفكار التي فرضت نفسها عليك، وأنا أراها أفكارًا مرضية.
فإذن من واجبك أيها الكريم أن تحقر هذا الفكر تحقيرًا شديدًا. هذا أولاً.

ثانيًا: أريدك أن تربط هذا الفكر مع بعض المنفرات والمقززات، فكر وتأمل في هذا الفكر، وفي ذات الوقت تأمل مثلاُ في عذاب القبر، تأمل في سكرات الموت، واربط بين الاثنين. وجد علماء السلوك أن مثل هذه المتنافرات لا تلتقي، أي الفكر الضلالي الذي يفرض نفسه والمقزز الفكري الآخر.

عمومًا هي حيل سلوكية قد تفيد في بعض الأحيان، وقد لا تفيد في أحيانٍ أخرى. لكن أرى أن العلاج الدوائي سوف يكون مفيدًا لك جدًّا. أنت ذكرت أن شراء الدواء أو زيارة المريض أمر متعذر نسبة لحالتك المادية، فهنالك أدوية بسيطة جدًّا، أدوية لا تكلف كثيرًا أبدًا، هنالك دواء يعرف باسم (ترايفلوفنازين) ويسمى تجاريًا (استالزين) هو دواء يخلل بل يحطم مثل هذا الفكر الظناني التوهمي، فلماذا لا تُقدم وتتناول هذا الدواء؟ والجرعة المطلوبة هي أن تبدأ بخمسة مليجرام، تتناولها يوميًا لمدة أسبوعين، بعد ذلك اجعلها خمسة مليجرام صباحًا ومساءً، وهنا تبدأ دواء آخر للتقليل من أي أثر جانبي قد تنتج من الاستالزين، هذا الدواء (الآخر) يسمى (آرتين) – هذا هو اسمه التجاري، واسمه العلمي هو بنزيكسول – والجرعة المطلوبة هي اثنين مليجرام.

اذن تناول حبتين من الاستالزين وحبة واحدة من الآرتين، وتستمر على هذه الجرعة لمدة ستة أشهر على الأقل، بعد ذلك تتوقف عن الآرتين وتخفض جرعة الاستالزين إلى خمسة مليجرام يوميًا لمدة ستة أشهر أخرى.

هذا أحد المقترحات التي أراها، لكن بالطبع الشيء الأمثل هو أن تذهب إلى طبيب نفسي، لأن هذه الأدوية تحتاج إلى الزيادة والنقصان حسب تطور حالتك.

فإذن خلاصة الأمر أن الفكرة فكرة مرضية، فكرة ظنانية خاطئة ويجب أن تعالج، والعلاج الدوائي يعتبر هو العلاج الرئيسي جدًّا لمثل هذه الحالات.

كنصائح عامة ومهمة جدًّا: لابد أن تبحث عن عمل، نعم نعرف أن فرص العمل أصبحت الآن شحيحة بعض الشيء، لكن - إن شاء الله تعالى – بالسعي والمثابرة تتحصل على وظيفة، أي نوع من العمل سوف يساعدك في تجنب الفراغ وتطوير المهارات، وهذا يساعدك في إبعاد مثل هذا النوع من الفكر، وفي ذات الوقت أرجو أن تجلس مع إمام مسجدك، أرجو أن تكون دائمًا في صحبة العلماء، أصحاب العقيدة السليمة، وتستشيرهم وتستنير منهم حول هذا النوع من الفكر الذي يشغلك.

انخراطك أيضًا في أي عمل خيري أو اجتماعي سوف يكون له أثر إيجابي جدًّا عليك.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونسأل الله لك التوفيق والسداد.

أسئلة متعلقة أخري شوهد التاريخ
أعاني من انتفاخ الغدد اللمفاوية تحت الفك من جهة واحدة 1096 الأحد 19-07-2020 01:25 صـ
أعاني من وسوسة أني سأفشل في الامتحانات، فماذا أفعل؟ 828 السبت 11-07-2020 09:24 مـ
عانيت من الوسواس وصارت لدي أفكار غريبة 1412 الأربعاء 08-07-2020 10:00 مـ
أعاني من وسواس وعندي اكتئاب دائم، ما العلاج؟ 993 الثلاثاء 30-06-2020 04:47 صـ
أعاني من الوسواس والخوف وتوقعات قد تحدث 3608 الأربعاء 06-05-2020 06:39 صـ