يا طَيْرُ إِنَّا فِي غَد طَيْرُ
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
يا طَيْرُ إِنَّا فِي غَد طَيْرُ | روحي فإنَّ البينَ تبكيرُ |
قد أطلب الحاجة َ من مشرفٍ | مِنْ دُونِها زَأْرٌ وتَنْفِيرُ |
وقد تعاطيني عراقيَّة ً | كأنَّها إذ جليت نورُ |
لا تسألي عن شأننا كلِّه | منْ أثَرِي عافٍ ومَقْفُورُ |
ما كل ما عندي أثنى به | يُطْوَى الْخَنَا والْخَيْرُ مَنْشُورُ |
وَشَاعِرٍ تَقْذَى بِنَا عَيْنُهُ | حيناً ولا يهديه تبصيرُ |
قلتُ له إذ هدرت جنهُ | وكثُرَتْ عَنْهُ الأَخَابِيرُ |
لَوْلاَ أتَاتِي أصْبَحَتْ شُرَّعاً | فِيكَ وَغَنَّى بِكَ طُنْبُورُ |
بَدَا نَذيرٌ لَكَ مِنْ نَاصِحٍ | والعود حيَّاتٌ مناكيرُ |
عجبتُ من ساعٍ إلى جمرتي | حين أصاختْ لي المعاشيرُ |
يَسْعَى إِلَى نَارِي ولمْ أَدْعُهُ | إنَّ أبا عمرو لمقرورُ |
قد زرت أملاكَ بني هاشمٍ | وزارني البيضُ المعاصيرُ |
من كلِّ حوراءَ هضيم الحشا | غالى بها نبتٌ وتوقيرُ |
يزيدها طيباً إذا أقبلت | ثغرٌ وطرفٌ فيه تفتيرُ |
وحلية ٌ يحفلها عصفرٌ | كأنَّه في البرس تنُّورُ |
ورُبَّمَا زُرْتُ أخاً ماجِداً | تَشْقَى بكَفَّيْهِ الدَّنَانِيرُ |
للّهِ ندْمَاني أبُو وابص | مَا شأنُهُ بُخْلٌ وَتقْصيرُ |
فتى ً يباري كأسه كفَّهُ | جوداً وبعضُ القوم خنزيرُ |
باكرته أعشو إلى ناره | شوقاً وما ضاقتْ بيَ الدُّورُ |
فظلَّ يَقْليني وَأفْترُّهُ | كلٌّ بما يصنع مسرورُ |
حَتَّى إِذَا اليَوْمُ مَضَى كُلُّهُ | وبَاحَ بالْمَكْتُوم سُرْسُورُ |
ورَاعَنَا في مِيمِهِ كافِرٌ | خَلِيفة الشَّمْسِ وتَسْتِيرُ |
وأغتلَّها زورُ أبي وابصٍ | شتاً فهزَّتهُ المآخيرُ |
دعا لنا الحورُ عليها الحيا | يا حبَّذا الحور المعاطيرُ |
بتنا نعاطيها رهاويَّة ً | وهي عكافٌ بيننا صورُ |
تزيِّنُ الشَّربَ وقد زانها | في الدُّرِّ شَبَّتْهُ التَّمَاصِيرُ |
جُوفٌ مُصيخَاتٌ وإِنْ قُبِّلَتْ | حنَّت كما حنَّ المشاويرُ |
يَشْدُونَ أصْوَاتاً مَدِينِيَّة ً | وضَرْبَ مَكِّيٍّ لهُ صُورُ |
تبكي المزاميرُ لها تارة ً | شجواً تحكيها المزاهيرُ |
وأنا محبورٌ بتغريدها | إِمَّا تَدَاعَى الْبَمّ والزِّيرُ |
ثمَّ انقضى ذاك فلم أبكه | غالَ نعيمَ العيشِ تكديرُ |
دع ذا فإنَّ الغرَّ من هاشمٍ | أَبْنَاءُ دَاوُودَ الْمَسَاعِيرُ |
يغدون للحربِ بأقرانها | صِيدٌ إِذَا هَاب العَوَاويرُ |
بِالسِّيْبِ منْهُمْ نَفَرٌ سادة ٌ | إِليْهِمُ تُلْقِي الْجَمَاهِيرُ |
قل للغواة ِ الطَّالبي شأوهمْ | لايُدْرِكُ الرِّيحَ المَجَامِيرُ |
كم من كريمٍ من بني هاشمٍ | مهدى ً به الصِّحَّة ُ والخيرُ |
لِلْمُلْكِ عبَّاسٌ وأبْناؤُهُ | قِدْماً ولِلْحُشِّ الْخَنَازيرُ |
مِثْلَ سُلْيمَان ومَنْ مِثْلُهُ | تَحْتَ الْوَغَى والسَّيْفُ مَشْهُورُ |
نِصْفَانِ منْ جُودٍ وَمِنْ عزَّة ٍ | لايَسْتميه العَسْكَرُ الْخُورُ |
في صدره حلمٌ وفي درعه | ليْثٌ عَلَيْه التَّاجُ مَزْرُورُ |
تستبشرُ البيضُ بلقيانه | طُوْراً وتَخْتَالُ الْمَنابِيرُ |
يعرقن خرِّيتاً عليه النَّدى | كالبرد إذ تمَّ به النير |
عطاؤهُ دفقٌ وموعودهُ | طِيبُ الثَّنا والْوَجْهُ مَنْصُورُ |
يستهلكُ المال ويبقي الحجا | وَليْسَ منْهُ الكَلِمُ الْعُورُ |
قد قدِّر الحمدُ على وجهه | تَحُفُّهُ الشُّمُّ الْمَغَاوِيرُ |
واللّه ماعِنْدي سوَى بِرِّه | والملك الصالح مبرورُ |
صحَّتهُ كالماء في مدِّه | يَقْرِي بِهِ جُودٌ وتَبْكيرُ |
فغمَّ حسَّادي وحبَّرتهُ | بالحمد إن الحمد تحبيرُ |
زَانَ سُليْمَان بَنِي هاشِمٍ | كما يزين الكاعبَ السُّورُ |
مِنْ حِلْمِهِ حِلْمٌ ومِنْ حَزْمِه | حزمٌ ومن نعماهُ تيسيرُ |
ضرَّابُ أعناق وفكَّاكها | فسيفهُ مسكٌ وتأمورُ |
يمحو بجودٍٍ بخلَ إخوانه | والذَّنب تمحوهُ المقاديرُ |