أرشيف المقالات

من صور الصلة والرفق بالأرحام

مدة قراءة المادة : 5 دقائق .
من صور الصلة والرفق بالأرحام

الأرحام: جمع رَحِم، قال ابن حجر: (( الرَّحِم - بفتح الراء، وكسر الحاء المهملة -: يطلق على الأقارب، وهم مَنْ بينه وبين الآخر نسب، سواء كان يرثه أم لا، وسواء كان ذا مَحْرَم أم لا.
 
وقيل: هم المحارم فقط.
 
والأول هو المُرَجَّح؛ لأن الثاني يستلزم خروج أولاد الأعمام وأولاد الأخوال من ذوي الأرحام، وليس كذلك)
)
[1].
 
والرِّفق بالأرحام مستفاد من مفهوم صلة الرَّحم المطلوبة شرعاً، فقد نقل النووي [2] عن العلماء أن حقيقة الصِّلة: العطف والرَّحمة.
 
ولسنا بصدد الاستدلال على مشروعية صلة الرَّحِم، وذِكْرِ النُّصوص الدالّة على فضيلتها، وإنما المراد هنا ذكر بعض صور الصِّلة التي يتجلّى فيها جانب الرِّفق، ومن ذلك:
حديث عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما، أنّ النَّبي صلى الله عليه وسلم قال: (( ليس الواصلُ بالمُكافئ، ولكن الواصل الذي إذا قطعَتْ رَحِمُه وصلها )) رواه البخاري [3].
 
قلت: فإذا كان قطع الرَّحِم جفاء، وفاعل ذلك غليظ القلب، فإن صلة الرَّحِم رِفْق، وصاحبها رحيم القلب.
 
• وعن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رجلاً قال: يا رسولَ الله إنَّ لي قرابةً أَصِلُهم ويقطعوني، وأُحْسِنُ إليهم ويُسيئون إليَّ، وأَحلُم عنهم ويَجهلونَ عليَّ.
فقال: (( لئن كنتَ كما قلتَ فكأنَّما تُسِفُّهُمُ الْمَلَّ [4]، ولا يزالُ معك من الله ظَهيرٌ [5] عليهم ما دُمْتَ على ذلك )) رواه مسلم [6].
 
والمعنى: إن ترفُّقَك بهم، بعدم قطيعتهم رغم أنهم قاطعون، وبالإحسان إليهم رغم أنهم مسيئون، وبالحلم عليهم رغم أنهم مخطئون، إحسانٌ وبِرٌّ، تستحقّ به عونَ الله تعالى، أما قرابتك فسينالهم الإثمُ العظيم على فِعالهم.
 
وفي هذا الحديث يحثُّ النبيُّ صلى الله عليه وسلم هذا الرجل المترفِّق بقرابته على الاستمرار في ذلك: بصلته، وإحسانه، وصبره، ويبشّره برضا الله تعالى وعونه.
 
- وعن سلمان بن عامر رضي الله عنه، عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: (( إنَّ الصَّدقةَ على المسكين صدقةٌ، وعلى ذي الرَّحِم اثنتان: صدقةٌ وصِلَةٌ )) رواه الترمذي والنسائي وابن ماجه [7].
 
قال الترمذي: (( حديث حسن )).
 
وقال أيضاً: (( وفي الباب عن زينب امرأة عبد الله بن مسعود، وجابر، وأبي هريرة )) انتهى.
 
وقد اشتمل هذا الحديث على جانب مهم من الرِّفق بالأرحام، وهو الرِّفق بالأرحام المُعْوِزين، فحينما تكون ميسور الحال يذكّرك الإسلام بقرابتك الفقراء لتترفَّق بهم، ويرغِّبك في مساعدتهم، ويحثّك على هذا العمل النبيل، ويضاعف لك المثوبة فيه.

[1] (( فتح الباري )) 10: 428 عند شرح باب (10) من كتاب الأدب.

[2] (( شرح صحيح مسلم )) 16: 112.

[3] البخاري: كتاب الأدب - باب ليس الواصل بالمكافئ (5991).

[4] أي: تطعمهم الرَّماد الحارّ.
(( شرح صحيح مسلم )) 16: 115.

[5] الظهير: المُعين، والدافع لأذاهم.
المرجع السابق.

[6] مسلم: كتاب البر والصلة والآداب - باب صلة الرحم وتحريم قطيعتها 4: 1982 حديث 22 (2558).

[7] الترمذي: كتاب الزكاة - باب ما جاء في الصدقة على ذي القرابة (658)، والنسائي: كتاب الزكاة - الصدقة على الأقارب (2582)، وابن ماجه: كتاب الزكاة - باب فضل الصدقة (1844).

شارك الخبر

ساهم - قرآن ٣