Warning: Undefined array key "sirA3lam" in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f704007db74beca75b87a603e53b9db7fc676f54_0.file.history.tpl.php on line 73

Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f704007db74beca75b87a603e53b9db7fc676f54_0.file.history.tpl.php on line 73

Warning: Trying to access array offset on value of type null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f704007db74beca75b87a603e53b9db7fc676f54_0.file.history.tpl.php on line 73


هي أكبر الجزر اليونانية، وخامس أكبر جزيرة في البحر الأبيض المتوسط، وصل المسلمون إلى كريت في وقت مبكر، إذ ضربوا الحصار عليها ولم ينتصف القرن الأول الهجري بعد؛ ولكنهم لم يتمكنوا من فتحها، إذ أن قوتهم البحرية لم تكن قد تكاملت بعد.

روى البلاذري: غزا جنادة بن أبي أمية أقريطش، فلما كان زمن الوليد بن عبد الملك فتح بعضها ثم أغلق، وغزاها حميد بن معيوف الهمداني في خلافة الرشيد ففتح بعضها، وكان المسلمون قد شغلوا بالقتال في جبهات أخرى، مما أعان على بقاء حكم الروم في كريت؛ ولكنه لم يكن وطيد الدعائم للاختلاف في مذاهب الدين بين الحاكمين والمحكومين.


البلقان هي شبه جزيرة تقع في الجنوب الشرقي من قارة أوروبا، وتضم عديدامن بلدان شرق أوروبا مثل: المجر، رومانيا، يوغسلافيا سابقا، وبلغاريا.

اتجهت أنظار المسلمين نحو الشمال والغرب حيث الدولة الرومانية الشرقية التي كانت تغير على المناطق الخاضعة لسلطان المسلمين, فرتب معاوية الغزو إليها برا وبحرا، وجهز أسطولا بلغ عدده 1700 سفينة، وفتح عدة جهات كجزيرة رودس وبعض الجزر اليونانية الأخرى، كما أكثر برا من الصوائف والشواتي -حملات الصيف والشتاء-


هو سعد بن أبي وقاص مالك بن أهيب، الزهري القرشي، صحابي من أوائل من دخلوا في الإسلام، وكان في السابعة عشر من عمره، ولم يسبقه في الإسلام إلا أبو بكر، وعلي، وزيد، وهو أحد العشرة المبشرين بالجنة، فكان من المتقدمين في الإسلام، شهد المشاهد كلها، أول من رمى بسهم في سبيل الله، وله قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ارم سعد فداك أبي وأمي).

كان مجاب الدعوة، ولي إمرة الكوفة لعمر، لم يحضر الجمل ولا صفين ولا التحكيم، قاتل في سبيل الله، وفتح الله على يديه الكثير من بلاد فارس أيام عمر، توفي في العقيق قرب المدينة، وحمل إلى البقيع ودفن فيه، وكان آخر المهاجرين موتا.


الرافقة مدينة كانت متصلة البناء بالرقة، وهما على ضفة الفرات، وبينهما مقدار ثلاثمائة ذراع، ثم إن الرقة خربت وغلب اسمها على الرافقة وصار اسم المدينة الرقة (وهي الموجودة حاليا في سوريا) ففي هذه السنة أمر الخليفة العباسي المنصور ببناء الرافقة، على منوال بناء بغداد، فلما أراد أهل الرقة منعه من بنائها هم في محاربتهم.

كما أمر ببناء سور وعمل خندق حول الكوفة، وأخذ ما غرم على ذلك من أموال أهلها، من كل إنسان من أهل اليسار أربعين درهما، وقد فرضها أولا خمسة دراهم، خمسة دراهم، ثم جباها أربعين أربعين.


أنكرت الخوارج الصفرية المجتمعة بمدينة سجلماسة على أميرهم عيسى بن جرير أشياء، فشدوه وثاقا، وجعلوه على رأس الجبل، فلم يزل كذلك حتى مات، وقدموا على أنفسهم أبا القاسم سمكو بن واسول المكناسي جد مدرار.


ثار الأرمن الصنارية بزعامة موشيغ ماميكونيان، وسمباط بن آشوط، وامتنعوا عن دفع الخراج، فأمد المنصور الحسن بن قحطبة أمير أرمينية بجيش يضم كبار القادة، فالتقى الطرفان وجرت معركة قرب جبل أرارات، وعرفت المعركة في التاريخ الأرمني باسم بيغرافند، وفيها تم قمع هذه الثورة وقتل موشيغ، ودخل جيش المسلمين مدينة تفليس.


هو أبو عثمان عمرو بن بحر بن محبوب الكناني الليثي البصري المتكلم المعتزلي، اشتهر بالجاحظ لجحوظ كان في عينيه، أديب كبير ولد في البصرة ونشأ وتعلم فيها.

قال عنه الذهبي: "كان واسع النقل كثير الاطلاع، من أذكياء بني آدم وأفرادهم وشياطينهم", ليس بثقة ولا مأمون، أخذ عن الأصمعي وغيره, وأخذ علم الكلام عن أبي إسحاق إبراهيم بن سيار البلخي المعروف بالنظام المعتزلي المتكلم المشهور، وقد تتلمذ على يديه, فتأثر بفكره الاعتزالي فأصبح من رؤسائهم، بل ظهرت فرقة باسم الجاحظية تنسب إليه، وله كتب كثيرة مثل: الحيوان، والبيان والتبيين، والبخلاء، وله رسائل في الفلسفة والاعتزال، ومن جملة أخباره أنه قال: ذكرت للمتوكل لتأديب بعض ولده، فلما رآني استبشع منظري فأمر لي بعشرة آلاف درهم وصرفني، أصيب بالفالج في آخر عمره، فكان يطلي نصفه الأيمن بالصندل والكافور لشدة حرارته، والنصف الأيسر لو قرض بالمقاريض لما أحس به؛ من خدره وشدة برده، ومات في البصرة, وقد تجاوز التسعين.


ظهر رجل بظاهر البصرة زعم أنه علي بن محمد بن أحمد بن عيسى بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، ولم يكن صادقا، وإنما كان أجيرا من عبد القيس، واسمه علي بن محمد بن عبد الرحيم، وأمه قرة بنت علي بن رحيب بن محمد بن حكيم من بني أسد بن خزيمة، وأصله من قرية من قرى الري، والتف عليه خلق من الزنج الذين يكسحون السباخ، فعبر بهم دجلة فنزل الديناري، وكان يزعم لبعض من معه أنه يحيى بن عمر أبو الحسين المقتول بناحية الكوفة، وكان يدعي أنه يحفظ سورا من القرآن في ساعة واحدة جرى بها لسانه لا يحفظها غيره في مدة دهر طويل، وهن سبحان والكهف وص وعم، وزعم أنه فكر يوما وهو في البادية إلى أي بلد يسير فخوطب من سحابة أن يقصد البصرة فقصدها، فلما اقترب منها وجد أهلها متفرقين على شعبتين، سعدية وبلالية، فطمع أن ينضم إلى إحداهما فيستعين بها على الأخرى فلم يقدر على ذلك، فارتحل إلى بغداد فأقام بها سنة، وانتسب بها إلى محمد بن أحمد بن عيسى بن زيد، وكان يزعم بها أنه يعلم ما في ضمائر أصحابه، وأن الله يعلمه بذلك، فتبعه على ذلك جهلة من الطغام، وطائفة من الرعاع العوام, ثم عاد إلى أرض البصرة في رمضان فاجتمع معه بشر كثير، ولكن لم يكن معهم عدد يقاتلون بها فأتاهم جيش من ناحية البصرة فاقتتلوا جميعا، ولم يكن في جيشه هذا الخارجي سوى ثلاثة أسياف، وأولئك الجيش معهم عدد وعدد ولبوس، ومع هذا هزم أصحاب الزنجي ذلك الجيش، وكانوا أربعة آلاف مقاتل، ثم مضى نحو البصرة بمن معه فأهدى له رجل من أهل جبى فرسا فلم يجد لها سرجا ولا لجاما، وإنما ألقى عليها حبلا وركبها، ثم صادر رجلا وتهدده بالقتل فأخذ منه مئة وخمسين دينارا وألف درهم، وكان هذا أول مال نهبه من هذه البلاد، وأخذ من آخر ثلاثة براذين، ومن موضع آخر شيئا من الأسلحة والأمتعة، ثم سار في جيش قليل السلاح والخيول، ثم جرت بينه وبين نائب البصرة وقعات متعددة يهزمهم فيها، وفي كل مرة يقوى ويعظم أمره ويزداد أصحابه ويكثر جيشه، وهو مع ذلك لا يتعرض لأموال الناس ولا يؤذي أحدا، وإنما يريد أخذ أموال السلطان.

وقد انهزم أصحابه في بعض حروبه هزيمة عظيمة ثم تراجعوا إليه واجتمعوا حوله، ثم كروا على أهل البصرة فهزموهم وقتلوا منهم خلقا وأسروا آخرين، وكان لا يؤتى بأسير إلا قتله ثم قوي أمره وخافه أهل البصرة، وبعث الخليفة إليها مددا ليقاتلوا صاحب الزنج قبحه الله، ثم أشار عليه بعض أصحابه أن يهجم بمن معه على البصرة فيدخلوها عنوة فهجن آراءهم وقال: بل نكون منها قريبا حتى يكونوا هم الذين يطلبوننا إليها ويخطبوننا عليها.


فتحها المسلمون في ولاية أبي عبد الله محمد بن أحمد بن محمد بن الأغلب أبو الغرانيق، غزاها خلف الخادم مولى زيادة الله بن إبراهيم، وخلف هو المعروف ببناء المساجد والقناطر، فحاصرها ومات وهو محاصر لها، فكتبوا إلى أبي عبد الله بوفاته، فكتب أبو عبد الله إلى عامله بجزيرة صقلية، وهو محمد بن خفاجة، أن يبعث إليهم واليا، فبعث إليهم سوادة بن محمد، ففتحوا حصن مالطة، وظفروا بملكها عمروس أسيرا، فهدموا حصنها وغنموا وسبوا ما عجزوا عن حمله، وحمل لأحمد بن عمر بن عبد الله بن الأغلب - الذي عمل من أجل فتح مالطة- من كنائس مالطة ما بنى به قصره الذي بسوسة داخلا في البحر، والمسلك إليه على قنطرة.

وبقيت بعد ذلك جزيرة مالطة خربة غير آهلة، وإنما كان يدخلها النشاؤون للسفن؛ فإن العود فيها أمكن ما يكون، والصيادون للحوت لكثرته في سواحلها وطيبه، والشائرون للعسل؛ فإنه أكثر شيء هناك.


لما بلغ علي بن الحسين بن شبل بفارس ما فعله يعقوب بطوق في كرمان أيقن بمجيئه إليه، وكان علي بشيراز، فجمع جيشه وسار إلى مضيق خارج شيراز، من أحد جانبيه جبل لا يسلك، ومن الجانب الآخر نهر لا يخاض، فأقام على رأس المضيق، وهو ضيق، ممره لا يسلكه إلا واحد بعد واحد، وهو على طرف البر، وقال: إن يعقوب لا يقدر على الجواز إلينا، فخاض يعقوب وأصحابه النهر وخرجوا من وراء أصحاب علي، فلما خرج أوائلهم هرب أصحاب علي إلى مدينة شيراز وانهزموا فسقط علي بن الحسين عن دابته، كبا به الفرس، فأخذ أسيرا وأتي به إلى يعقوب، فقيده، فلما أصبح نهب أصحابه دار علي ودور أصحابه، وأخذ ما في بيوت الأموال وبيت الخراج ورجع إلى سجستان.


كتب المعتز لعلي بن الحسين بن شبل بولاية كرمان، وكتب إلى يعقوب بن الليث بولايتها أيضا يلتمس إغراء كل واحد منهما بصاحبه؛ ليسقط مؤونة الهالك عنه، وينفرد بالآخر، وكان كل واحد منهما يظهر طاعة لا حقيقة لها، والمعتز يعلم ذلك منهما.

أرسل علي بن الحسين طوق بن المغلس إلى كرمان، وسار يعقوب إليها فسبقه طوق واستولى عليها وأقبل يعقوب حتى بقي بينه وبين كرمان مرحلة، فأقام بها شهرين لا يتقدم إلى طوق، ولا طوق يخرج إليه، فلما طال ذلك عليه أظهر الارتحال إلى سجستان، فارتحل مرحلتين، وبلغ طوقا ارتحاله فظن أنه قد بدا له في حربه، وترك كرمان، فوضع آلة الحرب، وقعد للأكل والشرب والملاهي، وبلغ يعقوب إقبال طوق على الشرب، فكر راجعا فطوى المرحلتين في يوم واحد، فلم يشعر طوق إلا بغبرة عسكر يعقوب، فأحاط به وبأصحابه، فذهب أصحابه يريدون المناهضة والدفع عن أنفسهم، فقال يعقوب لأصحابه: أفرجوا للقوم، فمروا هاربين، وخلوا كل ما لهم، وأسر يعقوب طوقا، وكان علي بن الحسين قد سير مع طوق في صناديق قيودا ليقيد بها من يأخذه من أصحاب يعقوب، وفي صناديق أطوقة وأسورة ليعطيها أهل البلاء من أصحاب نفسه، فلما غنم يعقوب عسكرهم رأى ذلك، فقال: ما هذا يا طوق؟ فأخبره، فأخذ الأطوقة والأسورة فأعطاها أصحابه، وأخذ القيود والأغلال فقيد بها أصحاب علي، ثم دخل كرمان وملكها مع سجستان.


هو المبتدع الضال شيخ الكرامية: محمد بن كرام بن عراف النيسابوري، الذي إليه تنسب الفرقة الكرامية, ولد بقرية من قرى زرنج بسجستان، ثم دخل خراسان, وأكثر الاختلاف إلى أحمد بن حرب الزاهد، كان زاهدا عابدا بعيد الصيت, كثير الأصحاب، ولكنه يروي الواهيات, خذل حتى التقط من المذاهب أرداها، ومن الأحاديث أوهاها, ثم جالس الجويباري، وابن تميم, ولعلهما قد وضعا مائة ألف حديث، وأخذ التقشف عن أحمد بن حرب، كان يقول بالتجسيم والتشبيه وأن الله محل للحوادث، وأن صفاته هي عوارض حادثة- تعالى الله عن ذلك- والإيمان عنده مجرد قول، وكان يجلس للوعظ في بيت المقدس عند العمود الذي عند مشهد عيسى عليه السلام، واجتمع عليه خلق كثير، ثم تبين لهم أنه يقول: إن الإيمان قول بلا عمل، فتركه أهلها ونفاه متوليها إلى غورزغر فمات بها، ونقل إلى بيت المقدس.

قال فيه الذهبي: "ونظيره في زهده وضلاله عمرو بن عبيد- نسأل الله السلامة- وأخبث مقالاته أن الإيمان قول بلا معرفة قلب"


كان سبب ذلك أن الأتراك ساروا إلى المعتز يطلبون أرزاقهم، وقالوا: أعطنا أرزاقنا حتى نقبل صالح بن وصيف، فلم يكن عنده ما يعطيهم، فنزلوا معه إلى خمسين ألف دينار، فأرسل المعتز إلى أمه يسألها أن تعطيه مالا ليعطيهم، فأرسلت إليه: ما عندي شيء, فلما رأى الأتراك أنهم لا يحصل لهم من المعتز شيء، ولا من أمه، وليس في بيت المال شيء، اتفقت كلمتهم وكلمة المغاربة والفراغنة، على خلع المعتز، فساروا إليه وصاحوا به فدخل إليه صالح بن وصيف، ومحمد بن بغا المعروف بأبي نصر، وبابكيال في السلاح، فجلسوا على بابه، فدخل إليه جماعة منهم، فجروه برجله إلى باب الحجرة، وضربوه بالدبابيس، وخرقوا قميصه، وكان بعضهم يلطمه وهو يتقي بيده، وأدخلوه حجرة، وأحضروا ابن أبي الشوارب وجماعة أشهدوهم على خلعه، ثم سلموه إلى من يسومه سوء العذاب بأنواع المثلات، إلى أن مات.


هو أبو محمد عبد الله محمد بن الواثق بن المعتصم بن هارون، كانت بيعته بعد خلع المعتز نفسه بين يديه وإشهاده عليه، فأول من بايعه المعتز ثم بايعه الخاصة، ثم كانت بيعة العامة على المنبر.


هو خفاجة بن سفيان أمير صقلية، وكان من الشجعان الغزاة المدبرين، تولى إمرة صقلية عام 248هـ وكانت عاصمته بلرم،  اغتاله رجل من عسكره وهو عائد من غزو سرقوسه قاصدا بلرم، فطعنه طعنة فقتله، ثم هرب القاتل إلى سرقوسة، وحمل خفاجة إلى بلرم، فدفن بها وولى الناس عليهم بعده ابنه محمدا، وكتبوا بذلك إلى الأمير محمد بن أحمد، أمير إفريقية، فأقره على الولاية، وسير له العهد والخلع.


بعث المهتدي بكتاب إلى سليمان بن عبد الله بن طاهر نائب الخليفة في بغداد يأمره بأخذ البيعة له، وكان أبو أحمد بن المتوكل ببغداد، وكان المعتز قد سيره إليها، فأرسل سليمان إليه، فأخذه إلى داره،  فاجتمع العامة إلى باب دار سليمان، فقاتلهم أصحابه، وقيل لهم: ما يرد علينا من سامراء خبر، فانصرفوا ورجعوا الغد، وهو يوم الجمعة على ذلك، وخطب للمعتز ببغداد، فانصرفوا وبكروا يوم السبت، فهجموا على دار سليمان، ونادوا باسم أبي أحمد، ودعوا إلى بيعته، وسألوا سليمان أن يريهم أبا أحمد، فأظهره لهم، ووعدهم أن يصير إلى محبتهم إن تأخر عنهم ما يحبون، فانصرفوا بعد أن أكدوا عليه في حفظ أبي أحمد، وذلك قبل أن يعلم أهل بغداد بما وقع بسامرا من بيعة المهتدي، فقتل من أهل بغداد وغرق منهم خلق كثير، ثم لما بلغهم بيعة المهتدي سكنوا, ثم أرسل إليهم من سامراء مال ففرق فيهم، فرضوا وبايعوا للمهتدي لسبع خلون من شعبان، وسكنت الفتنة، فاستقرت الأمور واستقر المهتدي في الخلافة.


هو أبو عبد الله، الزبير بن المتوكل جعفر بن المعتصم محمد بن الرشيد هارون بن المهدي العباسي.

ولد سنة 233ه, وأمه أم ولد رومية تسمى قبيحة, وما رئي في زمانه أصبح وجها منه ولا من أمه قبيحة، تولى الخلافة بعد أن عزل الأتراك المستعين بالله وأخذوا البيعة له، ثم دبر من يقتل المستعين بعد عزله من الخلافة، وكان المعتز أمرد حين ولي الخلافة, وهو ابن عشرين سنة أو دونها, وجلس جلوسا عاما للناس, فلما كان بعد أشهر من ولايته، خلع أخاه المؤيد بالله إبراهيم من العهد، فما بقي إبراهيم حتى مات، وخاف المعتز من أن يتحدث الناس أنه سمه، فأحضر القضاة حتى شاهدوه، وما به أثر، كانت دولة المعتز مستضعفة مع الأتراك، اتفق القواد منهم، وقالوا له: أعطنا أرزاقنا, فطلب من أمه مالا لينفقه فيهم، فشحت عليه، فتجمع الأتراك لخلعه، وأتوا الدار, وبعثوا إلى المعتز ليخرج إليهم, فقال: قد شربت دواء، وأنا ضعيف، فهجم جماعة منهم عليه، فجروه وضربوه، وأقاموه في الحر، فبقي يتضور وهم يلطمونه، ويقولون: اخلع نفسك, ثم أحضروا القاضي والعدول، وخلعوه، وأقدموا من بغداد إلى سامرا محمد بن الواثق، وكان المعتز قد أبعده، فسلم المعتز إليه الخلافة، وبايعوه، ولقب بالمهتدي بالله.

ثم أخذ الأتراك المعتز بعد خمسة أيام فعذبوه ومنع من الطعام والشراب ثلاثة أيام حتى جعل يطلب شربة من ماء البئر فلم يسق، ثم أدخلوه سردابا فيه جص جير فدسوه فيه فأصبح ميتا، فاستلوه من الجص سليم الجسد وأشهدوا عليه جماعة من الأعيان أنه مات وليس به أثر.

مات عن عمر ثلاث وعشرين سنة, وصلى عليه المهتدي بالله، ودفن مع أخيه المنتصر، فكانت مدة خلافته أربع سنين وستة أشهر وثلاثة وعشرين يوما، ولما قتل المعتز وجدوا عند أمه قبيحة أموالا عظيمة، وجواهر نفيسة، كان من جملة ذلك ما يقارب ألفي ألف دينار، ومن الزمرد والياقوت الأحمر الذي لم ير مثله.


وقعت فتنة ببغداد بين محمد بن أوس البلخي ومن تبعه وبين الشاكرية والجند وغيرهم من العامة والرعاع، فوثبت الشاكرية ببغداد بمحمد بن أوس، والسبب في ذلك أن محمد بن أوس قدم بغداد مع سليمان بن عبد الله بن طاهر، وهو على الجيش القادم من خراسان، ومع سليمان الصعاليك الذين تألفهم سليمان بالري، ولم تكن أسماؤهم في ديوان السلطان بالعراق، والجند والشاكرية يصيحون في طلب مال البيعة, وكان الحسين بن إسماعيل يحرض العامة على محمد بن أوس ومن قدم مع سليمان أنهم يقصدون أخذ أموالهم والفوز بها دونهم، حتى امتلأت قلوبهم غيظا, فاجتمع من العامة نحو مائة ألف، وكان بين الناس قتال بالنبال والرماح والسوط، فقتل خلق كثير، ثم انهزم محمد بن أوس وأصحابه، فنهبت العامة ما وجدوا من أمواله، وهو ما يعادل ألفي ألف أو نحو ذلك، ثم اتفق الحال على إخراج محمد بن أوس من بغداد إلى أين أراد، فخرج منها خائفا طريدا؛ وذلك لأنه لم يكن عند الناس مرضي السيرة.


بعد أن تولى علي بن الإخشيد حكم مصر بعد موت أخيه أنوجور، فسد ما بينه وبين مدبر مملكته كافور الإخشيدي، فمنع كافور الناس من الاجتماع بعلي بن الإخشيد حتى اعتل بعلة أخيه أنوجور ومات لإحدى عشرة خلت من المحرم وحمل إلى المقدس ودفن عند أبيه الإخشيد وأخيه أنوجور، وبقيت مصر من بعده أياما بغير أمير، وكافور يدبر أمرها على عادته في أيام أولاد الإخشيد ومعه أبو الفضل جعفر بن الفرات.

ثم ولي كافور إمرة مصر باتفاق أعيان الديار المصرية وجندها، وكانت مدة سلطنة علي بن الإخشيد المذكور على مصر خمس سنين وشهرين ويومين.


وقع الفداء بين سيف الدولة وبين الروم، فاستنقذ منهم أسارى كثيرة، منهم ابن عمه أبو فراس بن سعيد بن حمدان، وأبو الهيثم بن حصن القاضي، وذلك في رجب منها، ولما لم يبق مع سيف الدولة من أسرى الروم أحد اشترى الباقين من أسارى المسلمين كل نفس باثنين وسبعين دينارا، حتى نفد ما معه من المال, فاشترى الباقين ورهن عليهم بدنته الجوهر المعدومة المثل، فقد أنفق في سنة وثلاثة أشهر نيفا وعشرين ألف ألف درهم ومائتين وستين ألف دينار, فخلص من الأسر ما بين أمير إلى راجل ثلاثة آلاف ومئتان وسبعون نفسا.


خرجت الروم قاصدة مدينة آمد، فنزلوا عليها وحصروها وقاتلوا أهلها، فقتل منهم ثلاثمائة رجل، وأسر نحو أربعمائة أسير، ولم يمكنهم فتحها، فانصرفوا إلى دارا، وقربوا من نصيبين، ولقيهم قافلة واردة من ميافارقين، فأخذوها، وهرب الناس من نصيبين خوفا منهم، حتى بلغت أجرة الدابة مائة درهم، وراسل سيف الدولة الأعراب ليهرب معهم، وكان في نصيبين، فاتفق أن الروم عادوا قبل هربه، فأقام بمكانه، وسار الروم من ديار الجزيرة إلى الشام، فنازلوا أنطاكية، فأقاموا عليها مدة طويلة يقاتلون أهلها، فلم يمكنهم فتحها، فخربوا بلدها ونهبوه وعادوا إلى طرسوس.


قدم الصليحي اليمني مكة بعد ما ملك اليمن كله سهله وجبله، وبره وبحره، وأقام بها وبمكة دعوة المستنصر، وكسا الكعبة حريرا أبيض، ورد حلية البيت إليه؛ وكان بنو حسن قد أخذوها ومضوا بها إلى اليمن، فاشتراها منهم، وأعادها في هذه السنة.

واستخلف على مكة محمد بن أبي هاشم، وعاد إلى اليمن.


وقعت بالشام زلزلة عظيمة خرب منها كثير من البلاد، وانهدم سور طرابلس.


هو السلطان الكبير، ركن الدين، أبو طالب، طغرلبك محمد بن ميكائيل بن سلجوق بن دقاق أول ملوك السلاجقة, وأصل السلاجقة من بر بخارى؛ لهم عدد وقوة وإقدام، وشجاعة وشهامة وزعارة، فلا يدخلون تحت طاعة، وإذا قصدهم ملك دخلوا البرية, ثم إن طغرلبك عظم سلطانه، وطوى الممالك، واستولى على العراق في سنة 447هـ، وتحبب إلى الرعية بعدل مشوب بجور، وكان حليما كثير الاحتمال، شديد الكتمان للسر، محافظا على الصلوات، وعلى صوم الاثنين والخميس، مواظبا على لبس البياض، ويبني المساجد، ويتصدق، سار السلطان طغرلبك من بغداد، في ربيع الأول، إلى بلد الجبل، فوصل إلى الري واستصحب معه أرسلان خاتون ابنة أخيه، زوجة الخليفة، لأنها شكت إطراح الخليفة لها، فأخذها معه، فمرض، فلما كانت ليلة الأحد الرابع والعشرين من رمضان جاء الخبر بأنه توفي في ثامن الشهر، فثار العيارون فقتلوا وزير السلطان عميد الملك  الكندري وسبعمائة من أصحابه، ونهبوا الأموال، وجعلوا يأكلون ويشربون على القتلى نهارا، حتى انسلخ الشهر وأخذت البيعة بعده لولد أخيه سليمان بن داود، وكان طغرلبك قد نص عليه وأوصى إليه، لأنه كان قد تزوج بأمه، واتفقت الكلمة عليه، ولم يبق عليه خوف إلا من جهة أخيه الملك عضد الدولة ألب أرسلان محمد بن داود، وكان مدة ملك طغرلبك بحضرة القائم بأمر الله سبع سنين وإحدى عشر شهرا، واثني عشر يوما وكان عمره يوم مات سبعين سنة.


لما خطب لسليمان بن داود بالسلطنة اختلف الأمراء، فمضى باغي سيان وأردم إلى قزوين، وخطبا لأخيه عضد الدولة ألب أرسلان محمد بن داود جغري بك بن ميكائيل بن سلجوق، ابن أخي طغرلبك وهو حينئذ صاحب خراسان، ومعه نظام الملك وزيره، والناس مائلون إليه، وكذلك الجيش كانوا يميلون إليه، وقد خطب له أهل الجبل ومعه نظام الملك أبو علي الحسن بن علي بن إسحاق وزيره، ولما رأى الكندري قوة أمره خطب له بالري، ثم من بعده لأخيه سليمان بن داود.


كان نجم الدين أيوب نائب بعلبك، وعلى قلعتها رجل يقال له الضحاك البقاعي، فكاتب نجم الدين نور الدين محمودا، ولم يزل نور الدين يتلطف البقاعي حتى أخذ منه القلعة ثم استدعى نجم الدين أيوب إليه بدمشق فأقطعه إقطاعا حسنا، وأكرمه.

من أجل أخيه أسد الدين، فإنه كانت له اليد الطولى في فتح دمشق، وجعل الأمير شمس الدولة بوران شاه بن نجم الدين شحنة دمشق، ثم من بعده جعل أخاه صلاح الدين يوسف هو الشحنة، وجعله من خواصه لا يفارقه حضرا ولا سفرا، لأنه كان حسن الشكل حسن اللعب بالكرة، وكان نور الدين يحب لعب الكرة لتمرين الخيل وتعليمها الكر والفر.


استولى شملة التركماني على خوزستان، وكان قد جمع جمعا كثيرا من التركمان وسار يريد خوزستان، وصاحبه حينئذ ملكشاه بن محمود السلجوقي، فسير الخليفة إليه عسكرا، فلقيهم شملة في رجب، وقاتلهم، فانهزم عسكر الخليفة، وأسر وجوههم، ثم أحسن إليهم وأطلقهم، وأرسل يعتذر، فقبل عذره، وسار إلى خوزستان فملكها وأزاح عنها ملكشاه بن محمود، ثم سار الغز الأتراك التركمان إلى نيسابور، فملكوها بالسيف، فدخلوها وقتلوا محمد بن يحيى الفقيه الشافعي ونحوا من ثلاثين ألفا، وكان السلطان سنجر له اسم السلطنة، وهو معتقل لا يلتفت إليه، حتى إنه أراد كثيرا من الأيام أن يركب، فلم يكن له من يحمل سلاحه، فشده على وسطه وركب، وكان إذا قدم له طعام يدخر منه ما يأكله وقتا آخر، خوفا من انقطاعه عنه، لتقصيرهم في واجبه.


مات في سنة 548هـ رجار ملك صقلية وملك ولده غليالم، وكان فاسد التدبير، فخرج من حكمه عدة من حصون صقلية، فلما كان هذه السنة قوي طمع الناس فيه، فخرج عن طاعته جزيرة جربة وجزيرة قرقنة، وأظهروا الخلاف عليه، وخالف عليه أهل إفريقية، فأول من أظهر الخلاف عليه، من أهل إفريقية، عمر بن أبي الحسين الفرياني بمدينة صفاقس، وكان رجار قد استعمل عليها، لما فتحها، أباه أبا الحسين، وكان من العلماء الصالحين، فأظهر العجز والضعف، فقال أبو الحسين: استعمل ولدي عمر فاستعمله، وأخذه رهينة معه إلى صقلية، فلما وجد عمر هذه الفرصة دعا أهل المدينة إلى الخلاف وقال: يطلع جماعة منكم إلى السور، وجماعة يقصدون مساكن الفرنج والنصارى جميعهم، ويقتلونهم كلهم، فلم تطلع الشمس حتى قتلوا الفرنج عن آخرهم، وكان ذلك أول سنة 551هـ، ثم أتبعه أبو محمد بن مطروح بطرابلس وبعدهما محمد بن رشيد بقابس، وسار عسكر عبد المؤمن إلى بونة فملكها وخرجت جميع إفريقية عن حكم الفرنج ما عدا المهدية وسوسة، وأرسل عمر بن أبي الحسين إلى زويلة، وهي مدينة قريبة إلى المهدية، يحرضهم على الوثوب على من معهم فيها من النصارى، ففعلوا ذلك، وقدم عرب البلاد إلى زويلة، فأعانوا أهلها على من بالمهدية من الفرنج، وقطعوا الميرة عن المهدية.

فلما اتصل الخبر بغليالم ملك صقلية أحضر أبا الحسين وعرفه ما فعل ابنه، فأمر أن يكتب إليه ينهاه عن ذلك، ويأمره بالعود إلى طاعته، ويخوفه عاقبة فعله، فقال: من قدم على هذا لم يرجع بكتاب؛ فأرسل ملك صقلية إليه رسولا يتهدده، ويأمره بترك ما ارتكبه، فلم يمكنه عمر من دخول البلد يومه ذلك، فلما كان الغد خرج أهل البلد جميعهم ومعهم جنازة، والرسول يشاهدهم، فدفنوها وعادوا، وأرسل عمر إلى الرسول يقول له: هذا أبي قد دفنته، وقد جلست للعزاء به، فاصنعوا به ما أردتم، فعاد الرسول إلى غليالم فأخبره بما صنع عمر بن أبي الحسين، فأخذ أباه وصلبه، فلم يزل يذكر الله تعالى حتى مات، وأما أهل زويلة فإنهم كثر جمعهم بالعرب وأهل صفاقس وغيرهم، فحصروا المهدية وضيقوا عليها، وكانت الأقوات بالمهدية قليلة.


لما حصر أهالي أفريقية المهدية سير إليها صاحب صقلية عشرين شينيا –سفن كبيرة- فيها الرجال والطعام والسلاح، فدخلوا البلد، وأرسلوا إلى العرب وبذلوا لهم مالا لينهزموا، وخرجوا من الغد، فاقتتلوا هم وأهل زويلة، فانهزمت العرب، وبقي أهل زويلة وأهل صفاقس يقاتلون الفرنج بظاهر البلد، وأحاط بهم الفرنج، فانهزم أهل صفاقس وركبوا في البحر فنجوا، وبقي أهل زويلة، فحمل عليهم الفرنج فانهزموا إلى زويلة، فوجدوا أبوابها مغلقة فقاتلوا تحت السور، وصبروا حتى قتل أكثرهم ولم ينج إلا القليل فتفرقوا، ومضى بعضهم إلى عبد المؤمن، فلما قتلوا هرب من بها من الحرم والصبيان والشيوخ في البر، ولم يعرجوا على شيء من أموالهم، ودخل الفرنج زويلة وقتلوا من وجدوا فيها من النساء والأطفال، ونهبوا الأموال، واستقر الفرنج بالمهدية إلى أن أخذها عبد المؤمن منهم.


أرسل السلطان محمد بن محمود بن ملكشاه إلى الخليفة المقتفي يطلب منه أن يخطب له في بغداد، فلم يجبه إلى ذلك، فسار من همذان إلى بغداد ليحاصرها، فانجفل الناس وحصن الخليفة البلد، وجاء السلطان محمد فحصر بغداد، ووقف تجاه التاج من دار الخلافة في جحفل عظيم، ورموا نحوه النشاب، وقاتلت العامة مع الخليفة قتالا شديدا بالنفط وغيره، واستمر القتال مدة، فبينما هم كذلك إذ جاءه الخبر أن أخاه قد خلفه في همذان، فانشمر عن بغداد إليها، في ربيع الأول من سنة اثنتين وخمسين، وتفرقت عنه العساكر الذين كانوا معه في البلاد، وأصاب الناس بعد ذلك القتال مرض شديد، وموت ذريع، واحترقت محال كثيرة من بغداد، واستمر ذلك فيها مدة شهرين.