استحضار: |
وحدي هنا |
غادرتني المليحةُ |
أشْرَعَ هذا الممرّ لها بابهُ.. |
فخطت خطوتين |
نوتْ أن تعود.. |
هي الآن تخرج من ساعدي |
**** |
فضة الآن ترسم قابلةً ونساءً وأنفًا وأذنًا وعينْ |
ثم ترسم مدرسةً وأسرَّة نومٍ وترسم خطين |
وعصفورة بين خط وعين |
**** |
- أتراني؟ |
- أجل |
منذ أن سافرت للكوى المغلقهْ |
نكهةٌ مشرقهْ |
اضحكي.. اضحكي |
بيننا الكأس والتبغُ والأروقة |
**** |
فضة الآن ترسم جمجمة وحقولاً |
وتسألني عن أبي |
- كان نهرًا من الضوء والأسئله |
كان يعشق طين الجزيرة حتى البكاء |
ويروي عن الموجة المقبلهْ |
فضةُ الآن ترسم أسرارها في ذراعي |
وتقضم تفاحة للضحك |
آه ما أملحك! |
آه ما أملحك! |
**** |
تستحيل حصانًا حوافره في دمي ثم تمضي إلى الضحك |
الموسمي وتحمل كأسًا من النار حتى فمي.. |
- أتراني؟ |
- أجلْ |
جهةً مورقه |
وخيولاً على الصمت مستغرقهْ |
فضة الآن ترسم بحرًا وأشرعةً وفضاءً صغيرْ |
وتحتال حين أقايضها: |
أشتري بحرك الغجري |
وأعطيك حقل صهيلٍ وسلة طينْ .. |
وأطلق عصفورتي في الفضاء الصغير |
**** |
فضة الآن ترسم طفلاً وتسأله عن مواجع كفيه... تبعثهللدروس |
يحمل الطفل دفتره المدرسي ويلبس كوفيةً وعقال قصبْ |
- أتراني؟ |
- أجل |
شفة من لهبْ |
يا غناء التعبْ |
يركض الطفل في تعبي فيطيح التعبْ |
- إيه يا فضة العربيه.. |
حدثيني فإن الصباحات مرتبكٌ وجهها |
حدثيني فكم بللتني الغيوم وصادرني شارع؛ شالني |
واستبد بطفل ، بدفتره المدرسي ويلبس كوفيةً |
وعقال قصبْ |
فضة الآن جالسة بين صمتي وبيني |
تفزّ المليحة |
تخلع خلخالها وتواريه عن عينها |
ثم ترسم طفلاً بلا أحذيه |
- هنا محكمه! |
تستحيل بحجرتها قاعة للقضاء، وأخرى بها الماثلون إليه |
بتهمة قلب الأمور، وأخرى بها الصامتون، وأخرى بها |
الناطقون بغير حديثٍ، وفي آخر الحجرات الشهودْ |
- الشهودْ.. الشهودْ |
ندّت عن صبي يبيع الأحاديث والصحف العربية إيماءةً |
للحضور وجلجل في آخر الصف صوت نساء ولغط، وكرّتْ |
بإحدى الصفوف حبيبات مسبحةٍ.. |
تنحنح شيخ، توضأ بالأرقيه |
- هنا محكمه! |
رفعت جلسة اليوم |
فاخلعوا الأرديه |
- أتراني؟ |
- أجل |
أو أرى نكهة في السريرْ |
والفضاء صغيرٌ.. صغير |
لا يتسع |
**** |
فضة الآن ترسم كأسًا وترفعها: صحتين |
- هل ترى هذه الكأس أو هذه الفرس الجامحه؟ |
كنت أعدو بها - أين كنت - في حقول الهوى |
ليلة البارحه |
وقفتْ |
سألتني المليحة عن شالها |
جلستْ |
عقصت شعرها |
طلبت كوب شايٍ وتبغْ |
وضعت وجهها في ذراعي، بكت.. |
واستدارت إليّ |
قبّلت في الهجير فرس مهرها |
سألتني عن الشك، كيف يجيء |
- إذا حاصرتك المخافات يا امرأة الخوف، وسوس |
في صدرك الطفل واعتمرت وجهك المستبد عباءته |
الباهته |
- أتراني |
- أجل |
لغة صامته |
شالها ضائع |
ضيّعته متى؟ |
طلبت كأس ماء وسيجارة واحتمت بالبكاء |
- أتراني؟ |
- أجل |
جمعتنا المواجعُ يا فضة العربيه |
وانتعلتْ فمَنا لغةُ القاعدين، وهذّبنا الشمعُ وارتحلت |
في الدم العربي الخيانات، ضاعت القافله |
رسمتْ قطة ذات عينين واسعتين وصحن حليب |
وخيطًا تمارس قتل الفراغ به |
صرخت: |
- أتراني؟ |
- أنا لا أرى!! |
استحلتُ أنا وردةً في مدائن هذي البلاد، وحولت عيني |
أحصنةً للسباق وخبزًا له نكهة الفقراء، وساومت كل الذين |
يبيعون لون القصائد أن أشتريها.. |
تحولت تسبيحة للبلاد وتعويذة للسفر |
إيه يا فضة العربية، كيف أرى؟ |
فضة الآن ترسم بابًا وتحكم إغلاق مزلاجه الخشبيّ |
ثم ترسم بيتًا وتمحوه |
بيتًا وتمحوه |
بيتًا وتمحوه |
ضائعة في الصباح ملامح منزلنا العربي |
وضائعة في المساء إذا جعلته النساء خمارًا عن الضوء |
كيف أرى؟ |
فضة الآن تطلبني واقفًا للفناء |
سأفتح نافذةً لبكاء البساتين ، نافذة لارتحالات وجه البلاد |
معي |
لا تطلبي صوتي الآن |
حنجرتي صادرتْها المسافاتُ |
كوني معي الآن يا فضة العربية |
كوني معي |
لنبكي على ما جرى |