هَانَتْ مَعَالِمُ مَاتَ سَيِّدُهَا
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
هَانَتْ مَعَالِمُ مَاتَ سَيِّدُهَا | وَوَهَتْ دَعَائِمُ مَادَ أَيِّدُهَا |
وَرَحَّبَتْ سَمَاءٌ كَانَ فَرْقَدُهَا | مِلْءَ العُيُونِ فَبَانَ فَرْقَدُهَا |
وَيْحُ المَنِيَّةِ أَيُّ مُعْتَصِمٍ | مَدَّت إِلَى عَلْيَائِهِ يَدُهَا |
فِي مِصْرَ أَنَّاتٌ مُصَعَّدَةٌ | لُبْنَانُ مِنْ أَسَفٍ يُرَدِّدُهَا |
أَمُؤَلِّفِ الشَّرِكَاتِ مُقْتَحِماً | غَمَرَاتِهَا إِذْ عَزَّ مُوجِدُهَا |
وَمُهَنْدِسُ الأَمْصَارِ تَحْكُمُهَا | أُسُساً وَلا تُوَطِّدُهَا |
وَمَعَالِجُ الأَرْضَيْنِ تُصْلِحُهَا | مِنْ حَيْثُ كَانَ الجَهْلُ يُفْسِدُهَا |
لِلْمَالِ فِيهَا كُلُّ عَائِدَةٍ | تَزْكُو وَلِلأَوْطَانِ أَعْوَدُهَا |
تِلْكَ الحَدَائِقُ رَاعَ مَنْظَرُهَا | لِلآهِلينَ وَرَاقَ مَوْرِدُهَا |
تِلْكَ المَرَافِقُ فِي تَعَدُّدِهَا | يَخْتَالُ عُجْباً مَنْ يُعَدِّدُهَا |
يَا لِلأَسَى أَقْضَى مِصْرَ مِنْهَا | بِذَكَائِهِ وَتَوَى مُشَيِّدُهَا |
ذَاكَ الَّذِي وَرَدَ الرَّدَى نَصِفاً | وَلَهُ مِنَ الآثَارِ أَخْلَدُهَا |
كَانَتْ تُيَمِّمُ بَابَهُ زُمَرٌ | مَا اسْطَاعَ يُسْعِفُهَا وَيُسْعِدُهَا |
يَهِبُ الهِبَاتِ لِغَيْرِ مَا عِلَلٍ | فَيَزِيدُهَا بِرّاً تَجَرُّدُهَا |
وَيَكَادُ يُنْقَضُ فَضْلُ بَاذِلِهَا | فِي غِبْنِ نَائِلهَا تَعَوَّدَهَا |
شَأْنُ النُّفُوسِ وَقَدْ تَنَزَّهَ عَنْ | إِحْرَازِ شُكْرٍ النَّاسِ مَقْصَدُهَا |
خَلُصَتْ لِوَجْهِ الخَيْرِ نِيَّتُهَا | فَزَكَا مِنَ الذِّكْرَى تَزَوُّدِهَا |
يَا رَاحِلاً رُزْءُ القُلوبِ بِهِ | لَمْ يَنْتَقِصْ مِنْهُ تَعَدُّدُهَا |
مَا النَّارُ فِي حَطَبٍ تَضَرُّمِهَا | كَالنَّارِ فِي كَبِدٍ تَوَقُّدِهَا |
هَلْ رُحْتَ تَسْتَبِقُ المَرَاحِلَ فِي | دُنْيَاكَ حَتَّى حَانَ أَبْعَدُهَا |
لَكَأَنَّ مَشْهَدَكَ المَهِيبُ وَقَدْ | مَشَتِ المَحَامِدُ فِيهِ مَشْهَدَهَا |
تَبْكِي الشَّمَائِلُ أُنْسَ مُوحِشِهَا | وَمَكَارِمُ الأَخْلاقِ تُسْعِدُهَا |
كَانَ المِضَنَّةَ لِلنُّفُوسِ فَلَمْ | يَشْفَعْ بِهِ أَنْ ضَنَّ أَجْوَدُهَا |
مَادَتْ بِهَا شُمُّ الصُّرُوحِ فَهَلْ | شَعَرَتْ بِحَدْثَانٍ يُهَدِّدُهَا |
كَيْفَ الثَّبَاتُ وَكَانَ أَرْسَخَ مِنْ | طَوْدٍ فَلَمْ يَثْبُتْ مُشَيِّدُهَا |
تَبْكِي المُرُوءةُ أَنَّ نَاصِرَهَا | وَلَّى وَأَقْوَى مِنْهُ مَعْهَدُهَا |
تَوَتِ العَزَائِمُ غَيْرَ أَنَّ لَهَا | بَيْنَ الوَرَى سِيَراً تُخَلِّدُهَا |
وَلَهَا ذَخائِرُ فِي الحَيَاةِ وَفِي | مَا بَعْدُ يَبْلِي الدَّهْرَ سَرْمَدُهَا |
قَدْ كَانَ يُنْشِيءُ كُلَّ مَنْقَبَةٍ | يُدْعَى إِلَيْهَا أَوْ يُجَدِّدُهَا |
صَرَّفْتَ عَقْلَكَ فِي الفُنُونِ فَلَمْ | يَفْلُتْهُ أَجْدَاهَا وَأَجْوَدُهَا |
وَشَرَعْتَ فِي الأَعْمَالِ تُحْكِمُهَا | أُسُساً وَلا تَأْلُو تُوَطِّدُهَا |
اللهُ فِي أُمٍّ تُقِيمُ عَلَى | مَا نَابَهَا وَيَزُولُ أَوْحَدُهَا |
وَحَلِيلَةٌ فَقَدَتْ مُدَلَّهَةً | مَنْ كَانَ بَعْدَ اللهِ يَعْبُدُهَا |
وَشَقِيقَةٌ شَقَّتْ مَرَارَتَهَا | مِنْ حُزْنِهَا إِذْ بَانَ مُنْجِدُهَا |
وَعَشِيرَةٌ أَدْمَى مَآقِيَهَا | بِنَوَاهُ أَسْرَاهَا وَأَمْجَدَهَا |
هِيَ أُسْرَةٌ كَشَفَتْ مَقَاتِلَهَا | لِلدَّهْرِ لَمَّا صِيدَ أَصْيَدُهَا |
تَرْجُو ابْنَهُ لِمَفَاخِرَ وَعُلَى | فِي إِثْرِ وَالدِهِ يُجَدِّدُهَا |