فِي ذِمَّةِ اللهِ وَفِي عَهْدِهِ
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
فِي ذِمَّةِ اللهِ وَفِي عَهْدِهِ | شَبَابُهُ النَّاضِرُ فِي لَحْدِهِ |
سَمَتْ بِهِ عَنْ مَوْقِفٍ عِزّةُ | تَخْرُجُ بِالَأرْشَدِ عَنْ رُشْدِهِ |
زَانَتْ لَهُ حَوْضَ الرّدَى زِينَةً | تَظْمَأُ بِالرّاوِي إلى وِرْدِهِ |
لَهْفِي عَلَيْهِ يَوْمَ جَاشَ الأَسَى | بِهِ وَفَاضَ الحُزْنُ عَنْ حَدِّهِ |
فَطَمَّ كَالسَّيْلِ عَلَى صَبْرِهِ | وَعَالَجَ العَزْمَ إِلَى هَدِّهِ |
وَاكْتَسَحَ الآمَالَ مَنْثُورَةً | كَالوَرَقِ السَّاقِطِ عَنْ وَرْدِهِ |
وَدَارَ فِي الغَوْرِ بِمَا كَانَ مِنْ | هَوَاهُ أَوْ شَكْوَاهُ أَوْ وَجْدِهِ |
فَرَاحَ لَا يَشْعُرُ إلّا وَقَدْ | أَلقَاهُ تَيارٌ إلى نِدهِ |
بَاغَتَهُ اليَأْسُ وَأَيُّ امْرِيءٍ | يَقْدِرُ فِي حَالٍ عَلَى رَدِّهِ |
وَاليَأْسُ إِنْ فَاجَأَ ذَا مَرَّةٍ | دَوَّخَ ذَا المِرَّةِ عَنْ قَصْدِهِ |
طَيْفٌ بِلا ظِلٍّ كَتُومُ الخُطَى | مَنْ يَعْتَرِضْ مَسْلَكَهُ يُرْدِهِ |
مُنْتَعِلُ البَرْقِ خَفِيُّ السُّرَى | يُصِمُّ بِالرَّعْدَةِ عَنْ رَعْدِهِ |
مَهْلكَةُ الآسَادِ فِي نَابِهِ | وَصَرْعَةُ الأَطْوَادِ فِي زَنْدِهِ |
كُلُّ قُوَى التَّشْتِيتِ فِي لِينِهِ | وَكُّلُّ بَطْشِ البَيْنِ فِي شَدِّهِ |
يُلابِسُ الجِسْمَ وَيَغْشَى الحَشَى | وَيَمْلأُ الهَامَةَ مِنْ وَقْدِهِ |
فَالمُبْتَلَى فِي حُلُمِ مُوهِنٍ | مُوهٍ يَكِلُّ العَزْمَ عَنْ صَدِّهِ |
حُلْمٍ هُلامِيُّ اللَّظَى فَاجِعٍ | يَبْلُغُ مِنْهُ مُنْتَهَى جَهْدِهِ |
حَتَّى إِذَا مَا امْتَصَّ مِنْهُ النُّهَى | فِي مُسْتَطِيلِ الجُنْحِ مُسْوَدِّهِ |
أَطْلِقْهُ مِنْ حَالِقٍ ذَاهِلاً | فِي نِيلِهِ يَهْلِكُ أَوْ سِنْدِهِ |
مُفَارِقاً غُرَّ أَمَانِيهِ | أَوْ مُوتِمَ الأَطْهَارِ مِنْ وَلْدِهِ |
وَاهاً لِمَبْكِيٍّ عَلَى فَضْلِهِ | مُفْتَقِدِ الآدَابِ فِي فَقْدِهِ |
صِيدَ مِنَ المَاءِ وَلَوْ أَنْصَفُوا | لَظَلَّ فِي المَاءِ عَلَى وُدِّهِ |
يَهُزُّهُ المَوْجُ رَفِيقاً بِهِ | كَمَا يُهَزُّ الطِّفْلُ فِي مَهْدِهِ |
مَضَى نَقِيَّ الجِسْمِ وَالبُرْدِ لا | فِي جِسْمِهِ لَوْثٌ وَلا بُرْدِهِ |
مَا ضُرِّجَتْ بِالدَّمِ أَثْوَابُهُ | وَلا وَرَى الصَّادِعُ مِنْ زِنْدِهِ |
مُبْتَرِداً بِالمَاءِ فِي نَفْسِهِ | شُغْلٌ عَنِ المَاءِ وَعَنْ بَرْدِهِ |
مَاتَ مُرَجًّى فِي اقْتِبَالِ الصِّبَا | يَا خَيْبَةَ الدُّنْيَا وَلَمْ تَفْدِهِ |
طَلَّقَهَا زَلاَّءَ لَمْ تَرْعَ مَا | آثَرَ أَنْ تَرْعَاهُ مِنْ عَهْدِهِ |
وَلَمْ يُفَارِقْ بِمُنَاءاتِهَا | سِوَى أَذَاهَا وَسِوَى سُهْدِهِ |
مَا كَانَ أَدْنَى العَيْشَ عَنْ رَأْيِهِ | وَأَضْيَقَ الأَرْضِ عَلَى جُهْدِهِ |
وَكَانَ أَوْفَاهُ لِمَحْبُوبِهِ | لَوْلا انْحِطَاطُ العُمْرِ عَنْ قَصْدِهِ |
فَرُبَّ رَسْمٍ بَاتَ فِي جَيْبِهِ | وَعَنْ ذَاكَ الرَّسْمِ فِي كِبْدِهِ |
هَوَى أَبَى دَارَ التَّنَاهِي لَهُ | دَاراً فَرَقَّاهُ إِلَى خُلْدِهِ |
مَا مَاتَ بَلْ نَام أَلَمْ تَنْظُرُوا | إِلي احْمِرَارِ الوَرْدِ فِي خَدِّهِ |
مَا مَاتَ بَلْ نَام أَلَمْ تُبْصِرُوا | لَيَانَةَ المَعطِفِ فِي قَدِّهِ |
نَامَ عَنِ الدَّهْرِ الخَؤُونِ الَّذِي | فِي هَزْلِهِ الغَدْرُ وَفِي جِدِّهِ |
عَنْ قَاتِلِ النُّبْلِ عَدُوِّ الحِجَى | مُظْمِيءِ نصْلِ السَّيْفِ فِي غِمْدِهِ |
عَنْ صَادِقِ الرَّمْزِ بِإِبْعَادِهِ | وَكَاذَبَ الإَيْمَانِ فِي وَعْدِهِ |
عَنْ مُغْرِقِ العَالِمِ فِي بُؤْسِهِ | وَمُغْرِقِ الجَاهِلِ فِي سَعْدِهِ |
عَنْ ظَالِمِ القَاصِدِ فِي حُكْمِهِ | وَفَاطِمِ المَاجِدِ عَنْ مَجْدِهِ |
بِنْتَ حَكِيماً فَاسْتَرِحْ نَاسِياً | مَا نِلْتَ مِنْ خَيْرٍ وَمِنْ ضِدِّهِ |
لا سُبَّةً تَخْشَى وَلا شُبْهَةً | مِنْ سُقْمَاءِ الرَّأْيِ أَوْ رُمْدِهِ |
أَقَالَكَ الحَقُّ فَمَا عَاثِرٌ | مَنْ كَانَتْ العَثْرَةُ فِي جِدِّهِ |
مَنْ ذَلَّ فَلْيُولِكَ مِنْ عُذْرِهِ | أَوْ عَزَّ فَلْيُولِكَ مِنْ حَمْدِهِ |
سَقَاكَ دَمْعِي نَضْحَةً صُنْتُهَا | إِلاَّ عَنِ الوَافِي وَعَنْ وُدِّهِ |
وَعَنْ عَظِيمِ الخُلْقِ مُسْتَنِّهِ | وَعَنْ قَوِيمِ الفِكْرِ مُسْتَدِّهِ |
وَاللهُ رَاعِيكَ أَلَيْسَ الَّذِي | جَاءَكَ فِي الحَالَيْنِ مِنْ عِنْدِهِ |