الشِّعر في عُرس النجومِ الخُضر
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
مُرُّوا نُجُومَاً بِلَيْلِ الشِّعْرِ، وَانْسَكِبُوا | قَصَائداً لَمْ تُخَبِّئْ مِثْلَهَا الكُتُبُ |
وَإِنْ بِلاَدٌ لَنَا ضَاعَتْ مَلامِحُهَا | أَنْتُمْ لَها الجَبْهَةُ السَّمْراءُ، والهُدُبُ |
أَنْتُمُ لَها سُحُبٌ، والأَرْضُ قَدْ يَبِسَتْ | وَليْسَ يُمْطِرُ... إِلاَّ الغَيْمُ والسُّحُبُ |
أَنْتُمْ، علَى صَدْرِها، وَرْدٌ وأَوْسِمَةٌ | فَلْتَرْتَفِعْ تَحْتَ خَفْقِ الرَّايَةِ النُّصُبُ! |
يَا فِتْيَةَ النُّورِ... وَالأَيَّامُ حالِكَةٌ | وَبِالظَّلامِ جَبِينُ الشَّرْقِ مُعْتَصِبُ |
وَيا نُسُورَ الفِدَا وَالجَوُّ مُعْتَكِرٌ | وَالشَّمْسُ يَقْطُرُ من أَجْفَانِها التَّعَبُ... |
بِكُمْ، وَأَزْمِنَةُ التَّحْرِيرِ مُلْتَفَتِي | عَلَى الجُفُونِ زَمانُ الفَتْحِ يَنْكَتِبُ! |
مَنْ قَالَ.. قَامَاتُكُمْ لَمْ تَرْتَفِعْ شُعَلاً | هَلْ غَيْرُ هَامَاتِكُمْ في لِيْلِنَا شُهُبُ؟ |
مَنْ قالَ .. أَصْوَاتُكُمْ لَمْ تَنْكَتِبْ عِبَراً | وَلَمْ يُرَصِّعْ بِهَا أَوْرَاقَهُ الأَدَبُ! |
فَلْتَصْمُتِ الخُطَبُ الجَوْفَاءُ، فِي وَطَنٍ | لَنْ تَسْتَرِدَّ لَهُ أَمْجَادَهُ الخُطَبُ |
وَلْيَسْقُطِ الشِّعْرِ مِنْ أَعْلَى مَنَابِرِه ... | يَوْمَ المَنَابِرُ كَفٌّ سَيْفُهَا خَشَبُ |
فَأَرْوَعُ الشِّعْرِ، صَمْتٌ حِبْرُهُ دَمُكُمْ... | بِنُبْلِهِ لِكِتَابِ الأَرْضِ يَنْتَسِبُ |
عَلَى اسْمِكُمْ ... لِجِبَال النَّارِ أُغْنِيَتي | مَعَازِفُ الرَّصْدِ في أَوْتَارِهَا اللَّهَبُ |
عَنَّيْتُهَا عِشْقَكُمْ لِلأَرْضِ... مَا عَرَفَتْ | أَهَزَّهَا جُرْحُهَا الدَّامِي، أَمِ الطَّرَبُ! |
زَفَفْتُهَا وَعْدَكُمْ بالنَّصْرِ... فَارْتَفَعَتْ | عَلى مَشَارِفِهَا الأَبْرَاجُ والقُبَبُ |
أَنْتُمْ...لَكُمْ مِنْ جِبَالِ النَّارِ عِزَّتُهَا | وَالآخَرُون لَهُمْ مِنْهَا الذِي نَهَبُوا |
تَعِبْتُ مِنْ صُحْبَةِ التُّجَّارِ في وَطَنِي | وَمِنْ حَضَارَةِ عَصْرٍ كُلُّهَا كَذِبُ، |
وَأَدْعِيَاءِ شِعَاراتٍ مُزَيَّفَةٍ ... | بِالْمَالِ تُشْرَى، وَبالإِغْراءِ تُسْتَلَبُ |
تَعِبْتُ مِنْ ثِقَلِ المَأْسَاةِ... زَائِرَةً | بِكُلِّ ما حَمَّلَتْ أَعْطافَها الحِقَبُ |
مَأْسَاةُ لُبْنَانَ - مُذْ كانَتْ – عُرُوبَتُهُ | لِمُشْعِلِي نَارِهَا ... الكِبْرِيتُ وَالحَطَبُ |
وَالجُرْحُ، مِنْدِيلُ عِشْقٍ حِيْكَ مِنْ دَمِهِ | فَهَلْ تُغَطِّي، حَيَاءً، وَجْهَها العَرَبُ؟ |
مُرُّوا نُجُومَاً بِلَيْلِ الشِّعْرِ... لاَ أَدَبٌ | قَبْلَ الذينَ بِهِ في عَصْرِكُمْ كَتَبُوا |
مُرُّوا مَواكِبَ تَحْريرٍ ... يَعِشْ وَطَنٌ | لا غَيْرَ تحْرِيرِكُمْ، أُمٌّ لَهُ وأَبُ! |
تَقَلَّدُوا الحَقَّ سَيْفَاً... عِنْدَما وَقَفُوا | وَأَسْرَجُوا النَّجْمَ خَيْلاً، عِنْدَما رَكِبُوا |
مَلاَمِحُ الجُرْحِ بَعْضٌ مِنْ مَلاَمِحِهِمْ | وَفِي صُدُورٍ لَهُمْ يَسْتَوْطِنُ الغَضَبُ... |
فَإِنْ بَدَا المَوْتُ كَرْماً مُثْمِراً، أَكَلُوا | وَإِنْ بَدَا المَوْتُ نَبْعاً طَيِّباً ... شَرِبُوا |
إِنْ تَعْصِرِ الحَرْبُ مِنْ أَجْسَادِهِمْ دَمَهُمْ | فَالخَمْرُ تَبْدَأُ.. لَمَّا يَنْتَهِي العِنَبُ ...! |