وَمِثلَ سندُبَادِكِ القديمِ مَا اسْتقرَّ بي مَكانْ |
وَمَا احْتوَانِي شَاطِئٌ إلا وَنادَتنِيَ مِنْ وَرَائِهِ شُطآنْ |
كأنَّ لَلبَحْرِ أريجْ |
يَشُمُّهُ قلبي فتهفو مِنهُ أشْواقٌ تهيجْ |
أشْرعَتِي تعْرفُ كلَّ شَاطِئٍ مَهْجورْ |
قد زال من ذاكرة البحورْ |
دَخلتُ بَحْرَ المَوْتِ مَرَّاتٍ كثيرَهْ |
وَعِشْتُ أيامًا وَأعْوامًا مَريرَهْ |
يقذفني بكفّهِ الإعصارْ |
تجُرُّنِي تدفعُني الرِّيَاحْ |
أطيرُ فوْقَ قِمَّةٍ عَلى جبَالِ المَوْجِ لا يَحمِلنِي جَناحْ |
وَأرتمي أغوصُ فِي وَادٍ بلا قرارْ |
لكنهَا الأقدارْ |
فكلّ مَرَّةٍ وَقبلَ أنْ أصيرَ لقمَةً تمْضَغُهَا الحيتانْ |
تحْمِلنِي الأمْوَاجُ نحْوَ شَاطِئِ الأمَانْ |
• |
وَعِندَمَا عَادَتْ مَرَاكِبي وَتمَّتْ رحْلتِي الأخيرَهْ |
وَعُدتُ لِلجَزيرَهْ |
جَزيرَةِ الحُبّ الَّتي زَرَعتُ أَحلامي بِها، لمْ تظهَرِ الأميرَهْ |
وَلمْ تُطِلَّ، لمْ تَقِفْ فِي الشُّرْفةِ المَقصورَهْ |
فِي الشُّرْفةِ المُضَاءةِ المَسْحورَهْ |
فرْحَانةً مَجنونةَ الأشْوَاقْ |
وَلَم تُلَوِّحْ لي بِمِنديلٍ ولا بِكَفِّها الصَّغيرَه |
لمْ يَخرُجِ الحُرَّاسُ وَالأهْلونَ لاسْتِقبَالِ سندُبَادْ |
وَلمْ تسِلْ لِفرْحَةِ اللقاءِ دَمْعَاتٌ تضِيءُ خلفهَا الأحْدَاقْ |
لمْ تُفْتَحِ الأبوابْ |
تدْخلها مَوَاكِبُ الأصْحَابِ وَالأحْبَابْ |
• |
فكلُّ مَا جَمَعْتهُ بالعَرَقِ المُراقْ |
بالنصَبِ المَوْصُول بالشقاءْ |
بالألم المريرِ بالدَّمْعِ الغزيرْ |
قَد طارَ فِي الفضَاءِ فِي الهَوَاءْ |
هَبَاءْ |
وَكُلُّ أَحلامي الّتي شَيَّدتُها تَهَدَّمَت وَضَمَّها الفَناءْ |
خرَابْ |
تنعَقُ فوْقَ سُورِه الغِرْبانْ |
تنبَحُ فِي سَاحَاتِهِ الكِلابْ |
تسْكنهُ الأشْبَاحُ وَالعَناكِبْ |
وَتسْتَبيحُ أرضَهُ الجرْذانْ |