شرح لمعة الاعتقاد [16]


الحلقة مفرغة

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه ومن اتبع سنته بإحسان إلى يوم الدين.

والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فيقول المصنف رحمه الله تعالى: [وأصحابه خير أصحاب الأنبياء عليهم السلام، وأفضل أمته أبو بكر الصديق ، ثم عمر الفاروق ، ثم عثمان ذو النورين ، ثم علي المرتضى رضي الله عنهم أجمعين؛ لما روى عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: (كنا نقول والنبي صلى الله عليه وسلم حي: أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي، فيبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فلا ينكره) .

وصحت الرواية عن علي رضي الله عنه أنه قال: (خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر ثم عمر ، ولو شئت سميت الثالث).

وروى أبو الدرداء : عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (ما طلعت الشمس ولا غربت بعد النبيين والمرسلين على أفضل من أبي بكر)، وهو أحق خلق الله بالخلافة بعد النبي صلى الله عليه وسلم لفضله وسابقته، وتقديم النبي صلى الله عليه وسلم له في الصلاة على جميع الصحابة رضي الله عنهم، وإجماع الصحابة رضي الله عنهم على تقديمه ومبايعته، ولم يكن الله ليجمعهم على ضلالة.

ثم من بعده عمر الفاروق رضي الله عنه لفضله وعهد أبي بكر إليه، ثم عثمان رضي الله عنه لتقديم أهل الشورى له، ثم علي رضي الله عنه لفضله وإجماع أهل عصره عليه ].

أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم هم خير الصحاب الأنبياء

ذكر المؤلف رحمه الله في هذا الفصل ما يتعلق بصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أن ذكر فضائل النبي صلى الله عليه وسلم وفضائل أمته، فذكر ما خص الله به أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم من عظيم المنزلة ورفيع المكانة، قال رحمه الله: (وأصحابه) أي: أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم (خير أصحاب الأنبياء عليهم السلام) وهذا قد أجمعت عليه الأمة، ودل عليه قول الله تعالى: كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ [آل عمران:110] ، وقوله تعالى: وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ [البقرة:143] فشهادة هذه الأمة على غيرها من الأمم دليل على خيريتها.

وخير هذه الأمة هم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم؛ لما جاء في البخاري وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (خير الناس قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم) كما في حديث عمران بن حصين وغيره.

هذا الحديث يدل على أن أفضل الأمة بعد نبيها صلى الله عليه وسلم هم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، فهم في الجملة أفضل الأمة، وهم أفضل الناس بعد الأنبياء كما ذكر المؤلف رحمه الله.

المفاضلة الخاصة بين الصحابة دون التنقص لأحد

هذا الفضل العام في جيل الصحابة رضي الله عنهم يشملهم جميعاً، ثم هم بعد هذا الفضل العام يتمايزون في الفضل على درجات متفاوتة، أعلاهم وأرفعهم منزلة وأعظمهم فضلاً أبو بكر رضي الله عنه ، ولذلك قال المؤلف رحمه الله: (وأفضل أمته أبو بكر الصديق ) فأفضل الأمة بعد نبيها صلى الله عليه وسلم أبو بكر الصديق عليه رضوان الله ؛ وذلك أن أبا بكر له من الخصائص والفضائل والمزايا ما لا يشركه فيه غيره من أمة النبي صلى الله عليه وسلم، بل اختص بها وهي أعلى الفضائل الخاصة.

ثم وصفه رضي الله عنه بـالصديق ؛ لكونه الذي صدق النبي صلى الله عليه وسلم، كما جاء ذلك في قوله صلى الله عليه وسلم لما وقع ما وقع بين أبي بكر وعمر من المخاصمة، قال: (لقد جئتكم فقلتم: كذبت. وقال أبو بكر : صدقت) فشهد له النبي صلى الله عليه وسلم بالتصديق، فهو صديق هذه الأمة وهو الصديق الأكبر رضي الله عنه.

ثم عمر الفاروق ويصدق عليه أنه صديق، فقد صدق النبي صلى الله عليه وسلم أعظم تصديق، لكنه اختص بهذا الوصف؛ لأن الله فرق به بين الحق والباطل، فـعمر رضي الله عنه معه من القوة ورباطة الجأش وعظيم العزيمة ما حقق الله على يديه الفرق بين الحق والباطل.

ثم عثمان ذو النورين ، أي: صاحب النورين رضي الله عنه، والنواران هما بنتا النبي صلى الله عليه وسلم، حيث خصه الله بأن جمع له بين بنتين من بنات النبي صلى الله عليه وسلم، تزوج إحداهما فماتت ثم تزوج الثانية.

ثم بعد ذلك قال: ( ثم علي المرتضى): وعلي هو رابع الصحابة رضي الله عنهم في الفضل، والمنزلة والمكانة، ووصفه بأنه المرتضى لما روى البخاري ومسلم من حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه، وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم استخلفه على المدينة لما خرج إلى غزوة تبوك، فتبع علي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (أتتركني في النساء والصبيان؟! فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى؟)، فرضي رضي الله عنه فسمي بعد ذلك بالمرتضى، هكذا ذكر بعض أهل العلم في سبب تسميته أو وصفه رضي الله عنه بالمرتضى، وقيل: لأنه رضيه الله ورسوله، وقيل غير ذلك.

وعلى كل حال: فهذا وصف شاع بين أهل العلم في وصف علي رضي الله عنه. ورضي الله عن الصحابة أجمعين.

والمفاضلة بين الصحابة لا يترتب عليها النقص أو التنقص للمفضول، بل بيان الفضل لا يترتب عليه همز المفضول ونقصه، بل ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، فإذا ترتب على المفاضلة أن يكون هناك تنقص فإنه لا تجوز المفاضلة في هذه الحال، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تفضلوني على يونس بن متى) فنهى عن المفاضلة بين الأنبياء وعن التفضيل بينه وبين يونس بن متى وهو رسول ونبي صلى الله عليه وسلم.

والسبب أنه إذا كانت المفاضلة تفضي إلى تنقص المفضول فإنها لا تجوز، فإذا كانت هذه في الأنبياء مع وضوح فضل النبي صلى الله عليه وسلم وظهوره وتأكده وتقريره، فكيف بالمفاضلة بين غيرهم؟! فلا يسوغ المفاضلة بين أهل الفضل إذا كان ذلك على وجه التنقص للمفضول، أما إذا كان على وجه بيان الفضل والسبق والمنزلة وما خص الله به أحدهم، فإن هذا لا بأس به، وهذا ليس خاصاً في المفاضلة بين الأنبياء أو الصحابة، بل في المفاضلة بين كل من تجري بينهم مفاضلة، إذا كان يترتب على هذه المفاضلة تنقص المفضول، ولا ينبغي أن يفاضل بين الناس على هذا الوجه؛ لأنه يفضي إلى مفسدة، والمفاضلة ليس المقصود منها إيغار الصدور، ولا تنقص المفضول، وإنما المقصود منها بيان فضل الله عز وجل، وما خص به كلاً من أهل الفضل.

ترتيب الخلفاء الراشدين في الفضل كترتيبهم في الخلافة

يقول رحمه الله: ( لما روى عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: (كنا نقول والنبي صلى الله عليه وسلم حي -أي بين أظهرهم- أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي).

الذي في الصحيحين وفي سنن أبي داود وفي غيرهما ذكر أبي بكر وعمر وعثمان دون ذكر علي رضي الله عنه، ولذلك قال: ثم نترك المفاضلة بين أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بعد ذلك، فقد أجمع الصحابة وأقر النبي صلى الله عليه وسلم على فضل أبي بكر ثم عمر ثم عثمان ، وأنهم في الفضل والسبق للصحابة ما لا يحتاج إلى منازعة ولا مناقشة؛ لكون الصحابة أجمعوا على هذا، ولكون النبي صلى الله عليه وسلم سمع ذلك منهم ولم ينكره، قال: (فيبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فلا ينكره) وصحت الرواية عن علي رضي الله عنه أنه قال: (خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر ، ثم عمر ، ولو شئت سميت الثالث).

واختلف أهل العلم في الثالث، فقيل: إنه يعني نفسه. وقيل: إنه يعني عثمان . والصحيح والذي يظهر أنه يعني عثمان رضي الله عنه، وإنما امتنع من تسمية الثالث لكون كثير من أتباع علي رضي الله عنه في ذلك الوقت كانوا ممن وقعت منهم الفتنة في موضوع عثمان رضي الله عنه، وما جرى له من الحصار والخروج عليه رضي الله عنه، فخشي أن يبين الثالث فيكون ذلك سبباً لوقوع فتنة من أتباعه، ويقع في ذلك مزيد شر لأهل الإسلام؛ لأنه قد وقعت الفرقة وتشقق الناس وافترقوا إلى قسمين في مقتل عثمان رضي الله عنه، فخشي من زيادة الشر، فقال: (ولو شئت لسميت الثالث)، فالذي يظهر أن الثالث هو عثمان رضي الله عنه.

يقول رحمه الله: ( وروى أبو داود عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (ما طلعت الشمس ولا غربت بعد النبيين والمرسلين على أفضل من أبي بكر)، فـأبو بكر رضي الله عنه أفضل الأمة بعد نبيها صلى الله عليه وسلم، بل هو أفضل الناس بعد الأنبياء.

خلاف أهل السنة في المفاضلة بين عثمان وعلي

ثم بعد أن ذكر الفضل قال: ( وهو أحق خلق الله بالخلافة بعد النبي صلى الله عليه وسلم ) والعلماء رحمهم الله يذكرون مسألة المفاضلة ببين الصحابة، ثم يذكرون الخلافة؛ وذلك لكون هاتين المسألتين من المسائل التي يجب اعتقادها في الصحابة، فبدأ المؤلف رحمه الله بذكر الفضل، وبين عقيدة أهل السنة والجماعة في المفاضلة، واعلم أنه لا خلاف بين أهل العلم في تقديم أبي بكر ثم عمر على سائر صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، أما عثمان وعلي فبعد أن أجمعت الأمة على أن الذي يلي الأولين هو عثمان وعلي اختلفوا في أيهما أفضل، فمنهم من قال: الأفضل عثمان ثم علي، أي: فيكون الترتيب أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي ، وهذا الذي عليه جمهور أهل السنة والجماعة، واستقر عليه قولهم، وأن ترتيبهم في الفضل والمنزلة كترتيبهم في الخلافة.

القول الثاني: أن علياً مقدم على عثمان ، وهذا قال به جماعة من السلف من أشهرهم سفيان الثوري رحمه الله، وقيل: إنه رجع عنه لما ناقشه من ناقشه من أهل العلم، وبين له تقدم عثمان على علي .

القول الثالث: التوقف، أي: لا يقول إن عثمان أفضل ولا علي أفضل.

والصحيح من هذه الأقوال هو القول الأول الذي لا ريب في صحته واستقرار قول أهل السنة عليه، وهذه المسألة هل يضلل فيها المخالف؟!

الجواب لا يضلل فيها المخالف؛ لأنه قد وقع فيها الخلاف بين السلف، لكن المسألة التي يضلل فيها المخالف هي مسألة الخلافة، فإن ترتيب في الخلافة لا إشكال فيه، وقد اتفق عليه أهل السنة، فمن قال إن علياً أحق ممن تقدمه بالخلافة فقد أزرى بالمهاجرين والأنصار؛ لأن المهاجرين أجمعوا على تقدم عثمان في الخلافة على علي رضي الله عنه، وقد قال عبد الرحمن بن عوف وهو الذي أوكل إليه عمر رضي الله عنه النظر فيمن يخلفه بين من بقي من أهل الشورى يقول بعد بحث ونظر واستشارة وسؤال: لم أر الناس يعدلون بـعثمان أحداً.

فأجمع المهاجرون والأنصار على خلافة عثمان ، بل إن خلافة عثمان خلافة إجماعية لم يقع فيها خلاف بالكلية، حتى علي رضي الله عنه بايعه ووافق، فلم يجتمع الناس في خلافة أحد كما اجتمعوا في خلافة عثمان رضي الله عنه، فالذي يطعن في خلافة عثمان أو يقول إن علياً أولى بالخلافة منه فإنه أضل من حمار أهله كما قال الإمام أحمد رحمه الله، لظهور الإجماع على خلافة عثمان رضي الله عنه.

ذكر المؤلف رحمه الله في هذا الفصل ما يتعلق بصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أن ذكر فضائل النبي صلى الله عليه وسلم وفضائل أمته، فذكر ما خص الله به أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم من عظيم المنزلة ورفيع المكانة، قال رحمه الله: (وأصحابه) أي: أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم (خير أصحاب الأنبياء عليهم السلام) وهذا قد أجمعت عليه الأمة، ودل عليه قول الله تعالى: كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ [آل عمران:110] ، وقوله تعالى: وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ [البقرة:143] فشهادة هذه الأمة على غيرها من الأمم دليل على خيريتها.

وخير هذه الأمة هم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم؛ لما جاء في البخاري وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (خير الناس قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم) كما في حديث عمران بن حصين وغيره.

هذا الحديث يدل على أن أفضل الأمة بعد نبيها صلى الله عليه وسلم هم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، فهم في الجملة أفضل الأمة، وهم أفضل الناس بعد الأنبياء كما ذكر المؤلف رحمه الله.

هذا الفضل العام في جيل الصحابة رضي الله عنهم يشملهم جميعاً، ثم هم بعد هذا الفضل العام يتمايزون في الفضل على درجات متفاوتة، أعلاهم وأرفعهم منزلة وأعظمهم فضلاً أبو بكر رضي الله عنه ، ولذلك قال المؤلف رحمه الله: (وأفضل أمته أبو بكر الصديق ) فأفضل الأمة بعد نبيها صلى الله عليه وسلم أبو بكر الصديق عليه رضوان الله ؛ وذلك أن أبا بكر له من الخصائص والفضائل والمزايا ما لا يشركه فيه غيره من أمة النبي صلى الله عليه وسلم، بل اختص بها وهي أعلى الفضائل الخاصة.

ثم وصفه رضي الله عنه بـالصديق ؛ لكونه الذي صدق النبي صلى الله عليه وسلم، كما جاء ذلك في قوله صلى الله عليه وسلم لما وقع ما وقع بين أبي بكر وعمر من المخاصمة، قال: (لقد جئتكم فقلتم: كذبت. وقال أبو بكر : صدقت) فشهد له النبي صلى الله عليه وسلم بالتصديق، فهو صديق هذه الأمة وهو الصديق الأكبر رضي الله عنه.

ثم عمر الفاروق ويصدق عليه أنه صديق، فقد صدق النبي صلى الله عليه وسلم أعظم تصديق، لكنه اختص بهذا الوصف؛ لأن الله فرق به بين الحق والباطل، فـعمر رضي الله عنه معه من القوة ورباطة الجأش وعظيم العزيمة ما حقق الله على يديه الفرق بين الحق والباطل.

ثم عثمان ذو النورين ، أي: صاحب النورين رضي الله عنه، والنواران هما بنتا النبي صلى الله عليه وسلم، حيث خصه الله بأن جمع له بين بنتين من بنات النبي صلى الله عليه وسلم، تزوج إحداهما فماتت ثم تزوج الثانية.

ثم بعد ذلك قال: ( ثم علي المرتضى): وعلي هو رابع الصحابة رضي الله عنهم في الفضل، والمنزلة والمكانة، ووصفه بأنه المرتضى لما روى البخاري ومسلم من حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه، وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم استخلفه على المدينة لما خرج إلى غزوة تبوك، فتبع علي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (أتتركني في النساء والصبيان؟! فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى؟)، فرضي رضي الله عنه فسمي بعد ذلك بالمرتضى، هكذا ذكر بعض أهل العلم في سبب تسميته أو وصفه رضي الله عنه بالمرتضى، وقيل: لأنه رضيه الله ورسوله، وقيل غير ذلك.

وعلى كل حال: فهذا وصف شاع بين أهل العلم في وصف علي رضي الله عنه. ورضي الله عن الصحابة أجمعين.

والمفاضلة بين الصحابة لا يترتب عليها النقص أو التنقص للمفضول، بل بيان الفضل لا يترتب عليه همز المفضول ونقصه، بل ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، فإذا ترتب على المفاضلة أن يكون هناك تنقص فإنه لا تجوز المفاضلة في هذه الحال، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تفضلوني على يونس بن متى) فنهى عن المفاضلة بين الأنبياء وعن التفضيل بينه وبين يونس بن متى وهو رسول ونبي صلى الله عليه وسلم.

والسبب أنه إذا كانت المفاضلة تفضي إلى تنقص المفضول فإنها لا تجوز، فإذا كانت هذه في الأنبياء مع وضوح فضل النبي صلى الله عليه وسلم وظهوره وتأكده وتقريره، فكيف بالمفاضلة بين غيرهم؟! فلا يسوغ المفاضلة بين أهل الفضل إذا كان ذلك على وجه التنقص للمفضول، أما إذا كان على وجه بيان الفضل والسبق والمنزلة وما خص الله به أحدهم، فإن هذا لا بأس به، وهذا ليس خاصاً في المفاضلة بين الأنبياء أو الصحابة، بل في المفاضلة بين كل من تجري بينهم مفاضلة، إذا كان يترتب على هذه المفاضلة تنقص المفضول، ولا ينبغي أن يفاضل بين الناس على هذا الوجه؛ لأنه يفضي إلى مفسدة، والمفاضلة ليس المقصود منها إيغار الصدور، ولا تنقص المفضول، وإنما المقصود منها بيان فضل الله عز وجل، وما خص به كلاً من أهل الفضل.




استمع المزيد من الشيخ الدكتور خالد بن عبد الله المصلح - عنوان الحلقة اسٌتمع
شرح لمعة الاعتقاد [17] 2741 استماع
شرح لمعة الاعتقاد [1] 2098 استماع
شرح لمعة الاعتقاد [18] 2028 استماع
شرح لمعة الاعتقاد [10] 1988 استماع
شرح لمعة الاعتقاد [5] 1834 استماع
شرح لمعة الاعتقاد [8] 1781 استماع
شرح لمعة الاعتقاد [19] 1747 استماع
شرح لمعة الاعتقاد [3] 1707 استماع
شرح لمعة الاعتقاد [4] 1641 استماع
شرح لمعة الاعتقاد [12] 1478 استماع