كفني يا شمس مني هيكلا |
كفنيه هيكلا محترقا |
وادفنيه جانب النهر فقد |
يتلقى الصبح غصنا مورقا |
"الحجي" |
... |
تداعيات |
* لا شيء سوى رمل "مرات" |
الأقارب وضعوا آخر حجر على القبر ومضوا |
... وها أنت وحيد كما أنت منذ عشرين عاما تقبض في لحظات |
الصحو القليلة على بيت أردف في الذاكرة ثم ينتابك النسيان. |
تعصر جبهتك في يديك حتى تنفر عروق أصابعك, ولا تقدر أن |
تتذكر اسم صديق وكيف تستطيع وقد غادرك الأصدقاء ولم |
تلمس يداك وردة أو غصنا. |
أنت الراحل بين مشفى وتعب.. |
والساقط بين فصامك الوهمي وفصامنا الحقيقي.. |
كيف لي يا حمد أن أتذكر.. |
*** |
صيف 1401هـ |
المبنى المغبر في ظاهر الطائف له أكثر من اسم ولكن الاسم |
الذي ظل في ذاكرة الطفولة من حكايات الناس هو "شهار"! |
المبنى يأخذ اسم الحي ليتنكر |
في فسحة أمام مدخل العنبر "13" التقينا وجلسنا إلى تعبك |
أنت الذي تبحث عن "السجائر" والأصدقاء القدامى, ونحن(1) |
الذين نبحث عنك , موجات من الصمت تخيم عليك وتنتهي كل |
موجة بأن ترفع عينيك إلينا وتقول: |
أريد أن أخرج من هنا. |
كنت تذوي تحت دورة العلاج المكثف وكانت الجدران غبشا في عينيك. |
والماء مالحْ , أي قبو هذا الذي تسمع نزلاءه يطلبون الشمس , وأي كتل تلك التي تتدافع عند النوم لتحتل أرضية العنبر الصغير. |
وأنت.. أنت بينهما بسهرك الطويل تصعد إلى "مرات" عشر مرات في الليلة, لتبحث عن خطى طفولتك في أحوشتها وأزقتها |
تمشي أيها "الشاعر الجريح". |
لتمشي معك ظلال أمس |
تبحث عن باب يفتح |
وتطل جدائل |
أعطتك من جمرة الشعر |
تسأل نفسك في منعطف عن اسم ضائع |
وتستعيد بيتا هنا وطفولة هناك.. شجرة تذكرك بضحكة, |
وجدارا يذكرك بصديق, شارعا يعيدك خمسة وعشرين عاما إلى أصابعك, |
ويعيد أصابعك إلى الشعر.. هذا رمل لا يزال منه في ثيابك ريح.. وهذه نخلة تجرُّ حزنك إلى خيمة الحبيبة فتصرخ: |
تجن عليّ بالغ في التجني |
فمن ألم الجوى استمديت فني |
وأسمعني كلامك إن روحي |
يمور بساحها صوت المغني(2) |
*** |
لا نهر هنا ولا شيء سوى رمل "مرات" |
وآخر صيفها الحفيف |
ها الأقارب وضعوا آخر ضمة على القبر ومضوا.. |
ها الأصدقاء يقولون : استراح! |
بعضهم كلما رأى صورتك في الجريدة, |
أو خبرا عن اسم المشفى الذي نزلته مؤخرا أشاح بوجهه وكأنه |
لا يراك.. |
صرختَ منذ سنوات: |
أين أنتم أيها الأصدقاء القدامى |
ومر بعضهم خفافا إلا من دعاء |
ومر بعضهم خفافا إلا من وردة |