يَا مِصْرُ أَنْتِ الأَهْلُ وَالسَّكَنُ
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
يَا مِصْرُ أَنْتِ الأَهْلُ وَالسَّكَنُ | وَحِمىً عَلَى الأَرْوَاحِ مُؤْتَمَنُ |
حُبِّي كَعَهْدِكِ فِي نَزَاهَتِهِ | وًالحُبُّ حَيْثُ القَلْبُ مُرْتَهَنُ |
مِلْءُ الجَوَانِحِ مَا بِهِ دَخَل | يَوْمَ الحِفَاظِ وَمَا بِهِ دَخَنُ |
ذَاكَ الهَوَى هُوَ سِرُّ كُلِّ فَتىً | مِنَّا تَوَطَّنَ مِصْرَ وَالعَلَنُ |
هُوَ شُكْرُ مَا مَنَحَتْ وَمَا مَنَعَتْ | مِنْ أَنْ تُنَغِّصَ فَضْلَهَا المِنَنُ |
هُوَ شِيمَةٌ بِقُلُوبِنَا طَهُرَتْ | عَنْ أَنْ تَشُوبَ نَقَاءهَا الظِّنَنُ |
أَيُّ الدِّيَار كَمِصْرَ مَا بَرِحَتْ | رَوْضاً بِهَا يَتَقَيَّدُ الظُّعُنُ |
فِيهَا الصَّفَاءُ وَمَا بِهِ كَدَرٌ | فِيهَا السَّمَاءُ وَمَا بِهَا غَصَنُ |
مِصْرُ الَّتِي لَيْسَتْ مَنَابِتُهَا | خِلَساً وَمَا فِي مَائِهَا أَسَنُ |
مِصْر الَّتِي أَبَداً حَدَائِقُهَا | غَنَّاءُ لا يَعْرَى بِهَا غُصُنُ |
مِصْر الَّتِي أَخْلاقُ أُمَّتِهَا | زَهْرٌ سَقَاهُ العَارِضُ الهَتِنُ |
مِصْر الَّتِي أَخْلاقُهَا حُفُلٌ | وَيَدِرُّ الشُّهْدُ وَاللَّبَنُ |
كَذَبَ الأُولى قَالوا مَحَاسِنُهَا | تُوهِي القُوَى وَجِنَانُهَا دِمَنُ |
فَهْيَ الَّتِي عَرَفَتْ مُرُوءَتَهَا | أُمَمٌ وَيَعْرِفُ مَجْدَهَا الزَّمنُ |
وَهْيَ الني أَبْنَاؤُهَا شُهُبٌ | عَنْ حَقِّ مِصْرٍ مَا بِهَا وَسَنُ |
يَذْكُو هَوَاهَا فِي جَوَانِحِهِمْ | كَالجَمْرِ مَشْبُوباً وَإِنْ رَصُنُوا |
هُمْ وَارِثُو آلامِهَا وَبِهِمْ | سَتُرَدُّ عَنْ أَكْنَافِهَا المِحَنُ |
صَحَّتْ عَقِيدَتُهُمْ فَلَيْسَ تَهِي | فِي حَادِثٍ جَلَلٍ وَلا تَهِنُ |
للهِ وَثَبْتَهُمْ إذَا اسْتَبْقَتْ | فِيهَا النُّهَى وَتَبَارَتِ المُنَنُ |
دَاعِي المَبَرَّةِ وَالوَفَاءِ دَعَا | فَأَجَابَتِ العَزَمَاتُ وَالفِطَنُ |
صَوْتٌ مِنَ الوَادِي تَجَاوَبَ فِي | تَرْدِيدِهِ الأَسْنَادُ وَالقُنَنُ |
رُوحُ البِلادِ تَنَبَّهَتْ فَجَرَى | مَا أَكْبَرَتْهُ العَيْنُ وَالأُذُنُ |
جَرَتِ المَسَالِكِ بِالرِّجَالِ وَقَدْ | غَمَرَتْ بِهِمْ رَحَبَاتِهَا المُدُنُ |
جَرْيَ الأَتِيِّ يَفِيضُ مُنْطَلِقاً | مِنْ حَيْثُ يَطْغَى وَهْوَ مُخْتَزَنُ |
مِنْ كُلِّ مُدَّثِرٍ بِثَوْبِ هَوىً | لِدِيَارِهِ أَوْ ثَوْبُهُ الكَفَنُ |
رَهَنَ الحَيَاةَ بِعِزِّهَا فَإِذَا | هَانَتْ فَمَا لِحَيَاتِهِ ثَمَنُ |
سَادَ الإِخَاءُ عَلَى الجُمُوعِ فَلا | رُتَبٌ تُمَيِّزُهَا وَلا مِهَنُ |
فِرَقٌ تَقَارَبَتْ القُلُوبُ بِهَا | وَتَنَاءَتْ البِيئَاتُ وَاللسُنُ |
لا جِنْسَ بَلْ لا دِينَ يَفْصِلهَا | وَالخُلْفُ مَمْدُودٌ لَهُ شَطَنُ |
أَلإِلفُ وَالسَّلْمُ الوَطِيدُ يُرَى | حَيْثُ الحَفَائِظُ كُنَّ وَالفِتَنُ |
فَإذَا بَدَا فِي مَوْقِفٍ ضَغَنٌ | لَمْ يَعْدُ رَأْياً ذَلِكَ الضَّغَنُ |
أَلشَّعْبُ إٍِنْ يَصْدُقْ تَكَافُلُهُ | بِلُوغِ غَايَاتِ العُلَى قَمِنُ |
كُلٌّ يَقُولُ وَمَا بِمِقْوَلِهِ | كِذْبٌ وَمَا فِي قَلْبِهِ جُبُنُ |
يَا أَيُّهَا الوَطَنُ العَزِيزُ فِدىً | لَكَ مالُنَا والرُّوحُ وَالبَدَنُ |
مِنْكَ الكَرَامَةُ وَالوُجُودُ مَعاً | فَإذَا اسْتَعَدْتَهُمَا فَلا حَزَنُ |
حُيِّيْتِ يَا صِلَةً مُبَارَكَةً | شُدَّتْ وَلَنْ يُلْفَى بِهَا وَهَنُ |
أَهْلاً بِرَهْطِ الفَضْلِ مِنْ نُجُبٍ | بِهِمْ التُّقَى وَالعِلْمُ وَاللَّسَنُ |
بِالنَّاصِحِينَ وَنُصْحًهًمْ بَلَجٌ | بِالنَّاهِجِينَ وَنَهْجُهُمْ سَنَنُ |
خَيْرُ الدُّعَاةِ إِلَى الوفاقِ عَلَى | مَا يَقْتَضِيهِ الشَّرْعُ وَالسُّنَنُ |
جَادُوا بِسَعْيٍ لا يُوَازِنُهُ | بِالقَدْرِ حَمْدٌُ جَلَّ مَا يَزنُ |
بِجَمِيلِ مَا صَنَعُوا وَمَا رَفَعُوا | فَازَ الوِئَامُ وَخَابَتِ الإِحَنُ |
حُكَمَاءُ إِنْ عَرَضَتْ لأُمَّتِهِمْ | حَاجٌ فَهُمْ لأَدَقِّهَا فُطُنُ |
أَلأَزْهَرُ الأَزْهَى لَهُ مِنَنٌ | عَظُمَتْ وَهَذِي دُونَهَا المِنَنُ |
فَلْتَحْيَا مِصْرُ وَتَحْيَا أُمَّتُهَا | وَلتَرْقَ أَوْجَ السَّعْدِ يَا وَطَنُ |