شرايين التراب
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
حديث الرُّوح أذكارٌ وطيبُ | وأنغام على وتر تذوبُ |
وأشواقٌ تأجج في الحنايا | وألوان ومعراج رحيبُ |
ووهجٌ شفَّه نفحُ النَّجاوى | ولُطف الكشف والمعنى الخصيبُ |
هو النفثات تجلو عن فؤاد | مسافات يُظللها الشحوبُ |
هو السبحات في الآفاق توقاً | لموصول تؤلفه الغيوبُ |
حبيبي يا مدى شغفي وشغلي | أنا في الوجد أوّاه منيب |
عسى أروى ويُنجدني انتمائي | إليك ، فلا تُناوشني الكروبُ |
ولا هجرٌ يبعثرني غريبا | تَقَاذفني المجاهل والخُطوبُ |
أحبك ، ليس يكفي غير أني | أحبك فوق ما تجد القلوبُ |
وأبذل في هواك رحيق نفسي | دعاءً كي تُجيبَ فهل تجيبُ؟ |
**** | |
تُرى ياقلب هل يكفي التمنّي | وهل يُغني التذاكرُ والوجيبُ؟ |
مضى زمن تكلل بالمعاني | وذا زمن تُسيّجه الثُّقوبُ |
تداعى القوم حتى لاظلالٌ | تلوذُ بهم ولا نفسٌ يشوبُ |
ترى الإقبال تحسبه اقتدارا | فينكشف التملص والهروبُ |
سبايا نحن تلفَظنا الثنايا | وتشربنا المفاوز والجيوبُ |
صدى التاريخ يصهلُ في خطانا | فيعلو التيه والصمتُ الرهيبُ |
وطعمُ الصبر في رحم التلظّي | كطعم الموت مورده كئيبُ |
على قدر العزيمة كان أهلي | فلم يعظُم بأعينهم ركوبُ |
وأطلالٌ لخولةَ كرّموها | وباسوا الوشمَ يحدوهم هبوبُ |
فما بالُ الغزاة لنا ظلال | وما بال البلاد لهم جُيوبُ |
وما بال الروافد خاتلوها | فلا وشمٌ هناك ولا نصيبُ؟ |
إذا سقط الرفيقُ فلا تخنه | فإن الجرح نائبة تنوبُ |
وإن كانت فصاحتنا ذنوبا | فنعم الذخر هاتيك الذنوبُ |
هو الإنسان يسكنه إلاهٌ | وإن كثُر التّألّه والربوبُ |
**** | |
سألتك "مصر" هل تغني الأماني | وهل تشفي الخطابة والخطيبُ؟ |
وهل تجدي مناشدة الأعادي | عسى ترضى وتصفو أو تتوبُ ؟ |
وهل تُرجى المودّة من هجين | دَعيّ كلُّ ما فيه يُريبُ ؟ |
فأيُّ عروبة تحني وتجثو | لرعديد مطيته كذوبُ ؟ |
فيا لهفي على أوصال أرضي | يقطّعها المخاتل والغريبُ |
وواأسفي على أشلاء قومي | تمزّقها المخالب والنيوبُ |
إذا بلغ المتاهُ بنا هوانا | فقد عُذر المقاوم والغضوبُ |
ألا فليرحل الغازي طريدا | ويغرُبْ خلفَه الواشي الطليبُ |
ألِبّاء يرَون الوهْنَ عقلا | ألا بِئس التعقّلُ واللبيبُ |
إذا خملت عواصمنا شمالا | فإن الأرض يحميها الجنوبُ |
رجال عاهدوا صدقوا وصانوا | وإن خَذل المُؤمّرُ والقريبُ |
نفوس لا تساوم في هواها | وتهفو للقراع وتستجيبُ |
**** | |
أيا فعّالُ ياأمل السرايا | أغثنا لايضرِّسنا الرّسوبُ |
وأدرك في قوافلنا النواصي | عسى تهفو إلى غدها ، تثوبُ |
وألحقنا بأمّتنا نشيدا | عفيفا لا تخالطه العيوبُ |
أو احْشُرنا إلى عرس بهيّ | يعود به المُشرَّد والسّليبُ |
إلى أرض الكنانة فاض شوقي | وأغرتني القصيدة والحبيبُ |
لعلّ مُتوّجَ الشعراء يصحو | إذا ما زاره الركبُ المهيبُ |
فإن الحبّ أوقِد في الحنايا | ولفحُ العشق مخبَره الأديبُ |
سلاما أيّها الوصلُ المُفدّى | سلاما أيّها الهجرُ العجيبُ |
شفائي أن أرى وطني طليقا | خريطتُه التّآلف والطيوبُ |
شرايينُ التراب تظلّ أهدَى | ودربا فيه تجتمع الدّروبُ |
سيمضي العابرون بلا رجوع | وتبقى الأرضُ والحلم الرّقيبُ |
يهون العمرُ في طلب المعالي | وتنتصر العزائم والشعوبُ . |