أرشيف الاستشارات
عنوان الاستشارة : الخوف من مواجهة الناس والعراك معهم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا شاب عمري (34) سنة، أتذكر أني في صغري أن والدي كان دائم المشادة مع والدتي وأخواتي، كنت كثيراً ما أستيقظ بالليل على صوت مشادة أو سباب، وكان أبي يقمعنا باستمرار، فكنت أخاف أن أعبر عما بداخلي خوفاً من رد فعله، ثم كان أخي الأكبر يعاملني بظلم وتجبر، ويستطيع أن يضربني دون أن يأخذ لي أحد حقي، فكبرت وأنا أخاف المواجهة.
الآن - والحمد لله - تغلبت على جانب من هذا المشكل، حيث بفضل الله أصبحت أعبر عما بداخلي، وأعبر عن عدم رضاي بشجاعة في معظم الأحيان، لكن يبقى عندي مشكل ألا وهو أني أخاف من المواجهة المستمرة، أخاف من تطور الأحداث إلى عراك جسدي أهزم فيه، وتضيع كرامتي، هذا رغم أني حاصل على الحزام الأسود من الدرجة (2) في (الأيكيدو)، ولكني غالباً ما أتخيل أن الذي يواجهني ربما يكون أقوى مني.
ما العمل لأتجاوز هذا المشكل، وأقاتل بشجاعة؟ وشكراً.
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عثمان حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
هنالك إيجابية كبيرة جدّا في مستوى تفكيرك حول الظروف التي عشتها في طفولتك، والتي كانت تتصف بالتنازع والمشادة بين الوالدين وصعوبة التعامل من جانب إخوتك، فأنت الآن حررت نفسك لدرجة كبيرة من هذه الترسبات السلبية، وهذا جعلك تعيش الواقع الحالي بشيء من التفاؤل.
أنا أريدك أن تدعم الفكر الإيجابي، وذلك من خلال إدراك حقيقة علمية مهمة، وهي أننا لا نستطيع أن نتجاهل الماضي، ولا نستطيع أن نتجاهل ظروف التربية والتنشئة، ولكن أيضاً أُثبت الآن أن تأثيرها ليس بالشدة والقوة التي يتصورها البعض، هنالك عدة مدارس في الطب النفسي منها المدرسة التحليلية، ركزت كثيراً على التنشئة والعلاقة الوالدية، ولكن نستطيع الآن أن نقول: إن هنالك مدارس أخرى، مدارس توفيقية لدرجة كبيرة، أضعفت تماماً من هذه النظريات، أو لا نستطيع أن نقول: إن كل من لم يعش رغداً في طفولته سوف يُصاب صعوبات نفسية في المستقبل، والعكس صحيح.
إذن تفكيرك حول الماضي اجعله إيجابياً، وهذا يساعدك، وحاول أن تفكر فيما سوف يأتي، الخوف الذي لديك الآن من المواجهات وأنك ربما تخفق في حالة حدث عراك جسدي وأنك سوف تُهزم وتضيع كرامتك.
أعتقد أخي الكريم من المهم جدّاً أن لا نفكر في عراك الآخرين، لماذا نتعارك؟ لماذا نتشاجر؟ لماذا لا نكون نحن المبادرين بالخير؟ لماذا لا نطبق المبدأ القرآني؟ (( وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلامًا ))[الفرقان:63] لماذا لا نتحمل أذى الآخرين؟ لأن ذلك سوف يجعلنا نفرض قيمنا عليهم، وهذا سوف يؤدي إلى إصلاحهم، هذا من ناحية.
من الناحية الأخرى: التخوف الذي لديك هو تخوف وسواسي لا أساس له حقيقة، وهو ناتج من القلق، وما دام هو تخوفاً وسواسياً امتزج بما يسمى بالقلق التوقعي، هذا يعالج من خلال التحقير والتجاهل والاستبدال بفكرة مضادة، والفكرة المضادة هي أنك - الحمد لله - قوي البنية، أنعم الله عليك بقوة في الجسد، وذلك من خلال ما اكتسبته من مهارات، وهذا - إن شاء الله - سوف يكون فيه حماية لك من اعتداء الآخرين.
فكر في الأمر من هذه الناحية، وفي نفس الوقت خذ مبدأ أن العراك أصلاً ليس من المروءة وليس من حسن الخلق، (
أيها الفاضل الكريم: أنصحك بأن تنضم لبعض الأنشطة الخيرية، حاول أن تساعد الناس، هذا يبني لديك شعوراً برفع الهمة وشعور بالرضا وأنك - إن شاء الله تعالى - لن تُهزم في مواجهة الآخرين.
أمر آخر بسيط جدّاً هو أن تتناول دواء لمدة محدودة، والدواء مضاد للمخاوف الوسواسية، الدواء يعرف تجارياً باسم (زيروكسات) ويسمى في المغرب تجارياً باسم (ديروكسات) واسمه العلمي هو (باروكستين) تناوله بجرعة نصف حبة يومياً لمدة أسبوعين، ثم اجعلها حبة كاملة لمدة ثلاثة أشهر، ثم اجعلها نصف حبة لمدة أسبوعين، ثم توقف عن تناول هذا الدواء.
الدواء إن شاء الله تعالى يزيل هذا القلق الوسواسي والتخوفي، وبتطبيقك للمفاهيم التي ذكرناها إن شاء الله سوف تجد نفسك في استقرار نفسي، وطمأنينة، ونسأل الله تعالى أن لا تضطر لأن تقاتل الآخرين، وإذا كنت تقصد القتال على المستوى الرياضي فأنت إن شاء الله مقتدر على ذلك، أما القتال من أجل العراك فهذا لا خير فيه.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيراً، ونشكر لك التواصل مع إسلام ويب.
أسئلة متعلقة أخري | شوهد | التاريخ |
---|---|---|
أعاني من مشكلة الرهاب الاجتماعي، ما الحل؟ | 2388 | الخميس 23-07-2020 06:16 صـ |
كيف أتخلص من أعراض الرهاب الاجتماعي؟ | 1731 | الأربعاء 22-07-2020 04:28 صـ |
أريد دواء يخلصني من الرهاب، فبماذا تنصحونني؟ | 3648 | الأحد 19-07-2020 09:33 مـ |
كيف أمارس حياتي بشكل طبيعي وأتخلص من الأمراض؟ | 1562 | الخميس 16-07-2020 06:08 صـ |
لا أشعر بالسعادة وأكره لقاء الناس، أرجو تشخيص الحالة. | 1904 | الأربعاء 15-07-2020 03:33 صـ |