ما يَصْنَعُ السّيرُ بالجُرْدِ السّرَاحِيبِ
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
ما يَصْنَعُ السّيرُ بالجُرْدِ السّرَاحِيبِ | إنْ كانَ وَعدُ الأماني غيرَ مَكذوبِ |
لله أمر من الأيام اطلبه | هيهات أطلب أمراً غير مطلوب |
لا تَصْحَبِ الدّهرَ إلاّ غيرَ مُنتَظِرٍ | فالهم يطرده قرع الظنابيب |
وَاقذِفْ بنَفسِكَ في شَعوَاءَ خابِطَة ٍ | كالسيل يعصف بالصوان واللوب |
إن حنت النيب شوقاً وهي واقفة | فان عزمي مشتاق إلى النيب |
أوْ صَارَتِ البِيضُ في الأغمادِ آجِنَة ً | فإنما الضرب ماء غير مشروب |
مَتَى أرَاني وَدِرْعي غَيرُ مُحقَبَة ٍ | أجر رمحي وسيفي غير مقروب |
أيد تجانب دنيا لا بقاء لها | خِبَاؤهَا بَينَ تَقْوِيضٍ وَتَطنِيبِ |
قد كنت غراً وكان الدهر يسمح لي | إن الرقيب على دنياي تجريبي |
وعدت يا دهر شيئاً بت أرقبه | وما أرى منك إلا وعد عرقوب |
وَحَاجَة ٍ أتَقَاضَاهَا وَتَمْطُلُني | كَأنّهَا حَاجَة ٌ في نَفْسِ يَعقُوبِ |
لأُتْعِبَنّ عَلى البَيْداءِ رَاحِلَة ً | والليل بالريح خفاق الجلابيب |
ما كنتُ أرْغَبُ عن هوْجاءَ تَقذِفُ بي | هام المرورى وأعناق الشناخيب |
في فِتية ٍ هَجرُوا الأوْطانَ وَاصْطَنَعوا | إيدِي المَطَايَا بإدْلاجٍ وَتَأوِيبِ |
مِنْ كلّ أشعَثَ مُلتاثِ اللّثَامِ، لَهُ | لَحْظٌ تَكَرّرُهُ أجفَانُ مَدْؤوبِ |
يُوَسِّدُ الرّحْلَ خَدّاً مَا تَوَسّدَهُ | قَبلَ المَطالبِ غيرُ الحُسنِ وَالطّيبِ |
إلَيكَ طارَتْ بِنا نُجْبٌ مُدَفَّعَة ٌ | تحت السياط رميضات العراقيب |
وردن منك سحاباً غير منتقل | عَنِ البِلادِ، وَبَدْراً غَيرَ مَحجوبِ |
مَا زِلْتَ تَرْغَبُ في مَجْدٍ تُشَيّدُهُ | عَفْواً وَغَيرُكَ في كَدٍّ وَتَعذِيبِ |
حتى بَلَغْتَ مِنَ العَلْيَاءِ مَنْزِلَة ً | تفدي الأعاجم فيها بالأعاريب |
إني رأيتك ممن لا يخادعه | حَثُّ الزّجَاجَة ِ بالغِيدِ الرّعَابيبِ |
ولا تحل يد الإقداح حبونه | اذا احتبى بين مطعون ومضروب |
يُهَابُ سَيفُكَ مَصْقولاً وَمُختَضِباً | وأهيب الشعر شيب غير مخضوب |
يأوي حسامك إن صاح الضراب به | الى لواءٍ من العلياء منصوب |
وَيَرْتَمي بكَ، وَالأرْمَاحُ وَالِغَة ٌ | طماح كل اسيل الخد يعبوب |
بلم يسل همك من مال تفرقه | إلاّ تَعَشّقَ أطْرَافَ الأنَابِيبِ |
إذا مَنَحْتَ العَوَالي كَفَّ مُسْتَلِبٍ | أقطَعتَ بَذْلَ العَطايا كَفَّ مَسلوبِ |
لا يَرْكَبُ النّدبُ إلاّ كلَّ مُعضِلَة ٍ | كَأنّ ظَهْرَ الهُوَيْنَا غَيرُ مَرْكوبِ |
ولا يرى الغدر اهلاً ان يلم به | وانما الغدر مأخوذ عن الذيب |
مَا نَالَ مَدْحي أبُو نَصْرٍ بِنَائِلَة ٍ | ولا بسلطان ترغيب وترهيب |
إلاّ بِشيمَة ِ بَسّامٍ وَتَكْرِمَة ٍ | غَرّاءَ تَعدِلُ عندي كلَّ مَوْهُوبِ |
انت المعين على امر تصاوله | وَحَاجَة ٍ شَافَهَتْنَا بِالأعَاجيبِ |
وَمِثلُ سَمعِكَ يَدعُوهُ إلى كَرَمٍ | قَوْلٌ تُشَيّعُهُ أنْفَاسُ مَكْرُوبِ |
سَبَى فنَاؤكَ آمَالاً لطِينَتِها | سَبْيَ الأزِمّة ِ أعنَاقَ المَصَاعيبِ |
يا خيرمن قال بلغ خير مستمع | عَنّي وَحَسبُكَ مِنْ وَصْفٍ وَتَلقيبِ |
لَوْلاكَ يا مَلِكَ الأمْلاكِ سَالَ بِنَا | مِنَ النّوَائِبِ عَرّاصُ الشّآبِيبِ |
زجرت عنا الليالي وهي رابضة | تَقْرُو بِأنْيَابِهَا عَقْرَ المَخاليبِ |
ارعيتنا الكلأ الممطور ننشطه | نشط الخمائل بعد المربع الموبي |
فكُنتَ كالغَيثِ مَسّ المَحلَ رَيّقُهُ | فَهَذّبَ الأرْضَ منهُ أيَّ تَهذِيبِ |
هذا أتَى قائِلاً، وَالصّدْقُ يَنصُرُهُ | اقال عنقي وكان السيف يغري بي |
صَدَقتَ ظَنَّ العُلَى فيه، وَحاسِدُهُ | يعطي الحقائق اطراف الاكاذيب |
تركته زاهداً في العيش منقطعاً | عن القراين منا والاصاحيب |
وكان بالحرب يلقى من ينافره | فَصَارَ يَلقَى الأعَادي بِالمَحارِيبِ |
ماقلت ما كان صرف الدهر ادبه | بَلى قَديماً، وَهذا فَضْلُ تأدِيبِ |
الحمد لله لا أشكو الى أحد | قَلّ الوَفَاءُ منَ الشبّانِ والشّيبِ |
هَيَّأتَ مَجدَكَ يَستَوْفي الزّمَانَ بهِ | عَزْماً حُسَاماً، وَرأياً غيرَ مَغلوبِ |
ولا صبرت على ذل ومنقصة | وَلا حَذِرْتَ عَلى عَذْلٍ وَتَأنِيبِ |
خَطَبتَ شِعرِي إلى قَلْبٍ يَضِنّ بهِ | الا عليك فباشر خير مخطوب |
شببت بالعز اذ كان المديح له | فما اصول بمدحي دون تشبيب |
لا علقَ الموت نفساً انت صاحبها | ان الحمام محب غير محبوب |