رثاء جمال عبد الناصر
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
المرء يسعى والمنية أسرع | والدهر بينهما يسر ويفجع |
قدر يسيره المهيمن حيثما | يختاره لا حيثما نتوقع |
يا أمة فجعت بفقد زعيمها | وقوى الضلال لسلبها تتجمع |
نفذ القضاء ولا مفر لكائن | حي من الأمر الذي لا يدفع |
لو كان يقبل عن جمال فدية | لفدته أنفس يعرب والأدمع |
لكن حكمة ربنا في خلقه | للمؤمنين به دليل مقنع |
واختار ربك ناصراً لجواره | شأن الأمانة حينما تسترجع |
يا أيها الإنسان لم ينل الألى | ما نلت من حب به تتمتع |
جرحت فجيعتك الضمائر كلها | فكأنها في كل قلب مبضع |
أنا قبل فقدك كنت شاعر قومه | أزجي القريض كما أشاء وأبدع |
فغدوت لا أزن القوافي حسبما | أهوى ولا كيف المعاني توضع |
وإذا خلت نفسي إلي فإنني | استشعر العزم الذي يتضعضع |
ماذا أقول وقد بلوت تصبري | فوجدت صبراً منهكاً لا ينفع |
حاولت إيقاف الدموع تجلداً | ففشلت واستعصى علي المدمع |
إني لأستعفي الأديب قصيدة | هزلت وبان من الهزال الأضلع |
أبكيه من حر الفراق تألما | لكنني رغم البكا لا أجزع |
أنا لن أسجل ههنا تاريخه | فسجله بالمكرمات مرصع |
والعرب تعرف فضله وجهاده | كالغيث حيث يصيب أرضا تمرع |
إني لأسأل كل من لاقيته | هل شمسنا بعد الغروب ستطلع |
وهل المهيأ بعد فقد زعيمنا | سيعيد ما سلب الطغاة ويرجع |
ما كان قبلك للعروبة قيمة | منذ الخلافة أو مقام يرفع |
حتى أنرت لها الطريق فأصبحت | فعلا لكل فضيلة تتطلع |
والناس مختلفون في آرائهم | لكن فيك على المحبة أجمعوا |
فقدتك أمة يعرب وعدوها | لما يزل في قدسها يتسكع |
تموز أين جمال؟ إين حبيبنا ؟ | أين الخطيب العبقري المصقع؟ |
أين الجماهير التي تصغي له | فيهزها الكلم الجميل المقنع ؟ |
أرجو وآمل أن يوفق ربنا | من للعروبة والشريعة أنفع |