وَارَحْمَتَا لِي مِنْ صُرُوفِ زَمَانِي
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
وَارَحْمَتَا لِي مِنْ صُرُوفِ زَمَانِي | أَنَّى رَمَتْ سِهَامَ مَكَانِي |
إِنِّي لأَسْأَلُ وَالرَّفَاقُ تَحَمَّلوا | أَتُرَى يُطِيلُ عَذَابِي المَلَوَانِ |
مَنْ مُبْلِغُ السُّلْوَانِ مَقْرُوحَ الحَشَى | سُدَّتْ عَلَيْهِ مَسَالِكُ السُّلْوَانِ |
مَنْعَاكَ يَا عَبْدَ العَزِيزِ أَمَضِّينِي | وَأَضَافَ أَشْجَاناً إِلَى أَشْجَانِي |
فَاجَأْتَنِي بِالنَّأْيِ قَبْلَ أَوَانِهِ | هَلْ حُرْقَةٌ كَالنَّأْيِ قَبْلَ أَوَانِ |
أَتَسُوءُ إِخْوَاناً مَلَكْتَ قُلُوبَهُمْ | ظَرْفاً وَكَنْتَ مَسَرَّةَ الإِخْوَانِ |
رَبَّ البَيَانِ وَأَنْتَ بَالِغَ شَأْوِهِ | أَعْجَزْتَ بِالسَّبِقِ البَدِيعِ بَيَانِي |
أَدَبٌ يَخَالُ مُطَالِعُو آيَاتِهِ | أَنَّ الكَلامَ مَثَالِثٌ وَمَثَانِ |
فُقْتَ الَّذِينَ أَخَذْتَ عَنْهُمْ يَافِعاً | وَبَزَزْتَ مَنْ جَلُّوا مِنَ الأَقْرَانِ |
هَذَا بِإِجْمَاعٍ فَمَاذَا عَارَضَتْ | دَعْوَى دَعِيٍّ مِنْ سَنَى البُرْهَانِ |
لا خَيْرَ فِي زَمَنٍ إِذَا مَا طَاوَلَتْ | فِيهِ الصِّعَادُ عَوَالِي المُرَّانِ |
أَحْدَثْتَ أُسْلُوباً وَكَنْتَ إِمَامَهُ | وَبَقِيتَ فَذّاً فِيهِ مَا لَكَ ثَانِ |
جَمَعَ السُّهُولَةَ وَالجَزَالَةَ لَفْظُهُ | تَتَخَالَفَانِ حِلىً وَتَأْتَلِفَانِ |
دِيبَاجَةٌ عَرَبِيَّةٌ مِصْرِيَّةٌ | نُقِشَتْ بِرَائِعَةٍ مِنَ الأَلْوَانِ |
مَنْ لِلنَّوَادِرِ تَجْتَنِي مِنْهَا النُّهَى | مَا تَشْتَهِي مِنْ طَيِّبَاتِ مَجَانِ |
مَنْ لِلبَوَادِرِ لا يَجُودُ بِمِثْلِهَا | قَبْلَ الرَّوِيَّةِ أَحْضَرُ الأَذْهَانِ |
مَنْ لِلدُّعَابَةِ وَهْيَ قَدْ قَرَنَتْ إِلَى | حِلمِ الشُّيُوخِ تُرَاهَةً الشُّبَّانِ |
إِنْ ثُقِّفَتْ لطُفَتْ وَفِي ضَحِكَاتِهَا | إِيمَاضُ بَرْقٍ لا انْفِضَاضُ سِنَانِ |
نَهْلٌ تَسَاقَاهَا القُلُوبُ فَتَشْتَفِي | غُلَلٌ وَتُقْضَى لِلقُلُوبِ أَمَانِ |
بَلَوَاتُ أَلْبَقِ كَاتِبٍ وَمُحَدِّثٍ | صَافِي البَدَاهَةِ بَارعِ التِّبْيَانِ |
فِي جِدِّهِ وَمُزَاحِهِ مُتَصَرِّفٌ | بِبَرَاعَةٍ خَلاَّبَةٍ وَلِسَانِ |
أَخَلا مِنَ البِشْرِيُّ عَصْرٌ لَمْ يَكُنْ | فِيهِ عَلَى ذَاكَ المِثَالِ اثْنَانِ |
شَخْصٌ قَلِيلٌ ظِلُّهُ طَاوِي الحَشَى | يَمْشِي فَلا تَتَوَازَنُ الكَتِفَانِ |
طَلَقُ المُحَيَّا إِذْ تَرَاهُ وَرُبَّمَا | نَمَّتْ بِكَامِنِ دَائِهِ العَيْنَانِ |
حُبَّتْ مَلامِحُهُ بِمَسْحَةِ أُدْمَةٍ | هِيَ مِنْ مِنَا إِنْ شِئْتَ أَوْ عَدْنَانِ |
وَبِعَارِضَيْهِ الهَابِطَيْنِ وَلِمَّةٍ | شَعْثَاءَ لَمْ تُلمَمْ مِنَ الثَّوَرَانِ |
وَمَضِنَّةٍ يَطْوِي عَلَيْهَا صَدْرَهُ | وَكَأَنَّهُ أَبَداً عَلَيْهَا حَانِ |
مِنْ ذَلِكَ التِّمْثَالِ لاحَتْ لِلوَرَى | آيَاتُ أَيِّ حِجىً وَأَيُّ جَنَانِ |
حُسْنُ المَنَارَةِ فِي سُطُوعِ ضِيائِهَا | لا فِي زَخَارِفِهَا وَلا البُنْيَانِ |
أَمَّا خَلائِقُهُ فَقُلْ مَا شِئْتَ فِي | جَمِّ المُرُوءةِ رَاسِخِ الإِيمَانِ |
مَا ضَاقَ صَدْراً وَهْوَ أَصْدَقُ مُسْلِمٍ | بِتَخَالُفِ الآرَاءِ وَالأَدْيَانِ |
نِعْمَ الفَتَى فِي غَيْبَةٍ أَوْ مَشْهَدٍ | نِعْمَ الفَتَى فِي السِّرِّ وَالإِعْلانِ |
بِالعَدْلِ يَقْضِي فِي الحُقُوقِ وَبِالنَّدَى | يَقْضِي حُقُوقَ الأَهْلِ وَالجِيرَانِ |
يَسْعَى كَأَدْأَبِ مَنْ سَعَى لِمُهِمَّةٍ | مَهْمَا يُجَشِّمُ دُونَهُ وَيُعَانِ |
مُتَشَمِّراً بِغُدُّوِّهِ وَرَوَاحِهِ | عَجِلَ الخُطَى مُسْتَرْسِلَ الأَرْدَانِ |
لَمْ كَانَ مَا فِي جِدِّهِ فِي جِدِّهِ | لَعَلَتْ مَكَانَتُهُ إِلَى كِيوَانِ |
لَكِنَّهُ لَمْ يُلْفَ يَومْاً عَاتِباً | أَوْ طَالِباً مَا لَيْسَ فِي الإِمْكَانِ |
وَرَعَى حَقِيقَةَ نَفْسِهِ وَأَجَلِّهَا | عَنْ أَنْ تُبَدَّلَ عِزَّةً بِهَوَانِ |
مَا مَنْصِبٌ فَوْقَ المَنَاصِبِ أَوْ غِنًى | فَوْقَ المَطَالِبِ غَايَةَ الفَنَّانِ |
مَهْمَا يُزَاوِلْ فَالكَرَامَةُ عِنْدَهُ | هِيَ فِي إِجَادَتِهِ وَفِي الإِتْقَانِ |
مَاذَا يَكُونُ سَلِيلُ بَيْتٍ صَالِحٍ | عَالِي المَنَارَةِ بَاذِخِ الأَرْكَانِ |
أَلوَالِدُ الشَّيْخُ الرَّئِيسُ وَوُلدُهُ | شَرَوَاهُ فِي أَدَبٍ وَفِي عِرْفَانِ |
صَبْراً جَمِيلاً يَا أَخَاهُ وَأَنْتَ مَنْ | بِحِجَاهُ يُدْرِكُ حِكْمَةَ الرَّحْمَنِ |
كَمْ فِي القَضَاءِ تَلُوحُ لِلفَطِنِ الَّذِي | وَلِيَ القَضَاءَ وَمَعانِ |
وَعَزَاءَكُمْ يَا آلَهُ إِنَّ الَّذِي | تَبْكُونَهُ فِي نِعْمَةٍ وَجِنَانِ |
وَعَزَاءَكُمْ يَا مُعْجَبِينَ بِفَضْلِهِ | فِيمَا دَنَا وَنَأَى مِنَ الأَوْطَانِ |