سيتركني العمرُ طفلاً غريباً |
يُعدّ الصباحُ لقامتهِ جبّةَ البردِ، |
والريحُ كالشبَح ِالمستديرِ على روحهِ. |
هاهنا ـ ووحيداً ـ يسير على عشبةِ الصمتِ قلبي. |
( شجيٌّ هو الصمتُ .. |
لا يتلعثم إنْ فاجأَ البردُ كفّيهِ في مثل هذا الصباح ِ ) الشتائيِّ |
في مثل هذا الصباح الشتائيِّ تخجلُ منّي الطيورُ، |
لأنّي بِلا ريشها./ |
هكذا جاء وقتُ الطفولة بي |
زغَباً أبيضاً، تركوه على عتبات الكتاتيبِ صبحاً |
يرتّلُ خلفَ عصا الشيخ ِ: |
" طه َ " .. |
" الضحى " .. |
" الشعراء"( يقولون ما لا يصير فكيف سنتبعهمْ !)/ |
هكذا .. |
هكذا طارَ بي زغَبي .. |
أيّهذا الحمامُ ؛ إذا احترقَ الخوفُ في عتبة الشيخ ِ، دُسّ عيونَكَ في الأفْق ِ .. |
في الأفْق مكتبةٌ غابَ وجهُ الطفولةِ بينَ " طلاسمها "، |
وامّحى في الغبار. |
هنالك؛ كنتُ أعوّدُ قلبي الهروبَ إلى غيمةٍ |
أدّعيها لنفسي. |
أعوّد قلبي الهروبَ .. |
بلا أثَرٍ قدْ يعودُ بنا نحو ترتيلةٍ في عصا الشيخ ِ |
كرّرها مرّتين .. |
وجيلاً من الخوفِ يعبر روحي. |
--------------------------- |
أرى أنْ يمرّ خيالي كزفرةِ نايٍ بخيط البدايةِ .. |
صرتُ أمرّنُ حلْمي على القفْزِ بين حبال البلاغةِ |
حتّى أرى زغبي عالياً .. |
عالياً .. |
فوق سور البدايةِ. |
لا الشعرُ يغسلُ وجهَ الضبابِ الطفوليِّ عـنّي، |
ولا الريحُ تحرسُ صوتي |
ليعلو صدايَ على نبْرةِ الموتِ./ |
كأساً .. فأُخرى، إذا ما ظمئتُ، |
سأرفع نخبَـكِ أيتها الأرضُ في الريح ِ |
ثمّ أُديرُ على الآخرين بقاياكِ فيَّ |
لأنّي اكتفيتُ من الوجع المخمليِّ، |
ومنكِ .. |
ومن كلّ شيءٍ يثرثرُ مثلَ النحاس، ومثل المياه .. |
اكتفيتُ. |
* |
الجمعة 5 – 4 – 2002 |