أأحبَابَنَا، ما مصُر بعدَكُمُ مِصرُ
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
أأحبَابَنَا، ما مصُر بعدَكُمُ مِصرُ | ولكنَّها قَفْرُ، إليكُم بها فَقْرٌ |
وإن تخل يوماً بقعة من شخوصكم | فلم يَخلُ يوما من مودَّتِكْم صَدْرُ |
وإن تنئكم عنا المهامه والسرى | تقربكم منا المودة والذكر |
رحلتُم، فعادَ الدّهرُ ليلاً بأسرِه | وليسَ له إلا بأوبِتكم فجْرُ |
ترى فاض ما ألقى نم الهم والأسى | لبْعدكُم، فاسودَّ من صبِغه الدَّهرُ |
وكيف ألوم الليل إن طال بعدكم | وقد غاب عني منكم الشمس والبدر |
تذكره أحبابه الأنجم الزهر | فيَا ويحَه ماذَا بِه صنعَ الذِّكُر |
هم مثلها بعداً ونوراً ورفعة ً | ولكن لهَا، إذْ شُبِّهت بهم، الفَخْرُ |
وقد كنتُ أشكُو هجرَهُم في دُنوِّهم | فمن لي لو دام التداني والهجر |
سقى مصر جود الصالح الملك إنه | هُو الوابلُ المُحِي البريَّة ِ لا القَطرُ |
ففيها كرامُ أسْعَرُوا بِجَوانِحى | ببعدهُمُ جمراً، به يُحرَق الجَمرُ |
ومن عادتي الصبر الجميل وليس لي | عَلَى بُعدِهِم، لادرُّ النَّوى ، صَبرُ |
إذا ما أمين الدين عن ادكاره | ذهلت كأني خامرت لبي الخمر |
يذكِّرُنِيه الفاضلُون، وإن غَدَوْا | جَداوِلَ إن قِيسُوا به، وهو البحرُ |
إذا حضر النادي فرضوى رجاحة ً | وإن قَال فالدُّرُّ المنظَّمُ والسِّحرُ |
ويعجبني منه تدفق علمه | وأعجب منه كيف يجمعه صدر |
تناءت بنا الداران والود مصقب | فللقُربِ شطرُ، والبِعادُ لهُ شطرُ |
كأن الليالي إذ قضت بفراقنا | قضى جورها أن ليس تجمعنا مصر |
أَحُلُّ بها إن غابَ عنها، وإن أَغِب | يحلُّ بها، فاعجبْ لما صنعَ الدّهرُ |
فليت تلاقينا ولو بعض ساعة | يْحَمُّ وشِيكا، قبل أن ينفَذَ العمرُ |
لأحظى برؤياه وأشكر منه | وإن لم يقم عني بواجبه الشكر |