ذاهب فاطمئني |
وإن ما سرى فيك سحر المواويل, |
في أمسيات الحصاد الرخيات غنّي. |
ألْبِسي القامةَ السمهرية. |
ثوبَ الحرير, |
اتركي شعرك القمحَ للريح, |
ارقصي رقص أم الشهيد |
ارقصي رقصة الأرض |
لا وقت حتى نبدده في التمني. |
وخلّي شقيقي الصغير |
يحدث عني. |
وقولي لجدي الذي أخطأته منايا الرصاص. |
وأتعبه الحر والقر, |
وأقعده الخير والشرُّ .. |
عابثه المد والجزر, |
أودى بلثة أسنانه الحلو والمر, |
ضيع أحلامه البحر والبر, |
فتَّ بهمته الكرُّ والفر, |
حارب ليثاً هزبراً, |
على قلة في السلاح, |
وأغمد في ظهره خنجر الغدر هِرٌّ.. |
وظل بعينيه لمع البروق يصر. |
وفي سمعه يتضخم همس الدبيب, |
إذا النمل فوق الصخور يمر. |
وفي روحه حكمة كانهمار المدى تستقر. |
ولا يستريح على المرِّ .. |
يغريه فيه الأَمرّ. |
كأن الزمان يحاذر من قامة صرحها يشمخر..!! |
لجديَ ما كان من أمسيات على بيدر القمح |
قبل انتصاف الظلام |
له صُحبتي, |
والشقاوات خلف الفراشات, |
ما حط في أذني من جميل الكلام. |
أعيد له كل (خرّيفة) قالها |
والنعاس يخدِّر عينيَّ حتى أنام. |
لجدي ما قال لي عن عذابات عكا, |
وعن دير ياسين, |
حرب الإبادة ملفوفة بقشور السلام. |
له كل ما خصني في ليالي القمر. |
ركوبي على ظهره المنحني بالصلاةِ.. |
ولحظة موت أبي |
إذ أحب البلاد السبيةَ |
فجّر أشواقها وانفجر. |
له وشوشات الميازيب طيلة فصل المطر |
تركت له الخابيه, وقُطّينها, |
وصعودي, يلاحقني صوته النبويُّ .. |
إلى قمة الرابية. |
تركت له منقل النار في الزاويه. |
وفي أسفل الراويه. |
تركت له (زرفَ تُنباكه) العجمي, |
وشيشته الباكيه |
سأفتقد الحزم والعزم |
والزير سالم يحلف أن لا ينام. |
ويقسم بالدم أن لا يصالحَ .. |
ينكمش الجلد في رسغه, |
تستثار العروق على فجأة, |
وتبين العظام . |
وأرقب في عينه دمعة |
ترقرق في جفنه المتعب. |
أثرت لواعجنا ياصبي. |
ويسند رأسي الصغير إلى ساعده. |
وتركض دمعته خلف أذني إلى جاعدهْ. |
وأخنس في حضنه أختبي. |
كما تخنس الداليهْ. |