من كانَ لي من حماهُ خِيسُ ذِي لِبدٍ
مدة
قراءة القصيدة :
5 دقائق
.
من كانَ لي من حماهُ خِيسُ ذِي لِبدٍ | ضَارٍ، ولي من نداهُ روضة ٌ أُنُفُ |
من لم يزل لي من جدوى يديه غنى ً | وفي ذراه من الأيام لي كنف |
الملِكُ الصّالح الهادِي الذي شهِدت | بفضل أيامه الأنباء والصحف |
ملك أقل عطاياه الغنى فإذا | أدناكَ منه، فأدنى حِظّك الشَّرفُ |
أغز أروع في كفيه سحب ندى ً | تمتارُ سُحبُ الحيا منها، وتَغترفُ |
هو الوزيرُ الذي يأوِي إلى وَزرٍ | منه الأنام فيكفوا كل ما كلفوا |
تريه آراؤه في يومه غده | فيحسِمُ الخطبَ فيه قبلَ يكَتَنِفُ |
بصيرة كشفت ما في القلوب له | وأطلَعَته عليه قبلَ يَنْكشفُ |
سعتْ إلى زهدِه الدُّنيا برغبتِها | طوعاً، وفيها على خُطَّابِها صَلَفُ |
ولم تُزَفَّ إلى كفءٍ سواهُ، وما | زالت إلى مجده تصبو وتشترف |
حَبرٌ، إذا الليلُ آواهُ بحندسه | بحرٌ من العلم طامٍ ليس يُنْتَزفُ |
ومِحربٌ ما أتَى المحرابَ مُبتهلا | إلا وأدمعُه من خشية ٍ تَكِفُ |
مُسَهَّدٌ، وعيُونُ الخِلق هاجعة ٌ | على التجهد والقرآن معتكف |
وتشرق الأرض من لألاء غرته | في دَسْته، فتكادُ الشمسُ تنكسِفُ |
لم يدر ما القصد في جود ويعجبه | في بَذْلِ أموالِهِ الإفراطُ والسَّرفُ |
إذا حَبَا عَادِت الآمالُ راضية ً | وإن سطا كادت الآفاق ترتجف |
يأيها الملك الموفي بذمته | ومن تَجلَّى عن الدّنيا به السَّدَفُ |
إليك يا عادلاً في حكمه وعلى | أمواله من قضايَا جُوده الجَنَفُ |
أشكُو زَماناً قَضَى بالجورِ فيَّ، ولم | يزل يجور على مثلي ويعتسف |
لحت نوائبه عودي وأنفد مو | جودي وشتت شملي وهو مؤتلف |
وقد دعوتُكَ مظلوماً ومُرتجياً | وفي يديكَ الغِنَى ، والعدلُ، والخَلَفُ |
فاجمع بجودك شملاً كان مجتمعاً | فعاد بعد ائتلاف وهو مختلف |
وانشر بمعروفك المعروف ميتهم | وشكر من هو بالإحسان معترف |
فهو القريبُ موالاة ً ومُعتَقداً | وإن أتت دُونه الغبراءُ والنُّطَفُ |
وعش على رغم من يشناك مقتدراً | في دولة ما لها حد ولا طرف |
في كل سمعٍ بَدا من حُسنه طُرَفُ | |
نقول لما أتانا ما بعثت به | هذا كتابٌ أتى ، أم روضة ٌ أنفُ |
خطُّ تنزَّهت الأزهارُ حين بدا | كأنَّه الدُّرُّ، عنه فُتِّح الصَّدفُ |
إن نظمه طرق الأسماع كان لها | وإن حَوت عَطَلاً من حِلية ٍ، شَنَفُ |
رقت حواشي كلام أنت ناظمه | فيه، فجاءَ كزهرِ الَّروضِ يُقتطَفُ |
وردت بحر القوافي فاغترقت كما | قد حلَّ يوماً بمدِّ النِّيلِ مُغتَرِفُ |
زهت على البدر نوراً إذ أتت بسوا | د النفس يشبهه من خده كلف |
قرطست رميا وكم رام بأسهمه | إذا تحقق منه يسلم الهدف |
بخاطر فاق غزر العد لا وشل | ولا ببرض إذا ما حل ينتزف |
إذا تَطلَّعَ فوق الأرضِ ذُو أدَبٍ | فأنت منه على العيوق تشترف |
وإن تَعَرَّى دَعِيٌّ من فَضائِلِه | فأنت مدرع منها وملتحف |
إذا تخفى لقبح وجه قافية | فعن قوافيك شيلت دوننا السجف |
لأعين الناس نهب من محاسنها | كما القلوب تلاقيها فتختطف |
إذَا ذكرناكَ مجدَ الدينِ، عاوَدَنا | شوقٌ تجدَّد منه الوجدُ والأسَفُ |
ودون ما قد وجدناه لفرقتكم | يحيطُ بالقلبِ من أرجائِه التَّلفُ |
ولو عرفْتَ الذي في القلب منكَ لمَا | إن كنتَ عنَّا على الأحوالِ تختلِفُ |
ولا عجيبٌ إذا حافَ الزّمانُ على | حُرٍّ، وكلُّ قَضاياهُ بها جَنَفُ |
فلا تكُن جازعاً، إن التَّجاوُزَ عن | إنفاقِكَ الصبرَ في شَرع الهوى سَرَفُ |
فإنْ حصَلتَ على الصَّبر احتويتَ على | الأجر الجزيل وفي إحرازه شرف |
يا من جفانا ولو قد شاء كان إلى | جَنَابِنَا دون أهلِ الأرضِ ينَعَطفُ |
وحق من أمه وفد الحجيج ومن | ظلَّت إلى بيتِه الرُّكبانُ تختلِفُ |
إنا لنوفي على حال البعاد كما | نوفي لمن ضمه في قربنا كنف |
ونَغفرُ الذنبَ إن رامَ المسيءُ بنا | عفواً، ونستُره في حينِ ينكشِفُ |
وإن جنى من رأى أنا نعاقبه | يردنا الصفح أو يعتاقنا الأنف |
نعم ونحفظ عند الغيب صاحبنا | وليس يدركنا كبر ولا صلف |
فما لإيعَادنَا يوم الوغَى مَيَلٌ | ولا لموعِدنا يومَ النَّدى خُلُفُ |
فعندنا جنة تدنو الثمار بها | إذا دنا مجتن منها ومقتطف |
هدى مصاحبنا ضوء النهار وكم | قد ضل من في الظلام الليل يعتسف |
فمل إلينا بآمال محققة | وكُفَّ غَرْبَ دُموعٍ لم تزل تَكِفُ |
كفَى اغتراباً، فعجِّل بالإيابِ لَنا | فمنك لا عوض يلقى ولا خلف |
وقد أجبنا إلى ما أنت طالبه | فالآن كيفَ تُروّى فيه أو تَقِفُ |
فرأينا فيك قد أضحى علانية ً | والجند قد عرفوا منه الذي عرفوا |
وقدمت لك تمهيداتنا وبها | وحْشُ الفَلاة ِ، إذا ما رُوِّعت، ألُفُ |
كأنَّنَا حين تَجرِي ذُكرة ٌ لَكُمُ | على اضطرام لهيب النار نعتكف |
فإن يبالغ أناس في الثناء على | أوصافِكُم قصَّروا في كلِّ ما وصَفوا |
فخذ نظاماص على قدر الذي كتبت | يداك إذ عدد النظمين مؤتلف |