أرشيف الاستشارات

عنوان الاستشارة : هل من مسؤولية تلحقني تجاه الأم و الجنين؟

مدة قراءة السؤال : دقيقتان

السلام عليكم ورحمة الله.

أشكر موقعكم المميز, بارك الله في جهودكم المبذولة, وجزيتم عنا خيرًا.

أنا طبيبة تدرج, أعمل في قسم النسائية والتوليد, واستلمت حالة نزف شديد لامرأة حامل في الشهر السادس؛ حيث كانت في حالة (shock) جراء ذلك النزيف الحاد, ولقلة خبرتي, ولكوني وحيدة في مستشفى نائية, وأخصائية النسائية تركتني وحيدة وذهبت, وكل ما أردت فعله هو إنقاذ المريضة, ولظني أن ذلك يمكن أن يكون إجهاضًا قمت بفحصها فحصًا نسائيًا داخليًا, وأعطيتها المغذيات الوريدية, ولم أقم بالتأكد من نبض الجنين, ونقلتها بدون تأخير إلى مستشفى متخصص, عرفت بعد ذلك أن فحصي لها داخليًا كان خطأً, وبعد فترة جاءتني هذه المريضة وهي بصحة جيدة؛ حيث تم إنقاذها بعملية طارئة, ونقل دم, وبلازما -والحمد لله- ولكن قيل لها: إن الجنين ميت.

سؤالي: هل فحصي الداخلي لها قد أدّى إلى زيادة النزيف, وأدَّى ذلك إلى وفاة الجنين (وأنا لا أذكر أنها قد نزفت أمامي بشدة لحظة فحصي لها, ولا أعرف كم نزفت في طريقها إلى المشفى)؟ وربما مات بعد العملية لعدم اكتمال نموه, لا أدري فعلًا ما حصل, قيل لها فقط إن الجنين ميت لكن متى مات لا أعرف! ما مسؤوليتي الطبية والشرعية تجاه المريضة والجنين إذا كنت أنا المتسببة في وفاته؟

أرجو أن تطمئنوني؛ لأن التفكير أتعبني.

مدة قراءة الإجابة : 6 دقائق

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ شهد حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

نشكر لك كلماتك الطيبة, ونسأل الله عز وجل أن يوفق الجميع إلى ما يحب ويرضى دائمًا.

أحييك- أيتها الزميلة العزيزة- فمن الواضح بأنك تملكين حسًّا عاليًا جدًّا بالمسؤولية, وتتحلين بآداب مهنة الطب على أكمل وجه, فتحاسبين نفسك قبل أن يحاسبك الآخرون, هذه هي أخلاق المهنة وآدابها, وهي أهم ما يجب أن يتحلى به كل من يعمل في الحقل الطبي.

ويا عزيزتي! أقول لك: هوني على نفسك ولا تؤنبيها, فهنالك فرق بين أن يكون ما حدث هو عبارة عن خطأ سببه الإهمال, وبين أن يكون ما حدث هو اختلاط طبي معروف ومقبول.

إن ما حدث معك هو من الاختلاطات المتوقع حدوثها لهذا الجنين وبنسبة عالية جدًّا, وليس بسبب إهمال منك.
وكنت أفضل لو ذكرت لي عمر الحمل بالأسابيع, ولكن وحتى أجعلك ترتاحين أقول:
لنفرض أن الجنين في بدء الشهر السادس, وهذا ما يعادل تقريبًا عمر 22 أسبوعًا, فإن فرصته في البقاء حيًّا - في أحسن الظروف - أي حتى لو لم يكن هنالك نزف, وحتى لو تمت الولادة في أفضل الشروط وفي أحسن مركز خداج في العالم أقول: الفرصة هي صفر, أي معدومة, والله عز وجل أعلم.

وإن كان الجنين في نهاية الشهر السادس -أي تقريبًا 26 أسبوعًا- ففي أحسن الظروف أيضًا أي إن لم يكن هنالك أي نزف, وتمت الولادة في أحسن مستشفى ومركز خداج في العالم فإن فرصته في البقاء على قيد الحياة لا تتجاوز 50% فقط.

إن أصغر عمر تمكن فيه الطب والأطباء من إنقاذ جنين خديج -بقدرة الله عز وجل- هو عمر 24 أسبوعًا (أي منتصف الشهر السادس), ولم تسجل حالات قبل هذا العمر, وهذه الحالات (أي في عمر 24 أسبوعًا) هي حالات نادرة جدًّا, وهذا أيضًا في حال لم يكن لدى الأم أي مشكلة طبية, أو نزف, وكان الجنين طبيعيًا, وتمت الولادة في مركز طبي متقدم جدًّا مجهز بأفضل التقنيات, والحاضنات, والكفاءات الطبية, وكان هنالك وقت كاف لإعطاء الأم إبر الكورتيزون الهامة في مساعدة رئتي الجنين.
بالنظر إلى الحالة التي تذكرينها, والظروف التي كنت فيها, فالجنين كان بعمر لم يتجاوز 26 أسبوعًا, وربما أقل من ذلك, والأم كان لديها نزف شديد, ولم يكن هنالك وقت لإعطاء إبر لإنضاج الرئتين, والتي تحتاج على الأقل 24 ساعة ليبدأ مفعولها على الرئتين, فهنا حتى لو تم سماع نبض الجنين, وحتى لو ولد حيًّا, فإن نسبة بقائه على قيد الحياة تكاد تكون معدومة, والله عز وجل أعلم؛ لأن رئتيه غير مكتملتين, ولم يعط الأدوية التي تساعد على نضجها, ولأن النزف سيكون قد أضعف تروية أعضائه الداخلية, وأهمها الدماغ.

لقد تصرفت بطريقة جيدة ومهنية, فأنت قمت بالإجراءات الإسعافية الأساسية للأم, وضمن الإمكانيات المتوافرة لك في حينها, وكنت سببًا بعد إرادة الله في إنقاذ حياة هذه السيدة, ويجب أن تكوني فخورة بنفسك على هذا العمل.

وأما فحص الأم فحصًا مهبليًا داخليًا فهذا أمر يترك لتقدير الطبيب الذي يشاهد المريضة لأول مرة, فإن كان التشخيص أمامه واضحًا ومؤكدًا بأن الحالة هي نزول في المشيمة, فهنا لا يجوز الفحص, لكن إن لم يكن مؤكدًا أو مشكوكًا فيه, فهنا يمكن عمل الفحص الداخلي بحذر؛ لأن الفحص الداخلي هنا سيساعد في تقييم الحالة, فمثلًا- وكما تعرفين- قد يكون سبب النزف هو انفصال في المشيمة مرافق لحالة ولادة وشيكة, أي أن عنق الرحم متسع اتساعًا كاملًا, ورأس الجنين في المهبل, فهنا يعتبر الفحص الداخلي خطوة هامة لأنه سيفيدنا في تفادي العملية القيصرية المستعجلة, ومخاطرها المتعددة.
إن كنت أرى بأن هنالك خطأ قد ارتكب, فهو القول للأم بأنه كان هنالك فرصة لإنقاذ الجنين, وقد ضاعت بسبب الفحص الداخلي, فلا يجوز قول هذا للأم في مثل تلك الظروف.

كما أن هنالك خطأ كبير آخر, وهو في عدم وجود أخصائي متواجد إلى جانبك, فلا يجوز ترخيص مركز طبي لاستقبال الحالات الطارئة من النسائية والتوليد, بدون تواجد أخصائي داخل المركز بخبرة كافية, وعلى مدار الساعة, وكلا الخطأين لا ذنب لك فيهما.

أرى بأنك قد قمت بما يجب القيام به ضمن الظروف والإمكانيات المتاحة, وبأنه لا مسؤولية عليك فيما حدث للجنين, فوفاته هي نتيجة شبه حتمية للحالة الطبية.

أتمنى لك كل التوفيق في حاضرك ومستقبلك.

أسئلة متعلقة أخري شوهد التاريخ
ما مدى تأثير أشعة الأسنان على الجنين؟ 3494 الاثنين 27-01-2020 12:07 صـ
كيف يمكن أن يرتفع الجنين لوضعه الطبيعي في رحم الأم؟ 31918 الأحد 20-10-2019 03:09 صـ
هل سأنجب طفلا طبيعيا أم طفلا يعاني من تشوهات؟ 12300 الثلاثاء 08-10-2019 04:56 صـ
هل تنذر آلام أسفل البطن في الحمل بولادة مبكرة؟ 8455 الأربعاء 03-04-2019 04:34 صـ
هل يمكن أن يكون تحليل الحمل الرقمي خاطئا؟ 12393 الأربعاء 27-03-2019 07:18 صـ