Warning: Undefined array key "sirA3lam" in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f704007db74beca75b87a603e53b9db7fc676f54_0.file.history.tpl.php on line 73

Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f704007db74beca75b87a603e53b9db7fc676f54_0.file.history.tpl.php on line 73

Warning: Trying to access array offset on value of type null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f704007db74beca75b87a603e53b9db7fc676f54_0.file.history.tpl.php on line 73


هي ابنة سيد بني المصطلق من خزاعة، وقعت في السبي بعد غزوة المصطلق فوقعت في سهم ثابت بن قيس، فكاتبت نفسها ثم أتت النبي صلى الله عليه وسلم تستعينه فعرض عليها أن يؤدي عنها ويتزوجها فقبلت، وكانت قبل ذلك -يعني قبل السبي- تحت صفوان بن مالك وقد قتل فيمن قتل في الغزوة، ثم لما تزوجها النبي صلى الله عليه وسلم أطلق المسلمون أسراهم من بني المصطلق بسببها إكراما لها حتى لا يكون أخوال المؤمنين سبايا تحتهم، فكانت من أعظم النساء بركة على قومها، كانت كثيرة التعبد والذكر، توفيت بالمدينة زمن معاوية.


عزل معاوية رضي الله عنه مروان بن الحكم عن المدينة وولى عليها الوليد بن عتبة بن أبي سفيان، وهو الذي حج بالناس في هذه السنة، لأنه صارت إليه إمرة المدينة، ولم يزل عليها واليا حتى مات معاوية رضي الله عنه.


بنى المنصور قصره المسمى بالخلد في بغداد على شاطئ دجلة، تفاؤلا بالتخليد في الدنيا، فعند كماله مات وخرب القصر من بعده، وكان المستحث في عمارته أبان بن صدقة، والربيع مولى المنصور وهو حاجبه.


هو إمام أهل الشام أبو عمرو عبد الرحمن بن عمرو بن محمد الأوزاعي، من كبار تابعي التابعين.

ولقب بالأوزاعي نسبة إلى الأوزاع وهي فرع من همدان, وقيل الأوزاع قرية بدمشق على طريق باب الفراديس، ولم يكن أبو عمرو منهم، وإنما نزل فيهم فنسب إليهم وهو من سبي اليمن.

ولد في بعلبك سنة 88 ونشأ في البقاع يتيم الأب, ثم انتقلت به أمه إلى بيروت، كان فوق الربعة خفيف اللحية به سمرة، وكان يخضب بالحناء.

طلب الحديث فصار إمام أهل الشام، وكان ثقة مأمونا، فاضلا خيرا، كثير العلم والحديث والفقه، حجة, ذا أدب وورع، وزهد عرض عليه القضاء وأبى, صاحب مذهب فقهي مندثر، إلا أن علمه لم يجمعه تلاميذه في الكتب، على خلاف ما فعل أتباع أبي حنيفة النعمان وغيره، فحافظوا على مذاهب معلميهم.

وأنشأ مذهبا مستقلا مشهورا عمل به مدة عند فقهاء أهل الشام والأندلس ثم اندرس، ولكن ما زالت له بعض المسائل الفقهية في أمهات الكتب، وكان الأوزاعي قد التزم في فتاويه بالتوقف عند النصوص الصحيحة من الكتاب والسنة.

سكن بيروت وبها توفي.


دخل جيش الخبيث الزنجي إلى البصرة قهرا، فقتل من أهلها خلقا، وهرب نائبها بغراج ومن معه، وأحرقت الزنج جامع البصرة ودورا كثيرة، وانتهبوها، ثم نادى فيهم إبراهيم بن المهلبي أحد أصحاب الزنجي الخارجي: من أراد الأمان فليحضر، فاجتمع عنده خلق كثير من أهل البصرة، فرأى أنه قد أصاب فرصة، فغدر بهم وأمر بقتلهم، فلم يفلت منهم إلا الشاذ، كانت الزنج تحيط بجماعة من أهل البصرة، ثم يقول بعضهم لبعض: كيلوا- وهي الإشارة بينهم إلى القتل- فيحملون عليهم بالسيوف، فلا يسمع إلا قول أشهد أن لا إله إلا الله، من أولئك المقتولين, وضجيجهم عند القتل- أي صراخ الزنج وضحكهم - وهكذا كانوا يفعلون في كل محال البصرة في عدة أيام، وهرب الناس منهم كل مهرب، وحرقوا الكلأ من الجبل إلى الجبل، فكانت النار تحرق ما وجدت من شيء؛ من إنسان أو بهيمة أو غير ذلك، وأحرقوا المسجد الجامع، وقد قتل هؤلاء جماعة كثيرة من الأعيان والأدباء والفضلاء والمحدثين والعلماء.


اختلف مساور الخارجي مع رجل من الخوارج- يقال له عبيدة، من بني زهير العمروي- على توبة المخطئ، فقال مساور: نقبل توبته؛ وقال عبيدة: لا نقبل، فجمع عبيدة جمعا كثيرا وسار إلى مساور، وتقدم إليه مساور من الحديثة، فالتقوا بنواحي جهينة، بالقرب من الموصل، واقتتلوا أشد قتال، فترجل مساور ومن عنده، ومعه جماعة من أصحابه، وعرقبوا دوابهم، فقتل عبيدة وانهزم جمعه، فقتل أكثرهم، واستولى مساور على كثير من العراق، ومنع الأموال عن الخليفة، فضاقت على الجند أرزاقهم، فاضطرهم ذلك إلى أن سار إليه موسى بن بغا وبابكيال وغيرهما في عسكر عظيم.


لما قتل خفاجة بن سفيان استعمل الناس ابنه محمدا، وأقره محمد بن أحمد بن الأغلب أبو الغرانيق- صاحب القيروان- على ولايته, كان ذلك في عام خمس وخمسين ومائتين، وفي رجب من عام سبع وخمسين ومائتين قتل الأمير محمد، قتله خدمه الخصيان نهارا وكتموا قتله، فلم يعرف إلا من الغد، وكان الخدم الذين قتلوه قد هربوا فطلبوا فأخذوا وقتل بعضهم، ولما قتل استعمل محمد بن أحمد بن الأغلب على صقلية أحمد بن يعقوب بن المضاء بن سلمة، فلم تطل أيامه.


أوقع سعيد الحاجب أمير البصرة بجماعة من الزنج، فهزمهم واستنقذ من معهم من النساء والذرية، واسترجع منهم أموالا جزيلة، وأهان الزنج غاية الإهانة، فكانت المرأة من نساء تلك الناحية تأخذ الزنجي فتأتي به عسكر سعيد فلا يمتنع عليها، ثم عبر سعيد إلى غرب دجلة فأوقع بصاحب الزنج عدة وقعات، ثم عاد إلى معسكره بهطمة فأقام من ثاني رجب إلى آخر شعبان.

ثم أوقع صاحب الزنج بسعيد، وذلك أنه سير إلى سعيد جيشا، فأوقعوا به ليلا وأصابوا مقتلة من أصحاب سعيد، فقتلوا خلقا كثيرا وأحرقوا عسكره، فأمر بالمسير إلى باب الخليفة، وترك بغراج بالبصرة، فسار سعيد من البصرة وأقام بها بغراج يحمي أهلها، فرد السلطان أمرها إلى منصور بن جعفر الخياط بعد سعيد، فجمع منصور الشذا وسار نحو صاحب الزنج، فكمن له صاحب الزنج كمينا، فلما أقبل منصور خرج عليه الزنج فقتلوا في أصحابه مقتلة عظيمة، وغرق منهم خلق كثير، فلم يقابلهم منصور بعد ذلك.


أمر المعتمد أحمد المولد بالمسير إلى البصرة لحرب الزنج، فسار حتى نزل الأبلة، ثم نزل البصرة، واجتمع إليه من أهلها خلق كثير، فسير علي بن أبان المهلبي إلى حرب المولد يحيى بن محمد البحراني، فسار إليه فقاتله عشرة أيام، ثم وطن المولد نفسه على المقام، فكتب العلوي إلى يحيى يأمره بتبييت المولد، ووجه إليه الشذا مع أبي الليث الأصفهاني، فبيته، ونهض المولد فقاتله تلك الليلة، ومن الغد إلى العصر، ثم انهزم عنه، ودخل الزنج عسكره فغنموا ما فيه.


شاع الخبر ببغداد وغيرها من البلاد أن رجلا ظهر يقال له محمد بن عبد الله وتلقب بالمهدي وزعم أنه الموعود به، وأنه يدعو إلى الخير وينهى عن الشر، ودعا إليه ناس من الشيعة، وقالوا: هذا علوي من شيعتنا، وكان هذا الرجل إذ ذاك مقيما بمصر عند كافور الإخشيدي قبل أن يموت، وكان يكرمه، وكان من جملة المستحسنين له سبكتكين حاجب معز الدولة البويهي، وكان شيعيا فظنه علويا، وكتب إليه أن يقدم إلى بغداد ليأخذ له البلاد، فترحل عن مصر قاصدا العراق فتلقاه سبكتكين الحاجب إلى قريب الأنبار، فلما رآه عرفه، وإذا هو محمد بن المستكفي بالله العباسي، فلما تحقق أنه عباسي وليس بعلوي انثنى رأيه فيه، فتفرق شمله وتمزق أمره، وذهب أصحابه كل مذهب، وحمل إلى معز الدولة فأمنه وسلمه إلى المطيع لله، فجدع أنفه واختفى أمره، فلم يظهر له خبر بالكلية بعد ذلك.


هو أبو فراس الحارث بن سعيد بن حمدان بن حمدون الحمداني ابن عم ناصر الدولة وسيف الدولة ابني حمدان، كان رأسا في الفروسية والجود, وبراعة الأدب وكان شاعرا وأميرا, قال الصاحب بن عباد: " بدئ الشعر بملك وهو امرؤ القيس, وختم بملك وهو أبو فراس".

فكان عامل منبج لسيف الدولة الحمداني، وله وقائع كثيرة.

أسر من قبل الروم، وبقي أربع سنين في أسرهم، تناول في شعره تشيعه لآل البيت.

أما سبب قتله فأنه كان مقيما بحمص، فجرى بينه وبين أبي المعالي بن سيف الدولة بن حمدان وحشة، فطلبه أبو المعالي، فانحاز أبو فراس إلى صدد، وهي قرية في طرف البرية عند حمص، فجمع أبو المعالي الأعراب من بني كلاب وغيرهم، وسيرهم في طلبه مع قرعويه، فأدركه بصدد، فكبسوه، فاستأمن أصحابه، واختلط هو بمن استأمن منهم، فقال قرعويه لغلام له: اقتله، فقتله وأخذ رأسه، وتركت جثته في البرية، حتى دفنها بعض الأعراب.

له ديوان مشهور.

قتل وكان عمره سبعا وثلاثين سنة.


هو أبو المسك كافور بن عبد الله الإخشيدي، كان يلقب بالأستاذ، كان عبدا نوبيا اشتراه السلطان أبو بكر محمد بن طغج الإخشيد بثمانية عشر دينارا سنة 312 بمصر من محمود بن وهب بن عباس، وأعتقه ورقى به حتى صار أتابك- أي مربي- ولديه، فكان من كبار قواده، وكان قد تملك أمر مصر في ولاية أبي القاسم الإخشيدي، فكانت زمام الأمور بيده هو لا بيد أمير مصر الإخشيدي، ثم لما مات أبو القاسم وخلفه أخوه علي أيضا بقي الحال لكافور كما هو، ثم لما مات علي استقل كافور بالمملكة وأشير عليه بإقامة الدعوة لولد أبي الحسن علي بن الإخشيد، فاحتج بصغر سنه، وكان وزيره أبا الفضل جعفر بن الفرات.

فتولى كافور إمرة مصر لمدة سنتين، إلى أن توفي في القاهرة عن 65 عاما، وقيل إنه حمل إلى القدس ودفن فيها، وقد كان يرغب في أهل الخير ويعظمهم، وكان أسود اللون شديد السواد, شهما كريما حسن السياسة، ثم بعد وفاته تولى أحمد بن علي الإخشيد الأمر، وكانت مدة تحكم كافور اثنتين وعشرين سنة منها سنتان وثلاثة أشهر استقلالا.


كانت حرب بين الناصر بن علناس بن حماد ومن معه من رجال المغاربة من صنهاجة ومن زناتة ومن العرب: عدي والأثبج، وبين رياح، وزغبة، وسليم، ومع هؤلاء المعز بن زيري الزناتي، على مدينة سبتة، ولما رحل المعز من القيروان وصبرة إلى المهدية تمكنت العرب، ونهبت الناس، وخربت البلاد، فانتقل كثير من أهلها إلى بلاد بني حماد لكونها جبالا وعرة يمكن الامتناع بها من العرب، فعمرت بلادهم، وكثرت أموالهم، وفي نفوسهم الضغائن والحقود من باديس، ومن بعده من أولادهم، يرثه صغير عن كبير، وولي تميم بن المعز بعد أبيه، فاستبد كل من هو ببلد وقلعة بمكانه، وتميم صابر يداري ويتجلد، واتصل بتميم أن الناصر بن علناس يقع فيه في مجلسه ويذمه، وأنه عزم على المسير إليه ليحاصره بالمهدية.

وأنه قد حالف بعض صنهاجة، وزناتة، وبني هلال؛ ليعينوه على حصار المهدية.

فلما صح ذلك عنده أرسل إلى أمراء بني رياح، فحينئذ رحلت رياح وزناتة جميعها، وسار إليهم الناصر بصنهاجة، وزناتة، وبني هلال، فالتقت العساكر بمدينة سبتة، فحملت رياح على بني هلال، وحمل ابن المعز على زناتة، فانهزمت الطائفتان، وتبعهم عساكر الناصر منهزمين، ووقع فيهم القتل، فقتل فيمن قتل القاسم بن علناس، أخو الناصر في نفر يسير، وغنمت العرب جميع ما كان في العسكر من مال وسلاح ودواب وغير ذلك، فاقتسموها على ما استقر بينهم، وبهذه الوقعة تم للعرب ملك البلاد، وأرسلوا الألوية والطبول وخيم الناصر بدوابها إلى تميم، فردها وقال: يقبح بي أن آخذ سلب ابن عمي! فأرضى العرب بذلك.


كانت غرناطة لعبد المؤمن، فأرسل أهلها إلى الأمير إبراهيم بن همشك صهر ابن مردنيش فاستدعوه إليهم؛ ليسلموا إليه البلد؛ وكان قد وحد- صار من أتباع الموحدين- ومن أصحاب عبد المؤمن، وفي طاعته، وممن يحرضه على قتل ابن مردنيش.

ثم فارق طاعة عبد المؤمن وعاد إلى موافقة ابن مردنيش.

فامتنعوا بحصنها، فبلغ الخبر أبا سعيد عثمان بن عبد المؤمن وهو بمدينة مالقة، فجمع الجيش الذي كان عنده وتوجه إلى غرناطة لنصرة من فيها من أصحابهم، فعلم بذلك إبراهيم بن همشك فاستنجد بن مردنيش، ملك البلاد بشرق الأندلس، فأرسل إليه ألفي فارس من أنجاد أصحابه ومن الفرنج الذين جندهم معه، فاجتمعوا بضواحي غرناطة، فالتقوا هم ومن بغرناطة من عسكر عبد المؤمن قبل وصول أبي سعيد إليهم، فاشتد القتال بينهم فانهزم عسكر عبد المؤمن، وقدم أبو سعيد، واقتتلوا أيضا، فانهزم كثير من أصحابه، وثبت معه طائفة من الأعيان والفرسان المشهورين، والرجالة الأجلاد، حتى قتلوا عن آخرهم، وانهزم حينئذ أبو سعيد ولحق بمالقة، وسمع عبد المؤمن الخبر، وكان قد سار إلى مدينة سلا، فسير إليهم في الحال ابنه أبا يعقوب يوسف في عشرين ألف مقاتل، فيهم جماعة من شيوخ الموحدين، فجدوا المسير، فبلغ ذلك ابن مردنيش فسار بنفسه وجيشه إلى غرناطة ليعين ابن همشك، فاجتمع منهم بغرناطة جمع كثير، فنزل ابن مردنيش في الشريعة بظاهرها، ونزل العسكر الذي كان أمد به ابن همشك أولا، وهم ألفا فارس، بظاهر القلعة الحمراء، ونزل ابن همشك بباطن القلعة الحمراء بمن معه، ووصل عسكر عبد المؤمن إلى جبل قريب من غرناطة، فأقاموا في سفحه أياما، ثم سيروا سرية أربعة آلاف فارس، فبيتوا العسكر الذي بظاهر القلعة الحمراء، وقاتلوهم من جهاتهم، فما لحقوا يركبون، فقتلوهم عن آخرهم، وأقبل عسكر عبد المؤمن بجملته، فنزلوا بضواحي غرناطة، فعلم ابن مردنيش وابن همشك أنهم لا طاقة لهم بهم، ففروا في الليلة الثانية، ولحقوا ببلادهم، واستولى الموحدون على غرناطة, وعاد عبد المؤمن من مدينة سلا إلى مراكش.


وصل الحجاج إلى منى، ولم يتم الحج لأكثر الناس؛ لصدهم عن دخول مكة والطواف والسعي، فمن دخل يوم النحر مكة وطاف وسعى كمل حجه، ومن تأخر عن ذلك منع دخول مكة؛ لفتنة جرت بين أمير الحاج وأمير مكة، كان سببها أن جماعة من عبيد مكة أفسدوا في الحاج بمنى، فنفر عليهم بعض أصحاب أمير الحاج، فقتلوا منهم جماعة، ورجع من سلم إلى مكة، وجمعوا جمعا وأغاروا على جمال الحاج، وأخذوا منها قريبا من ألف جمل، فنادى أمير الحاج في جنده، فركبوا بسلاحهم، ووقع القتال بينهم، فقتل جماعة، ونهب جماعة من الحاج وأهل مكة، فرجع أمير الحاج ولم يدخل مكة، ولم يقم بالزاهر غير يوم واحد، وعاد كثير من الناس رجالة؛ لقلة الجمال، ولقوا شدة.


ملك الخليفة المستنجد بالله قلعة الماهكي، وسبب ذلك أن سنقر الهمذاني، صاحبها، سلمها إلى أحد مماليكه ومضى إلى همذان، فضعف هذا المملوك عن مقاومة ما حولها من الغز الأتراك التركمان والأكراد، فأشير عليه ببيعها على الخليفة، فراسل في ذلك، فاستنزله المستنجد عنها بخمسة عشر ألف دينار وسلاح وغير ذلك من الأمتعة، وعدة من القرى، فسلمها واستلم ما استقر له، وأقام ببغداد، وهذه القلعة لم تزل من أيام المقتدر بالله بأيدي التركمان والأكراد.


اجتمعت الكرج في خلق كثير يبلغون ثلاثين ألف مقاتل، ودخلوا بلاد الإسلام، وقصدوا مدينة دوين من أذربيجان، فملكوها ونهبوها، وقتلوا من أهلها وسوادها نحو عشرة آلاف قتيل، وأخذوا النساء سبايا، وأسروا كثيرا، وأعروا النساء وقادوهم حفاة عراة، وأحرقوا الجوامع والمساجد، فلما وصلوا إلى بلادهم أنكر نساء الكرج ما فعلوا بنساء المسلمين، وقلن لهم قد أحوجتم المسلمين أن يفعلوا بنا مثل ما فعلتم بنسائهم؛ وكسونهن، ولما بلغ الخبر إلى شمس الدين إيلدكز، صاحب أذربيجان والجبل وأصفهان، جمع عساكره وحشدها، وانضاف إليه شاه أرمن بن سكمان القطبي، صاحب خلاط، وابن آقسنقر، صاحب مراغة وغيرها، فاجتمعوا في عسكر كثير يزيدون على خمسين ألف مقاتل، وساروا إلى بلاد الكرج في صفر سنة ثمان وخمسين ونهبوها، وسبوا النساء والصبيان، وأسروا الرجال، ولقيهم الكرج، واقتتلوا أشد قتال صبر فيه الفريقان، ودامت الحرب بينهم أكثر من شهر، وكان الظفر للمسلمين، فانهزم الكرج وقتل منهم كثير وأسر كذلك، وكان سبب الهزيمة أن بعض الكرج حضر عند إيلدكز، فأسلم على يديه، وقال له: تعطيني عسكرا حتى أسير بهم في طريق أعرفها وأجيء إلى الكرج من ورائهم وهم لا يشعرون، فاستوثق منه، وسير معه عسكرا وواعده يوما يصل فيه إلى الكرج، فلما كان ذلك اليوم، قاتل المسلمون الكرج، فبينما هم في القتال وصل ذلك الكرجي الذي أسلم ومعه العسكر، وكبروا وحملوا على الكرج من ورائهم، فانهزموا، وكثر القتل فيهم والأسر، وغنم المسلمون من أموالهم ما لا يدخل تحت الإحصاء لكثرته؛ فإنهم كانوا متيقنين النصر لكثرتهم، فخيب الله ظنهم، وتبعهم المسلمون يقتلون ويأسرون ثلاثة أيام بلياليها، وعاد المسلمون منصورين قاهرين.


قصد السلطان محمود بن محمد الخان، وهو ابن أخت السلطان سنجر، ملك خراسان بعده.

سار محمود لحصار المؤيد أي أبه صاحب نيسابور بشاذياخ، وكان الغز الأتراك (التركمان) مع السلطان محمود، فدامت الحرب إلى سنة 556, ثم إن محمودا أظهر أنه يريد دخول الحمام، فدخل إلى شهرستان، آخر شعبان، كالهارب من الغز، وأقاموا على نيسابور إلى آخر شوال، ثم عادوا راجعين، فعاثوا في القرى ونهبوها، ونهبوا طوس نهبا فاحشا، فلما دخل السلطان محمود إلى نيسابور أمهله المؤيد إلى أن دخل رمضان من سنة 557 فأخذه وكحله وأعماه، وأخذ ما كان معه من الأموال والجواهر والأعلاق النفيسة، وكان يخفيها خوفا عليها من الغز لما كان معهم، وقطع المؤيد خطبته من نيسابور وغيرها مما هو في تصرفه، وخطب لنفسه بعد الخليفة المستنجد بالله، وأخذ ابنه جلال الدين محمدا الذي كان قد ملكه الغز أمرهم قبل أبيه، وسجنهما، ومعهما جواريهما وحشمهما، وبقيا فيها فلم تطل أيامهما، ومات السلطان محمود، ثم مات ابنه بعده من شدة وجده لموت أبيه.


ظفر أهل الإسكندرية وعسكر مصر بأسطول الفرنج من صقلية، وكان سبب ذلك إرسال أهل مصر إلى ملك الفرنج بساحل الشام، وإلى صاحب صقلية، ليقصدوا ديار مصر ليثوروا على صلاح الدين ويخرجوه من مصر، فجهز صاحب صقلية أسطولا كبيرا، وسيره إلى الإسكندرية من ديار مصر، فوصلوا إليها في التاسع والعشرين من ذي الحجة سنة 569، على حين غفلة من أهلها وطمأنينة، فخرج أهل الإسكندرية بعدتهم وسلاحهم ليمنعوهم من النزول، وأبعدوا عن البلد، فمنعهم الوالي من ذلك، وأمرهم بملازمة السور، ونزل الفرنج إلى البر مما يلي البحر والمنارة، وتقدموا إلى المدينة ونصبوا عليها الدبابات والمجانيق، وقاتلوا أشد قتال، وصبر لهم أهل البلد، وسيرت الكتب بالحال إلى صلاح الدين يستدعونه لدفع العدو عنهم، ووصل من العساكر المسلمين كل من كان له في أقطاعه، وهو قريب من الإسكندرية، فقويت بهم نفوس أهل الإسكندرية، وأحسنوا القتال والصبر، فلما كان اليوم الثالث فتح المسلمون باب البلد وخرجوا منه على الفرنج من كل جانب، وهم غارون، واشتد القتال، فوصل المسلمون إلى الدبابات فأحرقوها، وصبروا للقتال، فأنزل الله نصره عليهم، وفشل الفرنج وفتر حربهم، وكثر القتل والجراح في رجالاتهم، وأما صلاح الدين فإنه لما وصله الخبر سار بعساكره، وسير مملوكا له ومعه ثلاث جنائب ليجد السير عليها إلى الإسكندرية يبشر بوصوله، وسير طائفة من العسكر إلى دمياط خوفا عليها، واحتياطا لها، فسار ذلك المملوك، فوصل الإسكندرية من يومه وقت العصر، والناس قد رجعوا من القتال، فنادى في البلد بمجيء صلاح الدين والعساكر مسرعين، فلما سمع الناس ذلك عادوا إلى القتال، وقد زال ما بهم من تعب وألم الجراح، وسمع الفرنج بقرب صلاح الدين في عساكره، فسقط في أيديهم، وازدادوا تعبا وفتورا، فهاجمهم المسلمون عند اختلاط الظلام، ووصلوا إلى خيامهم فغنموها بما فيها من الأسلحة الكثيرة والتحملات العظيمة، وكثر القتل في رجالة الفرنج، فهرب كثير منهم إلى البحر، فغلبهم أهل البلد وقهروهم، فصاروا بين قتيل وأسير، وكفى الله المسلمين شرهم، وحاق بالكافرين مكرهم.


جمع كنز الدولة والي أسوان العرب والسودان، وقصد القاهرة يريد إعادة الدولة الفاطمية، وأنفق في جموعه أموالا جزيلة، وانضم إليه جماعة ممن يهوى هواهم، فقتل عدة من أمراء صلاح الدين، وخرج في قرية طود رجل يعرف بعباس بن شادي، وأخذ بلاد قوص، وانتهب أموالها، فجهز السلطان صلاح الدين أخاه الملك العادل في جيش كثيف، ومعه الخطير مهذب بن مماتي، فسار وأوقع بشادي وبدد جموعه وقتله، ثم سار فلقيه كنز الدولة بناحية طود، وكانت بينهما حروب فر منها كنز الدولة، بعدما قتل أكثر عسكره، ثم قتل كنز الدولة في سابع صفر، وقدم العادل إلى القاهرة في ثامن عشر من صفر.


ملك صلاح الدين يوسف بن أيوب مدينة دمشق، وسبب ذلك أن نور الدين لما مات وملك ابنه الملك الصالح إسماعيل بعده كان بدمشق، ولما استولى سيف الدين غازي بن قطب الدين مودود صاحب الموصل وعم الملك الصالح إسماعيل على البلاد الجزرية، خاف شمس الدين علي بن الداية-وهو أكبر الأمراء النورية- أن يغير إلى حلب فيملكها، فأرسل الخادم سعد الدين كمشتكين إلى دمشق ليحضر الملك الصالح ومعه العساكر إلى حلب، فلما وصلوا إليها قبض سعد الدين على شمس الدين بن الداية وإخوته، وعلى ابن الخشاب رئيس حلب ومقدم الأحداث فيها، واستبد سعد الدين بتدبير الملك الصالح، فخافه ابن المقدم وغيره من الأمراء الذين بدمشق، وكاتبوا سيف الدين غازي صاحب الموصل ليعبر الفرات إليهم؛ ليسلموا إليه دمشق، فامتنع عن قصد دمشق، وراسل الخادم سعد الدين الملك الصالح وصالحهما على ما أخذه من البلاد، فلما امتنع سيف الدين غازي عن العبور إلى دمشق عظم خوف ابن المقدم ومن معه من الأمراء، وقالوا: حيث صالح الخادم سعد الدين سيف الدين والملك الصالح لم يبق لهم مانع عن المسير إلينا، فكاتبوا حينئذ صلاح الدين يوسف بن أيوب، صاحب مصر، واستدعوه ليملكوه عليهم، فلما وصلت الرسل إلى صلاح الدين بذلك لم يلبث، وسار جريدة -الجريدة خيل لا رجالة فيها- في سبعمائة فارس، والفرنج في طريقه، فلم يبال بهم، ثم سار صلاح الدين إلى دمشق فخرج كل من بها من العسكر إليه، فلقوه وخدموه، ودخل البلد، ونزل في دار والده المعروفة بدار العقيقي، وكانت القلعة بيد خادم اسمه ريحان، فأحضر صلاح الدين كمال الدين بن الشهرزوري وهو قاضي البلد والحاكم في جميع أموره من الديوان والوقف وغير ذلك، وأرسله إلى ريحان ليسلم القلعة إليه، وقال: "أنا مملوك الملك الصالح، وما جئت إلا لأنصره وأخدمه، وأعيد البلاد التي أخذت منه إليه"، وكان يخطب له في بلاده كلها، فصعد كمال الدين إلى ريحان، ولم يزل معه حتى سلم القلعة، فصعد صلاح الدين إليها، وأخذ ما فيها من الأموال، وأخرجها واتسع بها وثبت قدمه، وقويت نفسه، وهو مع هذا يظهر الطاعة للملك الصالح، والخطبة والسكة باسمه، والصالح يخاطبه بالمملوك.


لما استقر ملك صلاح الدين لدمشق، وقرر أمرها، استخلف بها أخاه سيف الإسلام طغتكين بن أيوب، وسار إلى مدينة حمص مستهل جمادى الأولى، وكانت حمص وحماة وقلعة بعين وسلمية وتل خالد والرها من بلد الجزيرة في أقطاع الأمير فخر الدين مسعود الزعفراني، فلما مات نور الدين لم يمكن فخر الدين المقام بها لسوء سيرته في أهلها، ولم يكن له في قلاع هذه البلاد حكم، إنما فيها ولاة لنور الدين.

وكان بقلعة حمص وال يحفظها، فلما نزل صلاح الدين على حمص، حادي عشر من هذا الشهر، راسل من فيها بالتسليم، فامتنعوا، فقاتلهم من الغد، فملك البلد وأمن أهله، وامتنعت عليه القلعة، وبقيت ممتنعة إلى أن عاد من حلب، وترك بمدينة حمص من يحفظها، ويمنع من بالقلعة من التصرف وأن تصعد إليهم ميرة.


سار صلاح الدين إلى مدينة حماة، وهو في جميع أحواله لا يظهر إلا طاعة الملك الصالح بن نور الدين محمود، فلما وصل إلى حماة، ملك المدينة مستهل جمادى الآخرة، وكان بقلعتها الأمير عز الدين جورديك، وهو من المماليك النورية، فامتنع من التسليم إلى صلاح الدين، فأرسل إليه صلاح الدين ما يعرفه ما هو عليه من طاعة الملك الصالح، وإنما يريد حفظ بلاده عليه، فاستحلفه جورديك على ذلك فحلف له وسيره إلى حلب في اجتماع الكلمة على طاعة الملك الصالح، وفي إطلاق شمس الدين علي وحسن وعثمان أولاد الداية من السجن، فسار جورديك إلى حلب، واستخلف بقلعة حماة أخاه ليحفظها، فلما وصل جورديك إلى حلب قبض عليه كمشتكين وسجنه، فلما علم أخوه بذلك سلم القلعة إلى صلاح الدين فملكها.


لما ملك صلاح الدين حماة سار إلى حلب فحصرها ثالث جمادى الآخرة، فقاتله أهلها، وركب الملك الصالح، وهو صبي عمره اثنتا عشرة سنة، وجمع أهل حلب واتفقوا على القتال دونه، والمنع عن بلده، وجدوا في القتال، وأرسل سعد الدين كمشتكين إلى سنان مقدم الإسماعيلية، وبذل له أموالا كثيرة؛ ليقتلوا صلاح الدين، فأرسلوا جماعة منهم إلى عسكره، فحمل أحدهم على صلاح الدين ليقتله، فقتل دونه، وقاتل الباقون من الإسماعيلية، فقتلوا جماعة من أصحاب صلاح الدين, ثم قتلوا جميعا، وبقي صلاح الدين محاصرا لحلب إلى آخر جمادى الآخرة، ورحل عنها مستهل رجب وسبب ذلك هو مسير الفرنج إلى حمص وتجهزهم لقصدها، فسمع صلاح الدين الخبر فرحل عن حلب.


أثناء حصار صلاح الدين الأيوبي لحلب بلغه مسير الفرنج إلى حمص وتجهزهم لقصدها، فرحل عن حلب إلى حماة، فوصله ثامن رجب، بعد نزول الفرنج على حمص بيوم، ثم رحل إلى الرستن، فلما سمع الفرنج بقربه رحلوا عن حمص، ووصل صلاح الدين إليها، فحصر القلعة إلى أن ملكها في الحادي والعشرين من شعبان، فصار أكثر الشام بيده، ولما ملك حمص سار منها إلى بعلبك، وبها خادم اسمه يمن، وهو وال عليها من أيام نور الدين محمود، فحصرها صلاح الدين، فأرسل يمن يطلب الأمان له ولمن عنده، فأمنهم صلاح الدين، وسلم القلعة رابع شهر رمضان.


في العشر الأول من شوال ملك صلاح الدين قلعة بعرين من الشام، وكان صاحبها فخر الدين مسعود بن الزعفراني، وهو من أكابر الأمراء النورية، فلما رأى قوة صلاح الدين نزل منها، واتصل بصلاح الدين، ظن أنه يكرمه ويشاركه في ملكه، ولا ينفرد عنه بأمر مثل ما كان مع نور الدين، فلم ير من ذلك شيئا، ففارقه، ولم يكن بقي من أقطاعه الذي كان له في الأيام النورية غير بعرين ونائبه بها، فلما صالح صلاح الدين الملك الصالح بحلب، عاد إلى حماة وسار منها إلى بعرين، وهي قريبة منها، فحصرها ونصب عليها المجانيق، وأدام قتالها، فسلمها واليها بالأمان، فلما ملكها عاد إلى حماة، فأقطعها خاله شهاب الدين محمود بن تكش الحارمي، وأقطع حمص ناصر الدين محمد بن عمه شيركوه، وسار منها إلى دمشق فدخلها أواخر شوال.


هو الإمام العلامة، الحافظ الكبير المجود، محدث الشام، ثقة الدين، أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله بن عبد الله بن الحسين المعروف بابن عساكر، الدمشقي الشافعي صاحب (تاريخ دمشق).

من أعيان الفقهاء الشافعية، ومحدث الشام في وقته.

غلب عليه الحديث فاشتهر به وبالغ في طلبه إلى أن جمع منه ما لم يتفق لغيره، حتى صار أحد أكابر حفاظ الحديث ومن عني به سماعا وجمعا وتصنيفا، واطلاعا وحفظا لأسانيده ومتونه، وإتقانا لأساليبه وفنونه، صاحب الكتاب المشهور (تاريخ دمشق) الذي حاز فيه قصب السبق، ومن نظر فيه وتأمله، رأى ما وصفه فيه وأصله، وحكم بأنه فريد دهره في التواريخ، هذا مع ما له في علوم الحديث من الكتب المفيدة، وما هو مشتمل عليه من العبادة والطرائق الحميدة, وله مصنفات كثيرة منها الكبار والصغار، والأجزاء والأسفار، وقد أكثر في طلب الحديث من الترحال والأسفار، وجاز المدن والأقاليم والأمصار، وجمع من الكتب ما لم يجمعه أحد من الحفاظ نسخا واستنساخا، ومقابلة وتصحيح الألفاظ.

قال الذهبي: "نقلت ترجمته من خط ولده المحدث أبي محمد القاسم بن علي، فقال: ولد أبي في المحرم سنة 499، وعدد شيوخه الذي في معجمه ألف وثلاثمائة شيخ بالسماع، وستة وأربعون شيخا أنشدوه، وعن مائتين وتسعين شيخا بالإجازة، الكل في معجمه، وبضع وثمانون امرأة لهن معجم صغير سمعناه.

وحدث ببغداد، والحجاز، وأصبهان، ونيسابور, وصنف الكثير, وكان فهما، حافظا، متقنا ذكيا، بصيرا بهذا الشأن، لا يلحق شأنه، ولا يشق غباره، ولا كان له نظير في زمانه.

وكان له إجازات عالية، وروي عنه أشياء من تصانيفه بالإجازة في حياته، واشتهر اسمه في الأرض، وتفقه في حداثته على جمال الإسلام أبي الحسن السلمي وغيره، وانتفع بصحبة جده لأمه القاضي أبي المفضل عيسى بن علي القرشي في النحو، ولازم الدرس والتفقه بالنظامية ببغداد، وصنف وجمع فأحسن, فمن ذلك تاريخ دمشق في ثمانمائة جزء.

قلت (الذهبي): "الجزء عشرون ورقة، فيكون ستة عشر ألف ورقة", وجمع (الموافقات) في اثنين وسبعين جزءا، و(عوالي مالك)، والذيل عليه خمسين جزءا، و(غرائب مالك) عشرة أجزاء، و(المعجم) في اثني عشر جزءا, و(مناقب الشبان) خمسة عشر جزءا، و(فضائل أصحاب الحديث) أحد عشر جزءا، (فضل الجمعة) مجلد، و(تبيين كذب المفتري فيما نسب إلى الأشعري) مجلد، و (المسلسلات) مجلد، و (السباعيات) سبعة أجزاء، (من وافقت كنيته كنية زوجته) أربعة أجزاء، و (في إنشاء دار السنة) ثلاثة أجزاء، (في يوم المزيد) ثلاثة أجزاء، (الزهادة في الشهادة) مجلد، (طرق قبض العلم)، (حديث الأطيط)، (حديث الهبوط وصحته)، (عوالي الأوزاعي وحاله) جزءان, (الخماسيات) جزء، (السداسيات) جزء، (أسماء الأماكن التي سمع فيها)، (الخضاب)، (إعزاز الهجرة عند إعواز النصرة)، (المقالة الفاضحة)، (فضل كتابة القرآن)، (من لا يكون مؤتمنا لا يكون مؤذنا)، (فضل الكرم على أهل الحرم)، (في حفر الخندق)، (قول عثمان: ما تغنيت)، (أسماء صحابة المسند)، (أحاديث رأس مال شعبة)، (أخبار سعيد بن عبد العزيز)، (مسلسل العيد)، (الأبنة)، (فضائل العشرة) جزءان، (من نزل المزة)، (في الربوة والنيرب)، (في كفر سوسية)، (رواية أهل صنعاء)، (أهل الحمريين)، (فذايا)، (بيت قوفا)، (البلاط)، (قبر سعد)، (جسرين)، (كفر بطنا)، (حرستا)، (دوما مع مسرابا)، (بيت سوا)، (جركان)، (جديا وطرميس)، (زملكا)، (جوبر)، (بيت لهيا)، (برزة)، (منين)، (يعقوبا)، (أحاديث بعلبك)، (فضل عسقلان)، (القدس)، (المدينة)، (مكة)، كتاب (الجهاد)، (مسند أبي حنيفة ومكحول)، (العزل)، (الأربعون الطوال)،  (الأربعون البلدية) جزء، (الأربعون في الجهاد)، (الأربعون الأبدال)، (فضل عاشوراء) ثلاثة أجزاء، (طرق قبض العلم) جزء، كتاب (الزلازل)، (المصاب بالولد) جزءان، (شيوخ النبل)، (عوالي شعبة) اثنا عشر جزءا، (عوالي سفيان) أربعة أجزاء، (معجم القرى والأمصار) جزء، وغير ذلك, وسرد له عدة تواليف.

قال: وأملى أبي أربعمائة مجلس وثمانية.

قال: وكان مواظبا على صلاة الجماعة وتلاوة القرآن، يختم كل جمعة، ويختم في رمضان كل يوم، ويعتكف في المنارة الشرقية، وكان كثير النوافل والأذكار، ويحاسب نفسه على لحظة تذهب في غير طاعة، كان يجري ذكره عند ابن شيخه، وهو الخطيب أبو الفضل بن أبي نصر الطوسي، فيقول: ما نعلم من يستحق هذا اللقب اليوم يعني: (الحافظ) ويكون حقيقا به سواه.

وقال القاسم: لما دخلت همذان أثنى عليه الحافظ أبو العلاء، وقال لي: أنا أعلم أنه لا يساجل الحافظ ابن عساكر في شأنه أحد، فلو خالط الناس ومازجهم كما أصنع، إذا لاجتمع عليه الموافق والمخالف, وقال لي أبو العلاء يوما: أي شيء فتح له، وكيف ترى الناس له؟  قلت (الذهبي): "هو بعيد من هذا كله، لم يشتغل منذ أربعين سنة إلا بالجمع والتصنيف والتسميع، حتى في نزهه وخلواته"  ثم قال أبو العلاء: ما كان يسمى ابن عساكر ببغداد إلا شعلة نار؛ من توقده وذكائه وحسن إدراكه.

قال أبو المواهب: لم أر مثله ولا من اجتمع فيه ما اجتمع فيه من لزوم طريقة واحدة مدة أربعين سنة، من لزوم الجماعة في الخمس في الصف الأول إلا من عذر، والاعتكاف في رمضان وعشر ذي الحجة، وعدم التطلع إلى تحصيل الأملاك وبناء الدور، قد أسقط ذلك عن نفسه، وأعرض عن طلب المناصب من الإمامة والخطابة، وأباها بعد أن عرضت عليه، وقلة التفاته إلى الأمراء، وأخذ نفسه بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لا تأخذه في الله لومة لائم.

قال لي: لما عزمت على التحديث، والله المطلع أنه ما حملني على ذلك حب الرئاسة والتقدم، بل قلت: متى أروي كل ما قد سمعته، وأي فائدة في كوني أخلفه بعدي صحائف؟ فاستخرت الله، واستأذنت أعيان شيوخي ورؤساء البلد، وطفت عليهم، فكل قال: ومن أحق بهذا منك؟ فشرعت في ذلك سنة ثلاث وثلاثين" كانت وفاة ابن عساكر في الحادي عشر من رجب، وله من العمر ثنتان وسبعون سنة، وحضر السلطان صلاح الدين الأيوبي جنازته ودفن بمقابر باب الصغير، وكان الذي صلى عليه الشيخ قطب الدين النيسابوري.


تجهز الحلبيون لقتال صلاح الدين، فاستدعى صلاح الدين عساكر مصر، فلما وافته بدمشق في شعبان سار في أول رمضان، فلقيهم في عاشر شوال، وكانت بينهما وقعة تأخر فيها السلطان سيف الدين غازي بن نور الدين محمود صاحب الموصل، فظن الناس أنها هزيمة، فولت عساكرهم، وتبعهم صلاح الدين، فهلك منهم جماعة كثيرة، وملك خيمة غازي، وأسر عالما عظيما، واحتوى على أموال وذخائر وفرش وأطعمة وتحف تجل عن الوصف، وقدم عليه أخوه الملك المعظم شمس الدولة توران شاه بن أيوب من اليمن، فأعطاه سرادق السلطان غازي بما فيه من الفرش والآلات، وفرق الإسطبلات والخزائن على من معه، وخلع على الأسرى وأطلقهم، ولحق سيف الدين غازي بمن معه، فالتجؤوا جميعا لحلب، ثم سار إلى الموصل وهو لا يصدق أنه ينجو، وظن أن صلاح الدين يعبر الفرات ويقصده بالموصل، ورحل صلاح الدين ونزل على حلب في رابع عشر شوال، فأقام عليها إلى تاسع عشره، ورحل إلى بزاعة، وقاتل أهل الحصن حتى تسلمه، وسار إلى منبج، فنزل عليها يوم الخميس رابع عشر منه.


سار صلاح الدين إلى بزاعة فحصرها، وقاتله من بالقلعة، ثم تسلمها وجعل بها من يحفظها، وسار إلى مدينة منبج فحصرها آخر شوال، وبها صاحب قطب الدين ينال بن حسان المنبجي، وكان شديد العداوة لصلاح الدين والتحريض عليه، والإطماع فيه، والطعن فيه، فحنق عليه صلاح الدين وهدده، ثم ملك منبج، ولم تمتنع عليه إلا قلعتها وبها صاحبها اسمه ينال، قد جمع إليها الرجال والذخائر والسلاح، فحصره صلاح الدين وضيق عليه وزحف إلى القلعة، فوصل النقابون إلى السور فنقبوها وملكوها عنوة، وغنم العسكر الصلاحي كل ما بها، وأخذ صاحبها ينال أسيرا، فأخذ صلاح الدين كل ماله، ثم أطلقه صلاح الدين فسار إلى الموصل، فأقطعه سيف الدين غازي مدينة الرقة.


وقعت يوم عيد الأضحى فتنة ببغداد، بين العامة وبعض الأتراك؛ بسبب أخذ جمال النحر، فقتل بينهم جماعة، ونهب شيء كثير من الأموال، ففرق الخليفة أموالا جليلة فيمن نهب ماله.