النيل
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
اِلعَبْ هُنا بينَ أشواقي و وجداني | و امْرَحْ على وَقعِ أنغامي و ألحاني |
يا أيها النيلُ مهما كنتُ مُبتعداً | أراكَ في نَظرتي في كُلِّ أوطاني |
ألقاكَ في ظِلَّتي في الدَّربِ في لُغَتي | في قِصَّةِ الفَجرِ في تَعبيرِ ألواني |
هذي ضِفَافُكَ في صَدْري لها عَبقٌ | تَبُثُّ نجواي في سِرّي و إعلاني |
انظُر ترى ألفَ خُرطومٍ و قاهِرَةٍ | يَسبَحنَ يَمْرَحنَ في قلبي و وِجْداني |
يَلعَبنَ بالروحِ في لَهْوٍ و في مَرَحٍ | يَقفِزنَ مابينَ شِرْيانٍ و شِرْيانِ |
و قد نَصَبنَ لِهذا اللَّهوِ عارِضَةً | مِن كِبريائي و آمالي و أشْجَاني |
يا أيُّها النيلُ عِشْ نِيْلاً نَكُونُ به | نيلاً تَدَفَّقَ في رَمْلٍ و خِلْجانِ |
نيلاً مِنَ الحُبِّ مِن كُلِّ القلوبِ و مِنْ | هذي الصحاريَ مِن مَجْدٍ و إيمانِ |
مِن سِحْرِكَ العَذْبِ كَمْ أسقيتنا قِصَصاً | و كَمْ تَعَمْلَقْتَ في دَهْرٍ و أزمانِ |
العبقرياتُ مِن نَجْوَاكَ شَاربةٌ | مِنْ قَبلِ خوفو ويونانٍ و رُومانِ |
مِنْ قَبلَ أنْ تنتشي بالنَّارِ كاهِنةٌ | و يَنْطِقُ الفَنُّ في حَرْفٍ و بُنيانِ |
يا مَن تأرَّختَ لِلأحياءِ مُنْطَلَقاً | مِن قبلِ أنْ تلتقي أرضٌ بِإنسانِ |
مازالَ واديكَ في مَجْراهُ أوديةٌ | تجري وفاءً و تأبى كُلَّ نُكْرانِ |
تِلكَ القُلوبُ التي في أرْضِها نَبَضَتْ | كي يُبْدعَ الطينُ يَوْماً غَيْمَ أغصانِ |
و يُطْرِبُ الأرضَ صوتٌ أخضرٌ خَضِلٌ | حَفِيْفُ قَمْحٍ و زيتونٍ و رُمَّانِ |
يا أيُّها النيلُ في بُشراكَ أُمنيتي | فَانبعْ مِنَ القَلْبِ إنْ ضَيَّعتَ عنواني |
و اشرب مِنَ الحُبِّ آياتٍ مُقَدَّسَةً | فالنَّهرُ مِنْ دُونِ حُبٍّ شِبْهُ ثُعبانِ |
و النَّهرُ مِن دُونِ صَوتٍ لا حياةَ لَهُ | يُمِيتُهُ أيُّ فِرْعَونٍ و هامانِ |
و النَّهرُ مِن دُونِ رَفْضٍ لا يُطاوِعُهُ | وادي الملوكِ و لا يجري بِوُديانِ |
فانْحَتْ مجاريكَ و اقْطع كُلَّ مُنْعَرَجٍ | كالسَّيفِ سِر في ثنايا كُلِّ كُثبانِ |
إنَّ اليَبَابَ عَدوُّ الأرضِ مُجْدِبُها | أغْرِقْ لياليهِ لَوْ مِن فَيْضِ طُوفانِ |
ألا ترى كيفَ أحيا اللهُ مُجْدِبَةً | مِنْ بَعدِ مَوتٍ و إفلاسٍ و خُسْرانِ |
أمْسى بِها الماءُ فاهْتَزَّت بهِ و رَبَتْ | و أنبتت خَيْرَها مِن دُونِ حُسبانِ |
يا أيُّها النِّيلُ فَلْتَهْتَزُ ثانيةً | أرضٌ بِها القَحْطُ يَمحُو لَونَ شِطآني |
أرضٌ بِها القَحْطُ تستشري مَخَالِبُهُ | في لَهْجةِ الماءِ في أحلامِ بُستاني |
أرضٌ و إنْ تشربُ الأنهارَ منْ دَمِها | ما أنبَتَتْ غيرَ أصنامٍ و أوثانِ |
فَنظُرْ بِرَبِّك كيف الماءُ في يَدِها | و حوضُها بينَ جَوعانٍ و عَطْشانِ |
و أنْظرْ بِربِّك ، لاحِظْ ، كَيفَ تَرصُدُني | عَينُ التماسيحِ إنْ ناجيتُ خِِلاّني |