أرشيف الاستشارات
عنوان الاستشارة : الوساوس القهرية والخوف من الموت ..ما علاجها المناسب؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أكتب لكم مشكلة صديقتي بالنيابة عنها، فقد أخبرتني بأنها منذ سبع سنين تقريبا بدأت تعاني من وساوس في الصلاة, وأنها أصبحت تجلس ساعة كاملة تصلي الصلاة الواحدة, وعندما أتعبها هذا الموضوع قررت أن تتكلم مع والدها الذي تعرف نظرته جيدا في الطب النفسي, فأخبرها أن هذه توهمات لا أصل لها, ولم تستطع إقناعه بالذهاب إلى طبيب نفسي.
استعانت في بداية مرضها بإحدى الطبيبات في مستشفى حكومي كانت قد ذهبت له بحجة أنها مريضة مرضا عضويا, ومن ثم ذهبت إلى طبيبة نفسية, لكنها لم تذهب سوى مرتين لأن والدها لا يعلم بذلك, والطبيبة أخبرتها أن لا تقوم بإعادة الصلاة مهما كان, وفعلا بعد فترة من الزمن استطاعت التغلب على الوسواس في الصلاة -والحمد لله- وأصبحت تفعل ذلك مع أي وسواس, فمثلاً الوسواس في الوضوء لا تعيد الوضوء, وفي النظافة لا تغير ثيابها.
بعدها بفترة بدأت تأتيها الأمراض, وبدأت تفكر بالموت, وأصبحت تخاف من أي ألم يأتيها وكانت حيلتها الوحيدة أن تنشغل مع أهلها عن هذه الأفكار, فتفلح أحيانا وأحيانا أخرى تشعر بالقلق الشديد والتعرق واحمرار الوجه, حتى لا تستطيع أن تركز في أي شي.
منذ ثلاثة أسابيع رأت رؤية مخيفة, ووجدت تفسيرا لرؤية مشابهة لرؤيتها في الإنترنت , وكان التفسير بأن تدفع الرائية صدقة كبيرة وأن تستغفر كثيرا حتى يدفع الله عنها البلاء , وسمعت شيخا يقول: يجب على الإنسان أن لا يفسر الرؤى حتى بينه وبين نفسه حتى لا تقع؛ فخافت صديقتي, وأصبحت تفكر أنها قد فسرت رؤيتها, وأن أجلها قريب, وأصبحت أيضا تفسر أي رؤى تسمعها أو تكون قد شاهدتها بينها وبين نفسها بتفسير سيء, ولا تستطيع أن تمنع نفسها عن ذلك, فأخذت تبكي وتفكر طول الوقت بهذه الرؤيا, ولا تستطيع أن تبعدها عن تفكيرها أبدا, وأن السعادة قد ذهبت عنها, وما كان يسعدها في السابق أصبح الآن لا يعنيها, حتى أن رجلا قد تقدم لخطبتها وهي تقول لا أشعر بذرة فرح في قلبي كما كنت أفعل سابقا.
صديقتي الآن تقول: لا أستطيع أن أنتظر حتى يتفهم والدي وضعي, أنا أتفهم وضعه وأتفهم كبر سنه, لكني وصلت لمرحلة لا أستطيع فيها أن أسيطر على نفسي كما في السابق, وأدعو الله العلي القدير أن لا أكون بذلك عاقة لوالدي فأنا أحبه ولا أستطيع أن أغضبه.
طلبي منكم: أن تشخصوا حالتها مشكورين, وأن تعطوها اسم دواء يفيدها, ولا يحتاج ورقة طبية, وحبذا لو يكون سعره في متناول الجميع حتى لا يلحظ والدها ذلك.
وجزاكم الله خيراً وأجزل لكم المثوبة.
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ بوح حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فنشكرك على اهتمامك بأمر صديقتك هذه، ونسأل الله لها العافية والشفاء.
بالرغم من معاناة صديقتك الشديدة أنا أؤكد لك أن حالتها بسيطة.
الوساوس القهرية مؤلمة للنفس جدًّا, وتشطّر النفس الإنسانية -خاصة لدى الفتيات المتدينات- لأنها تتصادم مع المنظومة القيمية لدى الإنسان، وهي -لا شك- نوع من الابتلاء، والإنسان حين تنتابه مثل هذه الوساوس بالفعل يجب أن يقاومها، ويُكثر من الاستغفار، ويحقّر هذه الوساوس، والوساوس إن كانت من الشيطان فعلاجها بسيط جدًّا، حيث إن الشيطان أضعف من الإنسان مصداقا لقول الله تعالى: {إن كيد الشيطان كان ضعيفًا} ومصداقًا لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الشيطان جاثم على قلب ابن آدم فإذا ذكر الله خنس) فعليه أن يستعيذ بالله منه ومن مكره وسوف يخنس ويختفي ويذهب.
إذا لم تستجب الوساوس لما هو ثابت في الكتاب والسنة من علاج كما ذكرنا، فهنا تكون الوساوس ذات منشأ طبي، وهذا نقصد به أنه حدثت تغيرات بيولوجية وكيميائية في الدماغ أدت إلى ظهور هذه الوساوس, أو على الأقل استمراريتها، وهنا يكون الدواء مهماً جدًّا.
إذن: لا تعارض مطلقًا بين مفاهيمنا الإسلامية حول الوسواس وبين المفاهيم الطبية, هذه الفتاة - حفظها الله – بالفعل محتاجة لدواء واحد بسيط ومفيد وقوي فعال.
فيما يخص قضية المخاوف التي أصابتها وكذلك تفسير الأحلام: أعتقد أنها يجب أن لا تشغل نفسها بهذا الأمر أبدًا، وعليها أن تسأل الله تعالى خير الأحلام وتستعيذ بالله تعالى من شرها، ولا تخبر بها أحدًا، وتتفل على يسارها ثلاثًا, وتستعذ بالله من الشيطان الرجيم حين تستيقظ أو تذكر حلمها، ولا تبحث عن تفسيرها، لأن هذا يزيد من وساوسها ومخاوفها وشكوكها وظنونها. أرجو أن تنصحي صديقتك بهذا.
بالنسبة للصلاة: مقاومة الأمر بصرامة كما تفعل الآن، وكذلك الوضوء، والوسواس -إن شاء الله تعالى- يُصرف عنها تمامًا.
الدواء الذي ننصح به لهذه الفتاة - حفظها الله – هو عقار يعرف تجاريًا باسم (بروزاك) ويعرف علميًا باسم (فلوكستين) والجرعة المطلوبة هي كبسولة واحدة تبدأ في تناولها يوميًا بعد الأكل لمدة أسبوعين، بعد ذلك ترفعها إلى كبسولتين – أي أربعين مليجرامًا – وهذه هي الجرعة العلاجية المطلوبة في مثل هذه الوساوس.
تستمر على هذه الجرعة لمدة ستة أشهر، بعد ذلك تخفضها إلى كبسولة واحدة في اليوم لمدة ستة أشهر أخرى.
بعض الحالات تتطلب أن ترفع الجرعة إلى ثلاث كبسولات في اليوم، لكن أعتقد أن حالة هذه الفتاة ربما لا تحتاج لكل ذلك، لأنه لديها القابلية والإرادة نحو التحسن وذلك بمقاومتها لموضوع الصلاة وكذلك الوضوء.
البروزاك دواء فعال، ودواء سليم، لكن شروط النفع به بإذن الله تعالى تعتمد على الأخذ بالأسباب الصحيحة, وهي أن يتم تناول الجرعة كما هي، بالكمية المطلوبة وللمدة الزمنية المحددة. هذا مهم جدًّا.
الدواء له خاصية معينة: أنه سليم، غير إدماني، ولا يؤثر على الهرمونات النسائية، وهذا أمر مهم بالنسبة للفتيات.
بارك الله فيك، وجزاك لله خيرًا، ونسأل الله لها العافية والشفاء والتوفيق والسداد.
ولمزيد من الفائدة يمكنكم مراجعة هذه الروابط حول منهج السنة النبوية لعلاج الأمراض النفسية: ( 272641 - 265121 - 267206 - 265003 )
أسئلة متعلقة أخري | شوهد | التاريخ |
---|---|---|
وسواس الموت سبب لي العديد من الأمراض، فكيف أتخلص منه؟ | 2863 | الثلاثاء 21-07-2020 03:16 صـ |
الخوف من الموت، كيف أتخلص منه؟ | 2789 | الأحد 19-07-2020 07:11 صـ |
كرهت حياتي والناس كرهوني بسبب تبلد مشاعري.. أريد حلا | 1083 | الخميس 16-07-2020 02:42 صـ |
فكرة الموت وذكريات طفولتي لا تفارقني، أرجو المساعدة. | 2125 | الثلاثاء 14-07-2020 02:54 صـ |
أشعر بعدة أعراض ولا أعرف هل هي نفسية أم جسدية أو روحية؟ | 1569 | الأربعاء 15-07-2020 03:36 صـ |