سلام على الماضي
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
سلام على عهد الشبيبة والصبا | ورونقه الفينان في واحة الربى |
وأغصانه الخضر الموائس إن شدا | عليها هزار الحب أشجى وأطربا |
تداعب من أفيائها كل وراف | ومن ينعها نجني الشهي المحببا |
ونختال في برد كأن نسيجه | خمائل أزهار ترنحها الصبا |
فنمرح فيها لا الزمان بصادف | منانا وإن شح الزمان وأجدبا |
نناغي الليالي كلما لاح بارق | سعدنا بمرآه وإن كان خلبا |
زمان تقضى والأماني مقيمة | تذكرنا لهوا بريئا وملعبا |
وعيشا تقبلناه بؤسا ونعمة | وحبا تقاسمناه وردا ومشربا |
وإخوان صدق ما أحيلى حديثهم | وأشهاه في سمع الندي وأعذبا |
رعى الله ذياك الزمان وأهله | وإن لم نجد فيه ثراء ومنصبا |
ففيه الولاء الحق للدين والتقى | وفيه الوداد المحض والصدق والإبا |
مجالس آداب يتوجها البها | حياء؛ فلا تلقى السفيه المذبذبا |
ولا باخلا بالمستطاع وإنما | بها الجود مقرونا بأهلا ومرحبا |
إذا مربيت الشعر يحمل حكمة | تبناه ذو فهم فثنى وعقبا |
وشاد بذكر الشعر والشاعر الذي | تخيره لفظا ومعنى ومأربا |
فإما تعالى الذكر لبى جميعهم | نداه وأدوا ما عليهم توجبا |
شفاههم لم تبرح الشكر لحظة | وتسبيحهم فيض القلوب تأوبا |
سرائرهم من كل غل نقية | وغاياتهم ما كان للحق أقربا |
صفات كنبت الروض رصعه الندى | فضوع آكاما وسوحا وسبسبا |
على فطرة الله السنية نهجهم | وما اتخذوا من دون ذلك مذهبا |
لهم شيم يشدو بها كل زائر | وكانوا على الأرحام أحنى وأحدبا |
يراعون للجيران حق جوارهم | وما انفك فيهم منبع الخير صيبا |
تعاونهم لهم تنكر العين فضله | وكانت صدور القوم بالعطف أرحبا |
سعوا في سبيل العيش جدّا وهمة | فشقوا عباب اليم شرقا ومغربا |
يصدون منه موجة إثر موجة | ويستخرجون الدر قسرا وإن أبى |
وما بسطوا كف السؤال لأنهم | يرون حلال الرزق بالكسب يجتبى |
ملاحم من نور ونار تجاوزت | حدود الأماني همة وتوثبا |
إذا ذكروا لم يملك الدمع مدمعي | وإن غالبته النفس زجرا تغلبا |
مضى من مضى والذكريات خوالد | يواكبن عمرا؛ موكب جر موكبا |
نحتن بقلبي منظراً غاب في المدى | ولكنه عن ناظري ما تغيبا |