منحوتة من دمٍ ونسيم !
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
هَبَّتْ سِهامُ الموتِ تطلبُ قلبي | من كلِّ حَدبٍ في هواكِ وصوبِ |
مُتوهِّماتٍ أنَّهنَّ وَجَدْنَهُ | حَيَّاً ولكنْ ما صدقنَ ورَبّي ! |
أنا نصفَ مَيْتٍِ صرتُ لمّا لُحتِ لي | يوماً فكيف بقُبلةٍ في الدربِ !؟ |
هيَ قُبلةٌ أعطيتِنيها خِفْيةً | لكنْ صداها رَنَّ حتى صَحْبي ! |
وتركتِني والشوقُ كأسُ مُدامةٍ | كحمامةٍ فتكاثرتْ كالسِّربِ |
إنْ مُتُّ من نار الهوى فبنفخةٍ | من روحهِ أحيا وهذا عَيبي ! |
عَيْبٌ كأنَّ على الشفاه شفيعَهُ | يدعو لهُ داعي اللُّمى فأُلبّي |
نختارُ حقلاً للعناق هناك لا | نُصغي الى غصنٍ وشى بكِ أو بِيْ ! |
وهواكِ يُرجِعُ للفصولِ سخاءَها | فإذا المباهجُ عُرضةٌ للنهبِ ! |
ميعادُنا حَسَنٌ وقد أبرمتِهِ | ويُزيدهُ حُسْناً حُطامُ الصَّبِّ ! |
نَهرَين من ضوءٍ يسيلُ , أريتِني | والسيلُ تَحْرِفُهُ أناملُ عُشبِ |
وجرتْ دموعي كالفرات ببُعْدهِ | فاحترتُ : عن بعدٍ جَرَتْ أم قربِ !؟ |
منفايَ علَّمني لذاذاتِ الرؤى | ولَرُبَّ رؤيا جَذرُها من رعبِ |
وأنا إذا يُبدي الدعاةُ تيقناً | من فكرةٍ أُبدي فضائلَ رَيبِ |
ما لي وللحشد المُبجِّلِ وَهمَهُ ؟ | عمري سؤالٌ مثلُ سجنٍ رحبِ |
تُعَساءُ أمّا روحُهُم فَجُسُومهم | والأفقُ أضيقُ من حفائرِ ضَبِّ |
أمّا معاصرُهم فهل أعطى لنا | صُنبورُها إلاّ عصيرَ الذئبِ !؟ |
هو ذلك الدمُ فاضَ إلاّ أنه | يكفي فحَسبُهمُ دمي أو حَسْبي ! |
إنْ أمعنوا بالشرِّ دون عقوبةٍ | فغداً ستُرثينا جنائزُ شعبِ ! |
حتى الورودُ ستستحيلُ بلا شذاً | ولقاؤها مثلَ امتحانٍ صعبِ |
يأسٌ مِن الأيام في روحي سَرى | ومِن الزمانِ ومن جميع العُرْبِ |
يأسٌ كما نَحَتَ النسيمُ , فموطني | كفراشةٍ ... ما شأنُهُ بالحربِ ؟ |
لكنْ لأجلِ عيونهِ أنا آملٌ | ولِعينكم ولأعيُنِ المُتنبّي ! |