أحبابنا على الربوع الخضر يا أحبابنا |
يا من تفتحت لهم قلوبنا |
أكمام ورد مترعات بالسنا |
وعانقت ذكراهم أرواحنا |
كيف الصباح والمساء عندكم |
وكيف حال النيل في دياركم |
وخفقة الأمواج حينما تقبل الضفاف |
وواحة النخيل والوديان والربا،........؟ |
أما هنا يا رفقة الصبا |
لا شئ في الحقول ييقظ النبات |
حتى سحائب الأمطار لم ترفق بنا |
جفت صخور الزهر في وادي الرماد |
واغرورقت عيوننا لضيعة الحصاد |
وجاء ليلنا بوحشة السهاد |
يا ليلنا .. رفقا بنا |
رفقا بنا يا ليلنا |
رفقا بهذي الأعين المسهّدة |
أحبابنا أحبابنا |
أيامنا بمعزل عن دارنا |
أسطورة يخطها الزمان |
قاحلة حزينة، باهتة الألوان |
نعيش في أحشائها يلفنا الضياع |
لا قوت في أرجائها غير الصراع |
الضجة الحمقاء في جوف المدينة |
تذرو أمانينا كأوراق الخريف |
تجتاحنا في غير ما حنان |
كسرب طير ساقه الرحيل |
لسفرة طويلة على زوارق الرياح |
فخف يضرب الجناح يضرب الجناح |
لكنه ظل الطريق أثناء السفر |
وهام يذرع الفضاء في شرود |
ممزق الفؤاد دامي الجراح |
تطويه في دروبها غياهب المجهول |
مع الليالي الموحشات واختلاجة النهار |
تطويه في لوافح الشتات والدوار |
أحبابنا ..أحبابنا |
((سيزيف)) في أعماقنا يضج بالأنين |
يود لو يضمد العذاب بالحنان |
إلى متى نحيبه المكبل السجين، |
لا يطرق القلوب في جمودها الدفين |
لأنها مصبوبة من صخرة الجلمود |
لأنها تعيش في مجاهل اللحود |
لأنها لا تعرف الحياة والإنسان |
لأنها تزعزع ابتسامة الورود |
وتقتل الربيع في وشاحه الجديد... |
أحبابنا ..أحبابنا |
النيل في كياننا ..ترتيلة عريقة بيضاء |
فياضة ككف موسى بابتهالات الصفاء |
فجرها مزمار داؤد بألحان السماء |
ترتيلة نقية كأدمع العذراء |
تحنانها يهزنا .. يجذبنا لموطن الصبا |
لمرتع الربوع مسرح الربا |
للمقرن المفتون بالعناق بين عاشقين: |
الأبيض الرؤوم ينبري في لهفة من الجنوب |
ويلتقي بالأزرق المصفق الغضوب |
لينهضا برحلة الخلود |
عبر الفيافي والقفار |
ويبعثا، روح الحياة والوجود |
وينقشا على سواعد الفلاح |
ملحمة تعج بالكفاح |
أحداثها من الدموع والعرق |
ويا رفاقنا في مهدنا الصغير |
شندي..عروس الحقل والخميل |
قلوبنا مخضلة الأشواق |
أرواحنا تحن للعناق |
تهفو لواحة الأطيار والنخيل |
وللسلام في ظلال السيسبان |
أرواحنا عطشا لأمواه الغدير |
تجري...تهدهدها مسارب الوديان |
وقد سقتها ساريات المزن من ماء المطر |
إنا هنا نشتاق للراعة للأغنام |
لنفحة العبير والأنسام |
ولإنطلاق الأرنب البري والغلان |
في ساحة (الهوّاد) عاشق التلال أحبابنا ..أحبابنا |
إنا هنا نرنوا إلى الديار في خشوع |
ونحضن العهود في الحنايا في الضلوع |
إلى اللقاء يا بلادنا |
إلى اللقاء يا رفاقنا |
إلى اللقاء في مواكب الربيع |
عند الربي الخضراء في وادي الربوع |