البريد الأدبي
مدة
قراءة المادة :
10 دقائق
.
إلى درناوي صريح:
ورد لي ما لا يقل عن 32 خطابا من نواح مختلفة من البلاد العربية بمناسبة ما كتبته عن الصهيونية ثم عن دعوتي إلى الإسلام. إلا أن أمامي خطابا من أديب من درنة من برقة في ليبية.
وهو موقعه بهذا الاسم المستعار (درناوي صريح).
وهو الوحيد الذي لم يصرح باسمه وبإمضائه، وأنا مضطر أن أجاوبه عن طريق الرسالة، وهذا ما أقتطفه من رسالته قال: (وددت لو سكت حضرة الأستاذ أحمد عادل وعدل عن دعوتكم إلى الإسلام.
ما فائدة المسلمين يا ترى في هذا العصر (إذا زاد عددهم واحدا) وهم يربون على خمسمائة مليون نسمة.
(ما نفعهم) بعد الذي جرى في فلسطين المقدسة وسيجري عما قريب في مكة المكرمة (يعني إذا كان المسلمون لا يمدون أيديهم للإنقاذ) إن الإسلام بالإشارة لا ينفع ولا يضر.
والإسلام الحقيقي دين قول وعمل معاً، وما ضر المسلمون في هذا العصر إلا أنهم يعرفون الله (ولكنهم) لا يتبعون ما أمر به.
وإذا استثنينا الخلفاء الراشدين والصحاب والتابعين والأولياء الصالحين من عباده المخلصين وأحصينا الإسلام وغربلناه لوجدنا الإسلام الصحيح قليلا من هذا العدد الكثير.
نحن اليوم في حاجة ماسة للعربي المجاهد من أمثال الأستاذ نقولا الحداد والذي سن قلمه الكاوي وقت اللزوم وجعله وقفا لخدمة العروبة والإسلام وإنقاذ فلسطين، وذلك بتنبيه العالم على صفحات المجلات والجرائد إلى الصهيونية وتبيين حاضر اليهود وماضيهم (الزفت) مع الأنبياء والمرسلين ونياتهم السيئة نحو العالم العربي) الخ.
فأولا، أشكر الأستاذ الدرناوي الذي يقاسي الآن تحت نير الاستعمار الأجنبي الذي يعتبره سلعة تمنح لوصاية أجنبية - أشكر له حسن ظنهبي عظيم الشكر.
وما أكتبه في القضية الصهيونية لا يساوي قطرة دم مما يسفكه أولادنا في ميادين القتال في سبيل إنقاذ فلسطين.
وبكل أسف أقول إن هذه الدماء تسفك في ذمة بعض العرب الزعماء الذين ظهر أخيرا أن فيهم خونة (الخيانة العظمى) يشترون السلاح من مال أمتهم ثم يبيعونه لليهود.
إني آسف كل الأسف أن أضطر إلى أن نفضح أنفسنا.
ولكن الصبر على المضض يضاعف البلوى. لا أريد أن أتمادى في هذا الموضوع المؤلم.
وثانيا، أن أحد الأدباء فتح علي بابا كنت أتحاشاه طول حياتي وهو عرضه الإسلام علي.
وقد أفهمته بصراحة أني أقرب منه إلى الإسلام، فلم يقتنع.
واقترح علي آخر أنه ما دمت اعتقد أن الإسلام كالنصرانية فلماذا لا أعلن إسلامي؟ عجباً! ألكي أزيد ملايين المسلمين واحداً وأنقص ملايين النصارى واحداً؟ (إني أخرج من قضاء الله إلى قضاء الله). يا عزيزي، إن الدين الإسلامي كالدين النصراني عقيدة للعمل لا للقول.
وما دمنا نتجادل بالأقوال وننسى الأعمال فنحن إلى الوراء، في حين أن العالم كله ومنه اليهود إلى الأمام. كدت أيأس من تقدمنا في ميدان الكفاح العالمي، ميدان بقاء الأفضل والأقوى.
أكثر الله من أمثالك أيها الدرناوي (من درنة) لعلكم تنهضون بالأمة العربية وتدفعونها إلى الأمام. نقولا الحداد 2 شارع البورصة الجديدة بمصر النسبة إلى فلسطين: نشرت جريدة الأهرام الغراء كلمة لأحد مدرسي معهد طنطا تحت عنوان (فلسطي) خطأ فيها استعمال النسبة الشائعة (فلسطيني) إلى فلسطين معتمداً على ما جاء في (القاموس المحيط) في فصل الفاء باب الطاء، وهو فلسطون وفلسطين.
كورة بالشام.
تقول في حال الرفع بالواو، وفي النصب والجر بالياء، أو تلزمها الياء في كل حال، والنسبة فلسطي وأقول: اختلف اللغويون في النسبة إلى فلسطين أهي فلسطيني أم فلسطي وهذا الاختلاف فرع عن الاختلاف في حقيقة فلسطين أهي مفردة وجميع حروفها أصلية أم لفظها لفظ جمع المذكر السالم فتنزل منزلته وتجري مجراه فتعامل معاملته، فمن قال بالأول نسب إليها على لفظها بدون تغيير فيقول: هو فلسطيني وهي فلسطينية، ومن قال بالثاني عاملها معاملة هذا الجمع فرفعها بالواو فيقول مثلا: عاشت فلسطون عربية، ونصبها وجرها بالياء فيقول: دخلت الجيوش العربية فلسطين لتحريرها من الصهيونية العالمية، وتآمرت الدول الأجنبية على فلسطين لتحقيق المآرب الاستعمارية، وطبق عليها قاعدة النسب إلى الجوع وهي تفضي بالرجوع إلى مفردها وهو هنا فلسط وإن كان لم ينطق به أصلا فقال: هو فلسطي وهي فلسطية وإليك النصوص التي تثبت صحة ما قلت: جاء في لسان العرب في الكلام على (قنسرين) ما نصه: قنسرين وقنسرون كورة بالشام فمن قال قنسرين فالنسب إليه قنسريني، ومن قال قنسرون فالنسب إليه قنسري لأن لفظه لفظ الجمع، ووجه الجمع أنهم جعلوا كل ناحية من قنسرين كأنه قنسر، ولم ينطق به مفردا.
والقول في فلسطين والسيلحين وبيرين ونصيبين وصريفين وعاندين كالقول في قنسرين وجاء في القاموس وشرحه وقنسرين وقنسرون وهو قنسري عند من يقول قنسرون.
وقنسريني عند من يقول قنسرين إلى آخر ما سبق من اللسان. وجاء في اللسان وشرح القاموس في الكلام إلى (نصيبين) ما نصه: ونصيبين اسم بلد وفيه للعرب مذهبان منهم من يجعله اسماً واحداً ويلزمه الإعراب كما يلزم الأسماء المفردة التي لا تنصرف فيقول هذه نصيبين ومررت بنصيبين ورأيت نصيبين والنسبة نصيبي، ومنهم من يجريه مجرى الجمع فيقول هذه نصيبون ومررت بنصيبين ورأيت نصيبين قال: وكذلك القول في بيرين وفلسطين وسيلحين وياسمين وقنسرين والنسبة إليه على هذا نصيبني وبيريني وكذلك أخواتها؟ قال ابن بري رحمه الله ذكر الجوهري أنه يقال هذه نصيبين ونصيبون والنسبة إلى قولك نصيبين نصيبي وإلى قولك نصيبون نصيبني قال والصواب عكس هذا لأن نصيبين اسم مفرد معرب بالحركات فإذا نسبت إليه أبقيته على حاله فقلت هذا رجل نصيبني، ومن قال نصيبون فهو معرب إعراب جموع السلامة فيكون في الرفع بالواو وفي النصب والجر بالياء، فإذا نسبت إليه قلت هذا رجل نصيبي فنحذف الواو والنون قال وكذلك كل ما جمعته جمع السلامة ترده في النسب إلى الواحد. فنقول في زيدون اسم رجل أو بلد زيدي ولا تقل زيدوني فتجمع في الاسم الإعرابين وهما الواو والضمة. وجاء في شرح القاموس قال الأزهري في التهذيب: نونها (فلسطين) زائدة، وقال غيره بل هي كلمة رومية والعرب في إعرابها على مذهبين الخ. وجاء في (معجم البلدان) قبل إنها سميت بفلسطين بن سام ابن أرم بن نوح عليه السلام.
أو بفلسطين بن كلثوم، أو بفليشين ابن كسلوخيم من بني بات بن نوح.
ثم عربت إلى فليشين الخ. بعد هذه النصوص الواضحة لا أرى وجها لتخطئة فلسطيني وفلسطينية تلك النسبة الدقيقة الصحيحة المألوفة، ولو أنصف اللغويون فذكروا هذه النسبة بجوار النسبة (فلسطي) كما صنعوا في قنسرين ونصيبين.
فنجوا من القصور والتقصير وأرشدوا القراء إلى الحقيقة ولعلهم تركوها لأنها واضحة أو لفهمها من نظائرها. علي حسن هلالي بالمجمع اللغوي فارس الخوري: (فارس الخوري) من الشخصيات الخالدة التي لا تنسى، خدم وطنه وأمته، وضرب في ميدان السياسة الدولية بسهم وافر بيض فيه وجه سوريا ووجده الأمة العربية جمعاء، ولهذا الرجل في سوريا احترام بالغ من مختلف الطبقات، فهو بين السياسيين شيخهم وإمامهم، وبين العلماء والمثقفين أستاذهم وزعيمهم، وبين رجال الحكم صديقهم وكبيرهم، وعند الناس جميعاً (فارس الخوري) وكفى.
قالت عنه مجلة (المصور) الغراء بأنه من فرسان الثورة العربية وممن نجح في استغلال الاحتكاك الإنجليزي الفرنسي المتخلف عن الحرب في سوريا، وأضافت بأنه اختلف - بعد التطهير والنجاح - مع أنداده فكان ممن جوزي جزاء صبار.
.
وقالت بأنه لا يستند إلى عصبية حزبية تجعل منه صاحب نفوذ في بلده، ولذلك فهو قانع بما أصاب من نجاح، وهو قانع بدوره الهادئ خارج الحدود.
وأفهم من هذا أن (فارس الخوري) لم يقدر حق قدره وإنه ما زال بحاجة إلى عصبية تؤيده، وحزبية تسانده، ليبلغ مكانه اللائق في بلاده، ولذلك قنع بأن يكون مندوباً عن سوريا ورئيس وفدها في مجلس الأمن، واجب أن ألفت نظر (المصور) الغراء إلى أن (فارس الخوري) قد بلغ مكانه اللائق، وقدرته الأمة، وأحسنت له الجزاء، فانتخبته (نائباً) عنها وهو في أمريكا، ولم يتقدم لمنازعته مرشح آخر فانتخب بالتزكية، ثم انتخبه المجلس النيابي رئيساً له في هذه الدورة وفي الدورة السابقة، وكان في حقبة مضت رئيساً للوزراء. وفي نظري أن (فارس الخوري) لا يطمع إلى أبعد من هذا، وهو قانع بما أصاب من صيت ذائع واسم لامع وشهرة تسامق الفرقدين، وحسبه أنه في عداد العباقرة الخالدين. (القاهرة) عمر الخطيب (فتى الفيحاء)