أرشيف الاستشارات
عنوان الاستشارة : دموعي لا أجدها حينما أحتاجها
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
مشكلتي هي أني فتاة لا أستطيع التحكم بدموعي، فهي سريعة الجريان لأبسط شيء يؤثر أراه أو أقرأه.
مثلاً: إذا شاهدتُ مقطعاً محزناً أو مبكياً، فإن دموعي سرعان ما تنهمر، وكذلك لو قرأت قصة أو شيئاً بسيطاً مؤثراً، أجدها تخرج غصبا عني.
المشكلة ليست هنا، المشكلة رغم هذه الحساسية العجيبة من المواقف التي تثير دموعي، والتي لا تكون غالباً شيئا يستحق، رغم ذلك أجد هذه الدموع في المواقف الحقيقية، المؤثرة، والفاصلة في حياتي، تنضب تماماً حتى وإن حاولت بالحيلة إخراجها لا أفلح إلا بنقطة أو نقطتين من الدمع.
فعند وفاة جدتي، رغم حزني عليها، إلا إني لم أستطع حتى أن أبكي إلا في الدقائق الأولى من معرفتي لوفاة جدتي، قد يقال من الصدمة وشدة الحزن ولكّن ليس كذلك.
وهنا مشكلة أخرى وهي أني رغم حبي، وحزني عليها، وكوني أتمنى لو عاشت أكثر، إلا أني لم أكن أرى في موتها مشكلة تستدعي الجزع، والحزن الشديد، وأن الحياة من غيرها ممكنة، ويجب أن نعمل نحن لمثل هذا اليوم فكلنا ميتون، قلت لنفسي ربما تفكيري هذا بسبب أنها كانت كبيرة بالسن.
وتكرر نفس الأمر تماماً في وفاة جدي لأمي، وجدي لأبي،وأصبحت في حيرة من أمري وفي تفسير حالتي.
وعندما أذكرهم لا أبكي، ولكن أهاب عظمة الموت، وأدعو لهم بالرحمة، ولا أجدني أتحسر لأنهم ليسوا معنا، فهل هذا جفاف وقسوة مني؟ أم ماذا؟
علماً أني عندما أفكر مجرد تفكير، في لو توفى أقرب الناس لي كوالدي، أو إخوتي-أطال الله أعمارهم، على طاعته وحفظهم من كل سوء- أجد دموعي تنزل ليس بغزارة، ولكن الخوف من الفكرة بحد ذاتها، يبكيني ولا أستطيع أن أتخيل الأمر وكيف سيكون حالي.
لا أريد أن تكون دموعي في غير محلها تختفي، بل تنضب عند الحاجة الحقيقية لها وتظهر وتطغى في عكس ذلك.
وجزاكم الله خيراً على ما تقدمون من نصح وإرشاد.
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مسلمة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإن الحالة التي تحدثت عنها هي ظاهرة نفسية وجدانية، ولا نعتبرها مرضًا نفسيًا حقيقيًا بكل المعايير التشخيصية.
بالنسبة لعدم القدرة على التعبير عن الأحزان والوفيات: هذا نفسه يعتبر نوعًا من التعبير عن الحزن، أو ما يسمى بالحزن المكتوم، وهو دائمًا يكون مرتبطًاً بعدم تصديق الموقف، وهذا يؤدي إلى نوع من البرود الوجداني إذا جاز التعبير.
ومثل هذه الأفكار أيضًا يكون منشأها منشأ وسواسيا، بعد أن ينتهي الموقف يجد الإنسان يحاصر نفسه ويحاول أن يحلل (لماذا لم أعبر عن وجداني؟ لماذا لم أبكي؟ هذا عزيز عليَّ فقدتُه) وهكذا، وهذا نوع من التفكير الوسواسي القلقي يؤدي أيضًا إلى ضمور في التعبير عن الأحزان.
هنالك دراسات تشير أن هذا النوع من السلوك ربما يجد الإنسان مضطرًا أن يحزن في وقت متأخر، وذلك حين يتذكر أي روابط ربطته مع الشخص المتوفى. مثل هذه النظرية قد تكون صحيحة وقد تكون غير صحيحة.
بالنسبة للموقف الآخر وهو الموقف المعاكس أن دموعك سهلة الاسترسال في مواقف لا تستحق ذلك: أعتقد هذا أيضًا مرتبطًاً بالتقلب الوجداني الذي هو سمتك، وأعتقد أيضًا أن الرابط الوسواسي موجود، فأنت تطبعت على هذا الأمر، في الأمور المتساهلة، المواقف التي تنزل فيها دموعك لابد أن تضعي لذلك حدودا، وتتحدثي مع نفسك وبجدية شديدة جدًّا تكاشفي نفسك (لماذا أنا هكذا؟ هذا الموقف لا يستحق كل هذا الانفعال) يعني أن العملية عملية استبصارية، عملية إرادية، حتى وإن ظهرت أنها غير إرادية، ولكنها في الأصل يمكن أن تكون تحت تحكم الإنسان، لأن هذا النوع من العواطف إذا حدث للإنسان في موقف معين في المرة القادمة يجب ألا يحدث، إذا كان الإنسان واعيًا في تحليل الموقف الأول، وحاول أن يجد له تفسيرًا، ورفضه، لأنه فعلاً كان موقفًا غير ملائم وغير موائم للموقف.
فأرجو ألا تقبلي تعبيرك المستسهل جدًّا في نزول الدموع عند بعض المواقف، حين يحدث لك ذلك لابد أن تحاسبي نفسك، لابد أن تحللي الأمر، وأيضًا لابد أن يكون هنالك مراجعات مع النفس، وهذا نوع من الرفض لهذا التعبير الوسواسي.
الأمر الآخر هو: إذا تمكنت حقيقة من مقابلة أحد الإخوة الأخصائيين النفسانيين في السودان – وهم كثر والحمد لله تعالى – أرجو أن تقومي بإجراء بعض الدراسات الخاصة بمكونات الشخصية، هنالك عدة أنواع من الشخصيات، وربما تكون شخصيتك أصلاً حساسة أو متقلبة المزاج، أو يوجد نوع من التناقض في أبعادها، هنالك عدة أنواع من الشخصيات يمكن أن يحددها المختص، إذا تمكنت من هذا فهذا أمر جيد، وبالطبع سوف يقوم المعالج بتوضيح الإرشاد لك.
عمومًا يجب ألا تصبي تفكيرك حول هذا الأمر كله، هذا أيضًا نوع من العلاج، لأن التجاهل أسلوب ومنهج علاجي معروف جدًّا.
قد تكوني أيضًا محتاجة لأن تتدربي على تمارين الاسترخاء، هذه التمارين جيدة جدًّا لأن تبعث كل الطاقات السلبية الكامنة في النفس وتخرجها وتجعل الإنسان في وضع استرخائي طيب جميل متوازن المزاج متوازن الأفعال وردود الأفعال، إسلام ويب لديها استشارة تحت رقم (2136015) يمكنك أن ترجعي لها وتسترشدين من خلالها حول كيفية تطبيق هذه التمارين وتقومي بتطبيقها.
الإنسان إذا أحس بقسوة في قلبه من أفضل ما وجدناه من علاج لمثل هذه المواقف هو ما أرشد إليه النبي - صلى الله عليه وسلم – بأن يقوم الإنسان بمسح رأس اليتيم وإطعام المسكين، فلا بأس أن تقومي بذلك عسى أن يجعل في قلبك ليونة أكثر، إن كنت تعتقدين أنه لديك قسوة في القلب، أنا لا أعتقد ذلك، أعتقد أنه مجرد نوعًا من التفاعل الوجداني المتأخر نسبيًا.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونسأل الله لك التوفيق والسداد.
أسئلة متعلقة أخري | شوهد | التاريخ |
---|---|---|
خائف من أذية الناس لي فكيف أحصن نفسي؟ | 3483 | الخميس 23-07-2020 05:29 صـ |
أتوب من المعصية ثم أرجع لها، فهل سيحرمني الله من النعم؟ | 3580 | الأحد 19-07-2020 02:55 صـ |
أعاني من القلق ونقص العاطفة والحنان من والدي! | 1991 | الأربعاء 15-07-2020 06:09 صـ |
أشعر وكأن الإيمان دخل إلى أعمالي وعقلي، ولم يدخل قلبي! | 1630 | الثلاثاء 14-07-2020 04:30 صـ |
كيف أتخلص من الخوف والاكتئاب؟ | 4144 | الاثنين 13-07-2020 04:12 صـ |