أرشيف الاستشارات

عنوان الاستشارة : كيف أتخلص من الوسواس القهري؟

مدة قراءة السؤال : 3 دقائق

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا شاب أبلغ من العمر 20 سنة، أصبت بمرض يقولون إنه الوسواس القهري، منذ عامين وأنا أعيش في عذاب.

جاءتني هذه الأعراض في العشر الأواخر من رمضان، ومنذ عامين في الليلة التي بدء لي هذا أحسست بضيق في صدري وخوف، وعندما قمت إلى السحور انغلقت شهيتي، وفي صباح ذلك اليوم بدأت أفكار خبيثة عن الله والسب وشتم للذات الإلهية، وأصابني الشك في الدين، وأصابني منذ ذلك الوقت خوف شديد، وأصبحت منعزلاً عن الأصدقاء والأحباب، وأدخل إلى بيت مظلم وأنام فيه طيلة 20 يوماً، أكل قليل، وضيق شديد، وخوف كثير!

سألت بعض الإخوان قالوا لي لا تنتبه لهذه الأفكار، ولكن لا أستطيع؛ لأنها تسيطر عليّ بشكل كبير، وبعد ذلك تأتيني أفكار أخرى مثل هل سيبقى معي هذا الخوف طيلة حياتي؟ هل سأنتحر في آخر المطاف؟ وهذا يزيد من خوفي بشكل كبير، وبعد ذلك ذهبت عند طبيبة نفسية بعد أن أقنعت أمي بذلك بشق الأنفس، ذهبت عند الدكتورة وأعطتني أدوية مثل فلوكسيت 20 مج والابراكس 0.5 مج لم أتبعه بانتظام بسبب قراءتي لبعض المقالات أن الأدوية لا تعطي أي مفعول، وأن هذا المرض ليس له دواء.

الآن أنا أريد أن أعيش مثل أي إنسان عادي، هناك بعض الناس والأطباء نفسهم يقولون هذه أعراض عادية من أجل أن يهدأ المريض فقط.

عندما أقرأ بعض المقالات من بعض الأشخاص أنهم أصيبوا بهذا الوباء مند 20 و30 سنة يزداد خوفي، وأقول في نفسي لا يمكن أن أصبر هذه المدة كلها، وأفكر في الانتحار، وأخاف من أن أنتحر لأن هذا المرض يبقى لمدة طويلة، وعندما أرى شخصاً أنتحر أو منعزلاً لمدة طويلة أقول في نفسي إني سأفعل مثله، وهذا يزيد من عذابي الشديد والضيق والكآبة الشديدة، وقد سقطت في الدراسة بسبب هذا.

أرجوكم ساعدوني، هل هذا المرض لا يوجد له علاج؟
أجيبوني بدون أن تشفق مني، أريد أن أعرف الحقيقة، وهل يمكن لشخص أن يعيش وأن يتزوج ويعيش بسلام أم هذا مستحيل؟ وهل الأدوية تعالج هذا أم أنها مجرد مهدئ فقط؟ وهل ينتحر الذي فيه هذا الوسواس؟

إذا كان يعالج فهل يعالج بصفة نهائية أم يبقى مع الإنسان دائماً؟ وهل الأطباء لم يجدوا المسبب لهذا المرض؟ حيث سمعت أن الأطباء القدامى وحتى المعاصرين لم يجدوا السبب لهذا المرض! ولا حتى الأدوية، وهذا يجعل المرضى به في عذاب كبير.

أرجوكم أن تساعدوني، وشكراً وسامحوني.

مدة قراءة الإجابة : 6 دقائق

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ rachid 1992 حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فإن محتوى الأفكار التي أتتك هي أفكار من صميم الوسواس القهري، والوسواس القهري بالفعل يمكن أن يكون فكرة أو صورة ذهنية خيالية أو فعل أو نوع من الاجترارات والطقوس والنزعات التي تسيطر على الإنسان وتفرض نفسها عليه.

يكون هنالك نوع من الاستحواذ والإلحاح التام من جانب هذه الأفكار، وتسبب الإحباط للناس، لأن الفكر الوسواسي دائمًا يكون محتواه في أمور حساسة وعزيزة على النفس في أمور الدين والذات الإلهية، وفي بعض الأحيان يكون محتوى هذه الأفكار أيضًا حول العلاقات الجنسية، وهذا متعب جدًّا للناس خاصة الأفاضل والطيبين من الناس.

الذين يعانون من الوساوس القهرية تجدهم على درجة من النقاء والتوازن في شخصياتهم، حتى الذين يفكرون في الانتحار – إن شاء الله تعالى – لن يلجؤوا إلى ذلك أبدًا، لأن صاحب الوسواس القهري ليس من طبيعته العنف، لا عنف ضد الآخرين ولا عنف ضد ذاته.

هذا هو الموقف بالنسبة لطبيعة الوساوس، أما مسألة العلاج للوساوس وهل يعالج المريض أم لا؟
أنا أملكك الحقائق العلمية كاملة، قبل عشرين أو ثلاثين عامًا كانت نسبة نجاح علاج الوساوس لا تتعدى عشرين بالمائة أبدًا، يعني عشرون بالمائة يشفون، وثمانون بالمائة يظلون مع معاناتهم في الوساوس القهرية، لكن بعد أن عرفت الأسباب ولدرجة كبيرة أن الوساوس أحد أسبابها أو العوامل التي تؤدي إليها هو اضطراب فيما يسمى بالناقلات العصبية، وهذه مواد توجد في الدماغ، أهمهما مادة تعرف باسم (سيروتونين) هذه المادة وجد أنها غير منتظمة الإفراز بالنسبة للذين يعانون من الوساوس القهرية، لكن بكل أسف لا يمكن قياسها قياسًا مباشرًا في أثناء الحياة، والدراسات تمت على ضوء أن الذين يعانون من الوساوس القهرية بعد الوفاة تم فحص أدمغتهم، واتضح بما لا يدع مجالاً للشك أن هنالك ضعفاً في إفراز هذه المواد، ومن ثم ظهرت الأدوية الفعالة والممتازة جدًّا والتي ساعدت الناس.

أنا الآن أستطيع أن أقول إن الذي يطبق العلاج السلوكي زائداً العلاج الدوائي ويلتزم بذلك التزامًا قاطعًا يستطيع أن يعالج وساوسه بنسبة ثمانين إلى خمسة وثمانين بالمائة، وهذه نسبة عالية جدًّا لا نجدها في أي فرع من فروع الطب، فالأمور تغيرت وتبدلت، ونحن -إن شاء الله تعالى- نكون بذلك قد ملكّناك الحقائق العلمية الكاملة.

إذن يجب أن تخطو نحو العلاج، والعلاج الدوائي لا شك أنه مهم وضروري جدًّا، وصاحب الوساوس قد يوسوس حتى حول الأدوية، نحن نجد له العذر، لكن أعتقد أن أي شاب مثل شخصك الكريم حين يسمع نصيحة من طبيب –وأقول لك بكل تواضع أنا في مقام والدك – يجب أن تُؤخذ الآليات العلاجية بجدية شديدة.

أحد الشروط الرئيسية لنجاح العلاج الدوائي هو أن تكون الجرعة متوسطة إلى كبيرة نسبيًا، وأن يكون هنالك التزام بتناولها يوميًا حسب التعليمات التي تُعطى، ولابد أن تكمل مدة العلاج، ولابد للعلاج الدوائي أن يُدعم بالعلاج السلوكي، والعلاج السلوكي علاج في أبسط صوره يمكن للإنسان أن يطبقه بنفسه، والمبادئ الرئيسية هي: أن يحقر الإنسان فكرة الوسواس، ألا يعطيها أي اهتمام، أن يقاومها، أن يتجاهلها، وأن يصرف انتباهه عنها بألا يدع أي مجال للفراغ ليسيطر عليه ويجعل هذه الوساوس تنمو وتعشعش.

من الضروري جدًّا الانتباه للانخراط في الأنشطة الحياتية المختلفة، وتغيير نمط الحياة، هذا أيضًا فيه إضافة علاجية ممتازة جدًّا، ممارسة الرياضة، تمارين الاسترخاء، أيضًا هي ذات عائد إيجابي جدًّا.

تذكر أن علاج الوساوس هو بيدك بدرجة كبيرة، والوساوس ليست ضعفًا في شخصيتك أو قلة في إيمانك، على العكس تمامًا، فأرجو أن تطمئن.

الأدوية الفاعلة أربعة – إلى خمسة – أدوية معروفة، وأنا أعتقد أن عقار (فلوكستين) هذا هو اسمه العلمي، ويسمى تجاريًا (بروزاك) وربما تكون له مسميات تجارية أخرى في المغرب، هو الدواء المناسب لحالتك، والجرعة هي أن تبدأ بكبسولة واحدة في اليوم، وقوة الكبسولة عشرون مليجرامًا، تناولها بانتظام بعد الأكل لمدة شهر، بعد ذلك اجعلها كبسولتين في اليوم، وهذه هي الجرعة العلاجية المطلوبة في حالتك، وتستمر على هذه الجرعة أيضًا بانضباط والتزام تام وقاطع لمدة ستة أشهر، ثم تخفض الجرعة إلى كبسولة واحدة يوميًا لمدة ستة أشهر أخرى، ثم تجعلها كبسولة يومًا بعد يوم لمدة شهر، ثم تتوقف عن تناول الدواء.

هذا هو البرنامج العلاجي الجيد والمفيد، والذي أرجو أن تلتزم به، وإذا تواصلت مع طبيب نفسي هذا أيضًا فيه خير كثير جدًّا.

أظن أننا قد أجبنا على معظم أسئلتك، وإن شاء الله جاوبنا عليها بكل مصداقية وشفافية، وأسأل الله أن ينفعك بها.

صاحب الوساوس يمكن أن يتزوج، يمكن أن يعمل، يمكن أن يكون أستاذًا جامعيًا، يمكن أن يكون وزيرًا، يمكن أن يكون أي شيء، ليس هنالك ما يمنعه أبدًا، بل على العكس تمامًا أصحاب الوساوس دائمًا تجد عندهم الانضباط والتقدير للآخرين والالتزام بالمواعيد وعلو الإنتاجية، خاصة بعد أن يتم علاجه، فهناك مؤشرات إيجابية جدًّا أرجو أن تستفيد منها.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

أسئلة متعلقة أخري شوهد التاريخ
تعبت من الوسواس القهري الذي ينتابني وتظلم حياتي بسببه. 3419 الأربعاء 15-07-2020 04:30 صـ
كيف أصرف الوساوس عن نفسي وأحاربها؟ 1963 الأحد 28-06-2020 02:49 مـ
كيف أتخلص من وسواس الخوف والمرض بدون أدوية؟ 1941 الخميس 25-06-2020 05:38 صـ
أريد السيطرة على الوساوس والأفكار السيئة التي تهاجمني 2408 الخميس 25-06-2020 02:58 صـ
بسبب التشكيك في ديني في بلاد الغرب أتتني وساوس بالكفر، ما علاج ذلك؟ 1611 الأربعاء 24-06-2020 04:38 صـ